Consultation Image

الإستشارة 27/03/2025

أنا شاب لم يسبق لي الزواج تعرفت على سيدة مطلقة من أحد الجروبات وأخبرتني أنها تحبني وأنا صدقتها وخطبتها، وكنت أحاول أكون سند لها وأحاول تعويضها عن تجربتها الأولى السيئة التي مرت، ولكن بعد مرور عدة شهور اكتشفت أنني اعطي فقط وأن حبها لي مجرد كلمة وأنها تحاسبني بذنب من سبقني لحياتها وأنا مللت هذه العلاقة ولا أريد أن أبدو في صورة الشاب الطائش، وفي الوقت نفسه أشعر أن حياتي معها ستكون جحيم.. فهل من نصيحة؟

الإجابة 27/03/2025

أخي الكريم، أهلاً وسهلاً ومرحبًا بك في الشبكة الإلكترونية للاستشارات لمجلة المجتمع..

 

في الحقيقة لا أحب أبدًا لوم طالب الاستشارة، فما حدث قد حدث بالفعل، إلا أن الإنسان الذكي هو من يتعلم من أخطائه، فنحن لا نتعرف على زوجة المستقبل أبدًا عن طريق الجروبات، ولا نُقدم على فكرة الزواج لأن هناك من قالت لك أحبك حتى لو كانت صادقة.

 

والأمر بالأساس ليس له علاقة بكونها مطلقة أو لا، فنحن لا نحكم على زوجة مستقبلية كونها ثيبًا أو بكرًا، فهناك صفات أخرى أكثر جوهرية {عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارً}، وتم تقديم الثيبات على الأبكار في الآية.

 

وعلى الرغم من ذلك فعندما يكون الذي يتزوج شابا لم يسبق له الزواج فإنه يفضل أن يتزوج بفتاة بكر إلا لمبرر قوي، وتأمل أخي الكريم هذا الحديث عن جابر قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل نكحت؟ قلت: نعم، قال: أبكرًا أم ثيبًا؟ قلت: ثيب، قال: فهلا بكرًا تلاعبها وتلاعبك، قلت: يا رسول الله قُتل أبي يوم أُحد وترك تسع بنات فكرهت أن أجمع إليهن خرقاء مثلهن ولكن امرأة تمشطهن وتقوم عليهن، قال: أصبت". زاد الشيخان في رواية: "وتضاحكها وتضاحكك، وفي آخره قال فبارك الله لك أو قال خيرًا"، وفي رواية لهما "فأين أنت عن العذارى ولعابها".

 

فجابر شاب لم يسبق له الزواج توفي والده وترك له عددًا كبيرًا من الأخوات البنات؛ لذلك تزوج بسيدة تمتلك من الخبرة ما يجعلها تستطيع إدارة شئون حياتهن، وكان هذا مبرره الذي ذكره للنبي وهو يسأله لماذا لم يتزوج ببكر مثله لم تتحمل بعد مرارات تجارب الحياة فتكون في الغالب شخصية مرحة ولطيفة.

 

علاقة تبادلية

 

يا أخي الفاضل، شُرع الزواج كي يكون سكنًا يمنح الإنسان الاستقرار المنشود {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}، هذا السكن وهذا الحب وهذه الرحمة تحدث في علاقة تبادلية جميلة يستطيع كل طرف فيها أن يكون سترًا نفسيًّا للآخر {هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ}...

 

أريدك أن ترى واقعك في هذه المرآة كي تحكم عليه.. أتعلم لو كنت بالفعل تزوجت خاصة لو كان لديك طفل كنت سأستميت في الدفاع عن هذا الزواج، وإنما وقد شرعت الخطبة للتعارف، وبما أنك تشعر أنه سيكون زواجًا يشبه الجحيم ذلك الذي يعتمد أن تعطي وتعطي فقط وتحاول أن تداوي جروحًا لم تتسبب فيها، بينما أنت لا تحظى بأي اهتمام فأي زواج منتظر هذا؟!

 

اتخاذ القرار

 

أخي الكريم، دعني أصارحك أنك اتخذت قرار الخطبة بصورة ليست متسرعة فحسب وإنما بلا أي أسس، فلم يكن لديك أجندة واضحة فيمن ترغب فيها كزوجة مستقبلية، وهي الأجندة التي من المفترض أن يكون الدين في صدر صفحاتها "فاظفر بذات الدين تربت يداك"، وإنما أنت انسقت لانفعالك ولا أقول عاطفتك فأنت لم يتحرك شعورك تجاهها إلا بعد أن قالت لك أنها تحبك.

 

وعلى الرغم من أن كلامها يثير الريبة ويفتقد الحياء فإنه يبدو أنه لمس وترًا حساسًا داخلك، وأظن أنك كنت بحاجة أن تشعر بأنك موضع اهتمام الطرف الآخر، إلا أن التجربة أثبتت لك أنك لم تحظ بالاهتمام الذي تنشده وهو ما دفعك للتفكير الجدي في الانفصال، إلا أنك هذه المرة طلبت الاستشارة ولم تُسرع باتخاذ قرار، خاصة أنك تخشى لو تركتها أن ترى نفسك في صورة الشاب الطائش المندفع المتهور..

 

وفي الحقيقة هذه المرة أنت أبعد ما تكون عن هذا، وكي تكون مطمئنا لقرارك فعليك أن تصلي صلاة الاستخارة أولا ثم تتحدث معها بشكل صريح عما يزعجك ويشعرك بالتوتر، وأنك لا تشعر معها بأنكما في علاقة يتم فيها تبادل العطاء، وأنك تشعر أنها تحاسبك على ذنوب أنت لم تقترفها وإن كانت هي عانت منها فتمنحها فرصتها كاملة في الرد وتمنحها فرصتها كاملة أن تغير سلوكها معك بحيث لا تصدمها بقرار فجائي من جهتك وإن كان من حقك.

 

ولا تتعسف معها.. امنحها فرصتها كاملة فهي ليست بحاجة لمزيد من الكسور والأوجاع، ثم خذ قرارك إما بالاستمرار أو الانفصال، واعلم أن كليهما ليس سهلا فهناك ثمن سيدفع في كل اختيار.. الاستمرار غالبا سيترك لديك حاجات غير مشبعة، والانفصال لن يكون سهلا لأنك تعلقت بها، ولا بد لك من اتخاذ قرارك بنفسك وتحمل تبعاته، وصلاة الاستخارة تقوم بتهيئتك نفسيًّا لهذه التبعات وتجعلها محتملة ممكنة سهلة.. يسر الله أمرك وكتب لك الخير.

الرابط المختصر :