<p>السلام وعليكم ورحمة الله وبركاته، هل تؤثر المواقف في تغيير الإنسان، وأن تكون نقطة تحول جديدة في تحفيزه وعطائه بشكل إيجابي، حيث يصبح شخصًا آخر بعدها؟</p>
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أهلا ومرحبا بك أخي الفاضل على موقف استشارات المجتمع، وبعد:
فالمواقف لها دور حاسم في تشكيل وتحديد شخصيتنا وتؤثر في طريقة تفكيرنا وسلوكنا، بل إن تأثيرها يساعدنا على التعامل مع التحديات التي نواجهها، وفي كثير من الأحوال يكون بعض المواقف نقطة تحول في حياتنا وتغييرنا إلى أشخاص أفضل.
وسأتعرض معك -أخي الفاضل- لثلاثة مواقف، وهي موقف مؤثر عن التبرع بالدم، والثاني حضور ندوة مؤثرة بمناسبة اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة، والثالث رؤية مدينة أريحا فلسطينية عن بُعد والحنين إلى بيت المقدس.
رقم قياسي في التبرع بالدم
في بلدان العالم المتقدم، يكون معظم المتبرعين للدم من المتطوعين الذين يتبرعون مجانًا، إما لأغراض إنسانية أو اجتماعية أو دينية أو حتى صحية.
أما في البلدان الأكثر فقرًا، فتشح المؤسسات المتخصصة بنقل الدم، ويتبرع المتبرعون عند حاجة أفراد الأسرة الواحدة والأصدقاء فقط. فيما عدا ذلك، يكون التبرع في كثير من الحالات مقابل مبلغ من المال، أو لحافز آخر مثلاً كإجازة مدفوعة الأجر من العمل. ويمكن أيضًا أن يتبرع الشخص لنفسه في بنك الدم عن طريق حفظ دمه فيه.
عملية التبرع هي عملية آمنة نسبيًّا، ولكن قد يحدث لبعض المانحين كدمة أو تورم في موقع إدخال الإبرة، أو إغماء وشعور بدوار الرأس.
تهتم جهات التبرع بالدم لأي سبب يجعل من دم المتبرع غير صالح أو غير آمن للشخص المتبرع له. فيتم فحص الدم عن طريق فحص الأمراض التي يمكن أن تنتقل عن طريق نقل الدم، بما في ذلك فيروس نقص المناعة البشرية والتهاب الكبد الوبائي. ويتم أيضًا توجيه سؤال للمتبرع عن تاريخه الطبي، وإخضاعه لاختبارات فحص قصيرة للتأكد من أن التبرع ليس خطرًا على صحته.
وتختلف مدة الانتظار بين تبرع وآخر للفرد الواحد بين أيام وأشهر، وذلك بحسب نوع التبرع (إن كان كليًّا أو جزئيًّا)، وتختلف أيضًا بحسب قوانين البلد التي يتبرع فيها المتبرع. فعلى سبيل المثال، يجب على المتبرع في الولايات المتحدة الأمريكية الانتظار مدة 8 أسابيع (56 يومًا) بين التبرع الكامل بالدم، و3 أيام إن كان التبرع بالصفائح الدموية فقط.
وتختلف كميات وأساليب سحب الدم، لكن يعتبر التبرع بـ 500 مللي (نصف لتر) هو الأكثر شيوعًا لعمليات التبرع بالدم الكامل. وتشترط جميع جهات التبرع مواصفات طبية عالية للمحافظة على نظافة وتعقيم الأدوات المستعملة في العملية، التي تكون معظمها ذات أجل قصير، مما يسبب مشكلة في إيصال التجهيزات إلى الأمكنة البعيدة.
في ذلك اليوم، تم توجيه دعوة لي إلى مشاركة آل معرفي الكرام في الكويت في لقائهم السنوي. لقد اختارت العائلة تلك السنة موقع منتجع "الجون" ليكون مكانًا للملتقى.
وأول ما لفت نظري في ذلك الملتقى، هو وجود سيارة "بنك الدم" وخيمة منصوبة بقربها مجهزة بجميع أجهزة التبرع بالدم. كما لفت نظري تهافت الجميع من أجل التسجيل في نماذج معدة مسبقا للتبرع بالدم طواعية. رأيت الشباب والشابات، والرجال والنساء، والكبار والصغار يتهافتون من أجل التبرع بالدم أيهم يسجل اسمه قبل الآخر.
