الإستشارة - المستشار : د. عادل عبد الله هندي
- القسم : دعوية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
55 - رقم الاستشارة : 1312
13/03/2025
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا شاب أشعر بالأسى تجاه أخي الذي لا يصلي، بل ويقع في معاكسة الفتيات، ولا يبدو أنه يفكر في الآخرة أو يخشى الله. حاولت أن أنصحه، لكنه لا يستجيب لي، وأخشى أن يستمر في هذا الطريق حتى يضيع. كيف أتعامل معه بطريقة حكيمة تؤثر في قلبه وتقوده إلى الصواب؟ أرجو توجيهي إلى أسلوب دعوي يجمع بين الرحمة والحكمة، ويكون مؤثرًا في إعادته إلى الله.
السائل الكريم، وفقك الله ورعاك، وأحسن الله إليك وجزاك خيرًا على غيرتك وحرصك على هداية أخيك، فهذا شعور نبيل يدل على قلب رحيم ونفس تحب الخير للناس، وهو ما أثنى عليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خير لك من حُمُرِ النَّعَم).
واعلم بأنّ اهتمامك بأمر أخيك وتفكيرك في طريقة دعوته يعكس فطرتك السليمة وإحساسك بالمسؤولية، فبارك الله فيك وجعل عملك في ميزان حسناتك.
وإليك روشتة عملية تمكّنك من العمل على هدايته والأخذ بيده إلى الله تعالى، وذلك في ضوء النقاط التالية..
أولًا: افهم حاله لتصل إلى قلبه
فقد يكون أخوك غارقًا في الدنيا، منصـرفًا عن الآخرة بسبب ضعف الإيمان أو الصحبة الفاسدة أو شهوات النفس، وربما مرّ بتجارب أثّرت عليه وجعلته يبتعد عن طريق الله؛ لذا فإن أول خطوة هي فهم الدوافع التي جعلته يسلك هذا الطريق، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- كان يتعامل مع كل شخص بحسب حاله، فيأخذ بيده بلطف حتى يصل إلى الهداية.
ثانيًا: كن قدوةً قبل أن تكون ناصحًا
قد لا يتأثر أخوك بالمواعظ المباشرة، لكنه قد يتأثر بسلوكك وأخلاقك. فَكُن مثالًا حيًّا للصَّلاح، أظهر له جمال الالتزام، وَأَشْعِرْهُ أن القرب من الله يمنح القلب طمأنينة وسعادة لا يجدها في معصيته. قال تعالى: ﴿ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ﴾، فالموعظة الحسنة تكون بالفعل قبل القول.
ثالثًا: استخدم أسلوب المحبة لا التوبيخ
فإنّ النصيحة التي تأتي بقلب مشفق تصل أسرع من التي تأتي بأسلوب التقريع. حدّثه عن رحمة الله، عن عفوه، عن سعة مغفرته، واجعل حديثك محفوفًا بالأمل. أخبره أن الله يفرح بتوبته، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (... للهُ أشدُّ فرحًا بتوبة عبده...).
رابعًا: ذكّره بالموت لكن بِلُغَةِ الرَّحمة والشفقة عليه
ولا بأس أن تذكّره بلقاء الله، لكن دون إفزاع أو يأس، بل بأسلوب يجعل القلب يلين، كأن تقول له: يا أخي، تخيّل لو أن الله غفر لك كل ما مضـى، وكتب لك بداية جديدة، ألا تحب أن تبدأ صفحة بيضاء مع الله؟
خامسًا: ادعه إلى بيئة صالحة معينة
حاول أن تُدخله إلى مجتمع طيب، قد يكون ذلك عبر دعوته لحضور درس ديني خفيف، أو الخروج مع رفقة صالحة، أو حتى متابعة مقاطع مؤثرة عن التوبة والرجوع إلى الله.
سادسًا: الدعاء سلاح القلوب
لا تيأس من رحمة الله، ولا تتوقف عن الدعاء له، فقد يفتح الله قلبه بسبب سجدة منك في جوف الليل. ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: (إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد، يصـرفه حيث يشاء).
وختامًا أيها الشاب الكريم: اعلم بأنّ رحلة الهداية تحتاج إلى صبر، وأنت على خير ما دمت تبذل جهدك بحكمة ورحمة. ولا تنس أن لكل شخص لحظة قد يطرق فيها باب التوبة، فكن عونًا له حين يأتي أوانها، لعل الله يجعلك سببًا في نجاته، فيكون ذلك أعظم ما تكسبه في دنياك وآخرتك، وأسأل الله تعالى أن يعينك بعونه وأن يمدّك بمدد منه، وأن يتقبل سعيك في الخير..