الإستشارة - المستشار : د. رجب أبو مليح محمد
- القسم : فقهية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
29 - رقم الاستشارة : 1838
06/05/2025
ما المقصود بما يسمى البورصة، وهل التعامل فيها حلال أم حرام ؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فالبورصة سوق ذات طبيعة خاصة تتفق مع السوق العادية في أن كلا منهما مكان بيع وشراء، وتختلف عنها في أن سوق الأوراق المالية لها لوائح ونظم تختلف عن السوق العادية. أما الحكم الفقهي فلا يمكننا أن نعطي حكمًا فقهيًّا واحدًا لهذه السوق التي تُباع فيها البضائع بكل أنواعها، والأوراق المالية وفيه الجائز شرعًا وفيها المحرم، وبالتالي لا يمكن أن نعطي لها حكمًا واحدًا بالحل أو الحرمة، لكن لكل معاملة في سوق الأوراق المالية حكم خاص.
غير أن ما يمكننا التأكيد عليه هنا أن هذه السوق نشأت في حضارة غير حضارتنا وفي ظل أحكام قانونية تختلف في كثير منها مع أحكام الشريعة الإسلامية، ولو كانت للحضارة الإسلامية الهيمنة ما نشأت هذه السوق في ظلها، وخاصة أنها تقوم في كثير من حالاتها على الاقتصاد الوهمي وليس المثمر ولا المنتج.
وقد رأت ندوة الأسواق المالية (المكلفة من مجمع الفقه الإسلامي الدولي) التي عُقدت في المغرب سنة 1989م أن العناية بالأسواق المالية من الواجبات الشرعية، فجاء في توصياتها:
"في ضوء ما هو مقرر في الشريعة الإسلامية من الحث على الكسب الحلال واستثمار المال وتنمية المدخرات، ولما للأسواق المالية من دور في تداول الأموال وتنشيط استثمارها فإن العناية بأمر هذه الأسواق هي من تمام إقامة الواجب في حفظ المال وتنميته باعتبار ذلك أحد مقاصد الشريعة، وباعتبار ما يستتبعه هذا من التعاون لسد الحاجات العامة وأداء ما في المال من حقوق دينية أو دنيوية".
وبالرغم من أهمية هذه الأسواق في حياة الأمة الإسلامية فإن الندوة لم تغفل الأجواء التي هيمنت على تكوينها، فقد نشأت هذه الأسواق أول ما نشأت في أحضان الرأسمالية بعيدًا عن منهج الإسلام؛ ولذلك فليست البورصة بوضعها الحالي هي الأنموذج الإسلامي المرتجى للتنمية الاقتصادية الإسلامية، فقد جاء في توصيات الندوة:
"بعد استعراض المشاركين في الندوة لما تناولته البحوث المقدمة والمناقشات المستفيضة في قوانين الأسواق المالية القائمة وأنظمتها وآلياتها وأدواتها، تبين بوضوح أن هذه الأسواق - مع الحاجة إلى أصل فكرتها - هي في حالتها الراهنة ليست النموذج المحقق لأهداف تنمية المال واستثماره من الوجهة الإسلامية، وهذا الوضع يتطلب بذل جهود علمية مشتركة من الاقتصاديين والفقهاء لمراجعة ما تقوم عليه من أنظمة وما تعتمده من آليات وأدوات وتعديل ما ينبغي تعديله في ضوء مقررات الشريعة الإسلامية".
والله تعالى أعلى وأعلم