كما رأيت شابة تبكي لعدم انطباق شروط التبرع عليها؛ إذ يتطلب التبرع اجتياز اختبارين: اختبار "الهيموجلوبين" حيث يفضل أن تكون نسبته على الأقل 14 ديسيلتر لكل جرام للرجال، و12 ديسيلتر لكل جرام للنساء. أما الاختبار الثاني فهو اختبار ضغط الدم، حيث يفضل ألا يكون مرتفعا. ورأيت رجلا يبلغ من العمر 73 عامًا يريد التبرع بدمه، كما رأيت شابا أغمي عليه مرتين بعد أن تبرع بنصف لتر فقط من دمه.
كنت من الذين نافسوا آل معرفي في التبرع بالدم، وشعرت يومها بنفس محفزة لأسباب عدة، منها: حصول الأجر من الله، ومساعدة المحتاجين، ومنافستي لآل معرفي في ذلك.
بلغ عدد المتبرعين في ذلك الملتقى 86 شخصًا، كل قد تبرع بنصف لتر من الدم. وما لفت نظري أن السيد أحمد معرفي سجّل رقمًا قياسيًّا على مستوى الكويت في التبرع بدمه؛ إذ تبرع نحو 100 مرة بمعدل 4 مرات في السنة منذ العام 1985م (ما شاء الله).
ندوة مؤثرة لذوي الاحتياجات الخاصة
يبلغ عدد ذوي الاحتياجات الخاصة في العالم عقليًّا وبدنيًّا 600 مليون شخص، أكثر من 80% منهم موجودون في الدول النامية (www.aawsat.com).
ويصادف يوم 3 ديسمبر من كل عام، اليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة، وهو يوم عالمي خصصته الأمم المتحدة - منذ العام 1992م - لدعم ذوي الاحتياجات الخاصة.
السيد عباس معرفي (أبو كمال)، من الشخصيات النشيطة في المجال الثقافي، وله دور بارز في إحياء النشاطات المقامة في دار معرفي بضاحية الدسمة. في ذلك اليوم، اتصل بي أبو كمال يطلب إلي حضور ندوة لذوي الاحتياجات الخاصة، وذلك قبل 4 أيام من اليوم العالمي لهذه المناسبة.
استمعت في تلك الندوة إلى هموم أهالي ذوي الاحتياجات الخاصة، فألهبوا فينا المشاعر ومعاني التحدي. إن حضور مثل هذه الندوات يعتبر إحدى طرق تنشيط النفس وتحد الواقع.
رؤية مؤثرة لمدينة أريحا في فلسطين عبر البحر الميت
كان البحر الميت يسمى قديمًا "بحيرة لوط"، وهو بحر يعتبر سطحه أعمق نقطة في العالم على اليابسة؛ حيث يقع على عمق 417 مترًا تحت مستوى سطح البحر، بحسب قياسات العام 2003م. ويقع ما بين الأردن وفلسطين. وله عبر التاريخ ذكر في جميع الحضارات التي سكنت حوله، وكلها تنعته بصورة أو بأخرى بصفات تعود إلى شدة ملوحته أو خلوه من الكائنات المائية.
في ذلك اليوم، كانت لي زيارة – للمرة الأولى في حياتي - للبحر الميت، ولقد تأثرت كثيرًا حينما أخبرني المرشد السياحي أن الناحية الأخرى من البحر هي موقع مدينة أريحا في فلسطين.
أما أريحا Jericho فهي مدينة فلسطينية تاريخية قديمة تقع على الضفة الغربية لنهر الأردن وعند شمال البحر الميت، ويعود تاريخها إلى 10,000 سنة قبل الميلاد. وتقع على بعد 16 كم من البحر الميت.
تعتبر مدينة أريحا البوابة الشرقية لفلسطين، وترتبط بالضفة الشرقية بشبكة طرق معبدة، وتتصل بطريق القدس - عمان، وتقع إلى الشمال من مدينة القدس، وتبعد عنها 38 كم. تمنيت في ذلك اليوم أن أصلي ركعتين في المسجد الأقصى بمدينة القدس.
الخلاصة:
التبرع بالدم من حين إلى آخر وحضور ندوات عن ذوي الاحتياجات الخاصة يمنح همة عالية وتحديًا للواقع.. كما أن الحديث عن فلسطين يبعث على الشجون ويحرك المشاعر تجاه بيت المقدس.