الإستشارة - المستشار : د. عادل عبد الله هندي
- القسم : دعوية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
76 - رقم الاستشارة : 1511
05/04/2025
أنا فتاة جامعية، أتمنى أن أكون من العظماء في هذا العصر، كما كانت النساء العظيمات في التاريخ الإسلامي. كيف أصل إلى مرحلة العظمة والريادة مع محافظتي على ديني وأخلاقي وعلمي؟ وأريد أن يكون الجواب عامًّا لجميع الفتيات، فنحن بحاجة إلى عظيمات كما نرى العظماء من الرجال.
يا ابنة الإسلام الطموحة، ما تسعين إليه ليس مجرد أمنية، بل هو واجب ورسالة؛ فالعظمة ليست حكرًا على أحد، بل هي لمن أعدّ لها عدّتها وسار في دروبها. وقد كانت المرأة المسلمة دائمًا عظيمة ورائدة في مجالات العلم، والقيادة، والجهاد، والتربية، والإصلاح.
أولًا: العظمة تبدأ من داخلكِ
فالعظمة ليست لقبًا يُمنح، بل هي روح وقيمة تنبع من داخلك. وكل عظيمة مرت في التاريخ بدأت من ذاتها، من إصلاح قلبها، وعلو همّتها، وإيمانها العميق بأنها خُلقت لرسالة سامية، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ﴾. فابدئي بتغيير نفسك؛ فالأمم العظيمة تُبنى بالعظماء الذين غيّروا أنفسهم أولًا.
ثانيًا: اتخذي من العظماء قدوة لكِ
إنّ العظمة لا تأتي من فراغ، بل هي اقتداء بأفضل النماذج، اقتداء في الإيمان والثبات: كوني كخديجة التي كانت السند الأول للنبي ﷺ. اقتداء في العلم والفكر: كوني كعائشة التي كانت بحرًا من العلم والفقه. اقتداء في الإصلاح والقيادة: كوني كأسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين، وكالسيدة نفيسة التي علّم علمها الرجال. اقتداء في البذل والتضحية: كوني كنسيبة بنت كعب، الصحابية المجاهدة التي وقفت تدافع عن النبي ﷺ في أُحُد. ابحثي عن النماذج العظيمة واقرئي سيرهنَّ فستجدين نفسكِ تسيرين على دربهنّ.
ثالثًا: استثمري طاقاتك في العلم والعمل
فالعظيمات لم يصلن إلى مجدهن إلا بالعلم والعمل الجاد. فالعلم هو أساس الريادة، والعمل هو ميدان التميز.
* إن كنتِ طالبة علم، فتميزي في مجالك، واسعي لأن تكوني مرجعًا فيه.
* إن كنتِ ناشطة في المجتمع، فابحثي عن قضايا أمتكِ وكوني لها صوتًا.
* إن كنتِ معلمة، فازرعي العظمة في قلوب الجيل القادم.
* وتذكري قول النبي ﷺ: "خير الناس أنفعهم للناس".
رابعًا: كوني ذات هدف ورسالة
العظمة ليست مجرد نجاح شخصي، بل رسالة تحملينها لأمتكِ: فحددي رسالتكِ في الحياة، واسألي نفسكِ: ماذا أريد أن أقدّم للعالم؟ واجعلي حياتك مليئة بالأثر؛ فالعظماء لا يعيشون لأنفسهم فقط، بل يحملون همّ الأمة، ولا تستهيني بأي دور تؤدينه، فكل خطوة في طريق الخير تصنع تغييرًا.
خامسًا: ثقي بنفسكِ وكوني صاحبة عزيمة
فكل عظيمة واجهت عقبات، لكن الفرق أنها لم تستسلم، فلا تخشي الفشل، فهو جزء من طريق النجاح، ولا تتراجعي أمام النقد؛ فالعظماء يُختبرون دائمًا، وَثِقِي بقدراتكِ، واعلمي أنكِ خُلقتِ لتكوني عظيمة، فلا تصغري من قيمتكِ.
سادسًا: احملي همّ الأمة في قلبكِ
فالعظماء لا يعيشون لأنفسهم فقط، بل يحملون هم أمتهم، انظري إلى واقع المسلمين اليوم، هل يرضيكِ؟ وكوني صوتًا للمظلومين، نصيرة للمحتاجين، داعمة للمستضعفين، واجعلي علمكِ وعملكِ وسيلة لنصرة الحق وخدمة الأمة الإسلامية، قال النبي ﷺ: "مثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثلُ الجسدِ، إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائرُ الجسدِ بالسهرِ والحمى" [رواه مسلم].
سابعًا: توازني بين الدنيا والآخرة
فالعظمة الحقيقية ليست فقط في النجاح الدنيوي، بل في أن يجتمع لكِ خير الدنيا والآخرة.
* كوني متفوقة في دنياكِ، لكن لا تهملي آخرتكِ.
* اجعلي عبادتكِ وقربكِ من الله مصدر قوتكِ وثباتكِ.
* اعلمي أن القمة الحقيقية ليست في الشهرة، بل في رضوان الله.
* قال الله تعالى: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [آل عمران: 133].
وأخيرًا:
أيتها الفتاة الطموحة، لا تنتظري أن تُمنح لكِ العظمة، بل اصنعيها بنفسك. العظماء لا يولدون عظماء، بل يصنعون مجدهم بالإيمان، والعلم، والعمل، والهمة العالية.
لا تقولي: من أنا؟ بل قولي: أنا التي سأكون عونًا لديني وأمتي، وسأترك أثرًا خالدًا في هذه الحياة. فالعالم ينتظر عظمتكِ، والأمة تحتاج إليكِ، والمستقبل بين يديكِ. فكوني عظيمة! وأسأل الله تعالى أن يحفظكِ بحفظه، وأن يجعلكِ من العظيمات المؤثِّرات.