Consultation Image

الإستشارة 16/04/2025

الله يعطيك العافية، رأيت فتاة وحقيقة أعجبت بجمالها، وتحدثت مع أمي لخطبتها، بعد أن تبين لها أنها لا تحافظ على الصلاة، ولباسها غالبًا قميص وبنطال، الأمر الذي جعل والدتي ترفض التقدم لها، وطلبت مني البحث عن عروس تحافظ على صلاتها، ولباسها، وتكون من عائلة محافظة على أمر دينها... حاولت إقناعها بأنني سوف أغيرها لكن بدون جدوى ماذا أفعل؟

الإجابة 16/04/2025

السلام عليم ورحمة الله وبركاته، الله يعافيك أخي السائل، أسأل الله -تعالى- المعطي الوهاب أن يهب لك زوجة صالحة ترضي ربك وتزهر قلبك برؤيته على طاعته.

 

بارك الله فيك، لثقتك بموقع "استشارات"، وأسأله سبحانه، أن يوفقني إلى إرشادك من القول الذي يحبه ويرضى به، ويكون به صلاحك.

 

أخي السائل، عقد الزواج من أعظم العقود وأقدسها كما جاء في قوله -تعالى- في كتابه العزيز: {... وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا} [النساء : 21].

 

وبناء أسرة جديدة من الأسس التي يقوم عليها المجتمع الإسلامي وتحثه عليه أحكام الشريعة الإسلامية الغراء.

 

ولعظم الأمر فقد جاءت الأحكام تفصيلية لكل ما يتعلق بالزواج وأحكامه والحقوق والواجبات المتبادلة بين الزوج والزوجة، وهذا إن دل فإنه يدل دلالة واضحة على أهمية الزواج والحاجة إليه.

 

الأمر الذي جعل الإقدام على هذه الخطوة يحتاج إلى التفكير والتريث في البحث عن الفتاة تكون له زوجة، والقبول بالرجل بأن يكون لها زوج.

 

وكل هذا الاهتمام نظرًا لطبيعة علاقة الزوج بالزوجة فهي علاقة متينة قريبة جدًّا حيث وصف أن كل واحد منهما لباس للآخر كما قال الله -تعالى- في كتابه الكريم: {...هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ...} [البقرة: 187]، أي أن الزوج ستر وحفظ لزوجته، كما أن الزوجة حفظ وستر لزوجها.

 

ومن عظم الزواج أن الله -تعالى- جعله سكنًا لكل من الزوج والزوجة تطمئن به قلوبهما كما جاء في كتابه العزيز في الآية الكريمة: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21] من آياته الدالة على عظمته وكمال قدرته -تعالى- أن خلق لأجلكم من جنسكم -أيها الرجال- أزواجًا؛ لتطمئن نفوسكم إليها وتسكن، وجعل بين المرأة وزوجها محبة وشفقة، إن في خلق اللّه -تعالى- ذلك لآيات دالة على قدرة اللّه ووحدانيته لقوم يتفكرون، ويتدبرون.

 

أخي السائل، كل ما سبق يتطلب منك أن تفكر أكثر في اختيار الزوجة بأن تكون صالحة تخرج من بيت صالح، لأن تكون لك لباس وسكن يطمئن به قلبك، وتعينك على طاعة الله تعالى.

 

وتذكر أنك باختيارك للزوجة الصالحة فأنت بذلك تختار أُمًّا صالحة لأولادك في المستقبل، وبالتالي تختار أن تكون أسرتك أسرة صالحة.

 

والزواج بذلك يكون عبادة عظيمة ذات أجر عظيم إذا قدمت النية الصالحة لذلك وأتبعتها بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في الاختيار، والمعاملة والتربية.

 

أخي السائل، حينما قلت عن الفتاة التي رأيتها لم تمدح منها إلا صفة الجمال التي أعجبتك، وبعد ذلك تبين أنها لا تحافظ على صلاتها، ولا على لباسها الشرعي. أنت نظرت فقط لصفة الجمال، فهل يُعقل أن تبني أسرة مسلمة مطيعة لله -تعالى- مع زوجة سبب اختيارك لها أنها جميلة فقط؟!

 

ومن لا تحافظ على صلاتها المتمثلة بعمود الدين والعلاقة الوثيقة باتصال العبد مع ربه، فكيف لها أن تحافظ على أسرتها وتربية أبنائها تربية صالحة؟!

 

الرسول -صلى الله عليه وسلم- أرشد الرجال إلى اختيار الزوجة الصالحة، كما جاء في قوله -عليه الصلاة والسلام-: "تُنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك".

 

حيث ذكر الأسباب التي تدعو الرجل لنكاح المرأة منها الجمال، والحسب، والمال، والدين؛ فجعل الفوز بالزوجة ذات صلاح الدين المتمسكة بأحكام شرعها هي الأجدر بسبب الاختيار.

 

لكن هذا لا يعني بالمطلق أن لا تكون جميلة وذات عائلة عريقة وغنى، بالعكس إذا اجتمعت هذه الصفات مع الدين فهذا شيء جميل جدًّا.

 

المهم المعيار الأساسي صلاح الدين وليس العكس؛ فالمال والجمال والحسب والنسب بدون الدين فهي صفر.

 

وحقيقة معيار الجمال يختلف من رجل إلى آخر في نظرته للفتاة، لكن حقيقة لا يوجد فتاة غير جميلة، الله -سبحانه وتعالى- خلق فأبدع في خلقه.

 

إنما الجمال الحقيقي للفتاة هو التزامها بأحكام شرعها بسترها بعفتها بحيائها بتحريها للحلال والبعد عن الحرام، وبأخلاقها الطيبة التي تظهر بعشرتها الجمال الحقيقي لها.

 

وتذكر، أن الزوجة الصالحة نعمة كبيرة تنعم بها دنيا وآخرة، حيث قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "الدنيا كلها متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة".

 

وهي بالوقت ذاته سبب للسعادة كما جاء في قول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: "من السعادة: المرأة الصالحة، تراها فتعجبك، وتغيب عنها فتأمنها على نفسها ومالك".

 

والإنسان غالبًا يتأثر بمن حوله، حتى الصاحب الذي لا تعيش معه إنما تقضي معه بعض ساعات، قد لا تكون يوميًّا، ومع ذلك تجد نفسك تتأثر به، فكما يقال: "الصاحب ساحب"، فكيف إن كانت زوجة تعيش معها كل يوم لساعات طويلة؟!

 

بالتأكيد ستتأثر بها وربما لا تقوى أن تغيرها، بل أخشى أن تغيرك، وتجعلك تتهاون بصلاتك وبالتزامك فبذلك تشقى وتشقى أسرتك بذلك.

 

أرى والله أعلى وأعلم، أن تعاود التفكير بالموضوع، وتستمع لنصح والدتك، وأن يكون اختيارك لزوجتك على أسس الشريعة الإسلامية العظيمة التي تُبنى بها البيوت على سعادة الدنيا والآخرة؛ فمعيار الجمال وحده لا يفتح بيتًا عماده التقوى والصلاح.

 

والجمال لا يعمل على تربية أبناء صالحين؛ فمن ضمن حقوقهم عليك أن تختار لهم أُمًّا صالحة فأنت سوف تسأل عن ذلك يوم القيامة -والله أعلى وأعلم-... والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

الرابط المختصر :