الإستشارة - المستشار : د. عادل عبد الله هندي
- القسم : دعوية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
6 - رقم الاستشارة : 1865
07/05/2025
أنا شابٌّ ملتزم، وأحبّ ديني، ولا أستغني عن الإنترنت في حياتي اليومية سواء في الدراسة أو العمل أو التسلية، لكني أُواجَهُ كثيرًا بمحتوى يحمل شبهات فكرية ودينية خطيرة على السوشيال ميديا، وأخاف أن تؤثِّر فيّ هذه الشُّبَه مع تكرارها، أو تفسد عليَّ صفاء قلبي. كيف أستطيع استخدام الإنترنت، ومواقع التواصل، دون أن أسقط في الشبهات أو أُلوَّث فكريًّا وعقديًّا؟ أريد طريقًا يحفظ إيماني ويُبقيني متّصلًا بالعصر.
أخي الشاب المبارك، ما أصدق هذه الكلمات التي خرجت من قلبٍ يخشى على دينه، ويطلب السلامة لعقله وروحه! وهذا -والله- من علامات اليقظة الإيمانية، فإن الفِتَن تُعرض على القلوب كعرض الحصير عودًا عودًا، فمن ثبّت الله قلبه ثبت، ومن غفل تاه.
الإنترنت لم يعد خيارًا يمكن تجاهله، لكنه كالبحر، فيه الدرّ وفيه الغرق، فكن كالباحث عن اللؤلؤ، لا كالغريق الذي يتبع التيار، قال تعالى: ﴿وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا، لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا﴾.
أولًا: اعرف طبيعة الشُّبهات
فالشبهات ليست معلومات علمية محضة، بل "حقٌّ ممزوجٌ بباطل"، تظهر أحيانًا في صورة "أسئلة منطقية"، لكنها في الحقيقة "تلبيسات شيطانية" تفتقر للمنهج والعمق، وقد قال النبي ﷺ عن زمن الفتن: (يُمْسِي الرَّجُلُ مُؤْمِنًا، وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا)، ولذلك فالتحصين الواعي ضرورة لا ترف.
ثانيًا: التسلّح بالعلم قبل الانفتاح
قال الله تعالى: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ﴾ فجعل العلمَ مقدِّمةً للتوحيد، والنبي ﷺ بيّن أن النجاة من الفتن تكون بالتثبّت من العلم؛ فقال: (إنَّ مَن كان قبلَكم من أهلِ الكتابِ افترقوا على اثنتينِ وسبعينَ ملَّةً، وإنَّ هذه الأمَّةَ ستفترقُ على ثلاثٍ وسبعينَ، كلُّها في النَّارِ إلَّا واحدةً، وهي الجماعةُ)، فمن أراد السلامة من الضلال، فليلزم جماعة أهل الحق، وليطلب العلم من مصادره الموثوقة، ولا يجعل من الإنترنت معلمًا بلا ضابط.
ثالثًا: الفهم لا الحظر.. الترشيد لا الحرمان
فالابتعاد التام عن الإنترنت ليس حلاً، بل قد يولّد فراغًا أو حرمانًا غير مبرر، والمطلوب هو تصفية المحتوى، وتنظيم التعرُّض، وتحصين النفس قبل الدخول، فاجعل لك وقتًا وهدفًا في كل دخولك، ولا تترك نفسك للتيه.
رابعًا: كيف تتحصّن عمليًّا من الشبهات؟
1) ابدأ بتحصين عقيدتك عبر كتب سهلة موثوقة.
2) تابِع دعاةَ وطلبة علم موثوقين، واملأ صفحاتك بالمحتوى القوي النقي، حتى لا يجد الباطل فراغًا يدخل منه.
3) إذا عرضت عليك شبهة، فلا تتابعها بدافع الفضول، بل دوِّنها، ثم اسأل عنها أهل العلم، أو ابحث عن الردّ في المواقع الرسمية الموثوقة.
4) أكثر من ذكر الله، فالقلوب تحيا بالذكر، كما قال الله تعالى: ﴿أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾.
5) اجعل لك وردًا يوميًّا من القرآن، ففيه النور والفرقان، وقد قال النبي ﷺ: (اقْرَءُوا الْقُرْآنَ، فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصْحَابِهِ).
وهذه وصايا أخيرة:
* لا تكن هشًّا أمام كل تغريدة أو فيديو، بل كن ناقدًا لا منقادًا.
* خذ دورًا في "صناعة المحتوى الإسلامي الجذّاب"، وكن أنت المؤثّر لا المتأثِّر.
* صاحب أهل العلم وطلاب المعرفة في محيطك الواقعي، فبهم تسلم وتثبت.
* لا تستهن بالدعاء: (اللَّهُمَّ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ).
تقبل الله منا ومنك صالح العمل.