<p style="direction: rtl;">أنا سيدة في منتصف الأربعينيات تزوجت منذ أكثر من خمسة وعشرين عاما زواج صالونات، بعد شهر واحد من الخطبة وللأسف اكتشفت شخصيته النرجسية جدا وعصبيته التي لا تحتمل وعدم التفاهم بيننا، وأنا محترمة جدًّا وخلوقة وخجولة بشهادة الجميع وفي حالي ومنطوية، لا أخرج من بيتي إلا للعمل فقط والضرورة.</p> <p style="direction: rtl;">حاولت مرارًا وتكرارًا أُغيّر منه للأسف للأسوأ، وأنجبت ثلاثة أولاد كبروا وأصبحت أشعر بالفراغ والممل الشديد رغم أني أصلي وأذكر الله كثيرًا.</p> <p style="direction: rtl;">بالصدفة كنت أسأل عن شيء فى أحد الجروبات ورد عليّ شاب بكل أدب، بعدها عرفت أنه من نفس البلدة وأعرف أهله، أما هو فيصغرني بسنوات ومتزوج، كنت أتحدث معه عبر الشات فقط بكل احترام لم يحدث بيننا أي شيء، كنت على أمل أن أملأ الفراغ العاطفي والملل الشديد والوحدة في حياتى لأني وحيدة حرفيا.</p> <p style="direction: rtl;">أقسم بالله لم يحدث شيء ساعدته كثيرا ماديا، عندما علمت بظروفه ووقفت معه ودعمته كثيرا حتى تحسنت أخواله لمدة عامين، وأنا لم أره إلى الآن، لم نتقابل أبدا، ولكن أبدا لم أشعر بالراحة ولا أنه أضفى لحياتى شيء جيد، بالعكس شعرت بأني فى علاقه مؤذية وأنا مسلوبة الإرادة.</p> <p style="direction: rtl;">لم يعطني الاهتمام ولا التقدير، كان يتظاهر فقط، تعبت جدا، وكثيرا قررت أبتعد عنه لكن كل مرة أتراجع، نعود نتحدث تم نختلف حتى عندما تحسنت أحواله لم يحاول أن يدعمني بأي شيء.</p> <p style="direction: rtl;">أعرف أني خطأ، لكن أنا تعبانة جدا مش عارفه أعمل إيه، أبتعد تماما عن هذا الشخص وأعمل بلوك وأرضى بحياتى وأستغفر ربي، ولكن أشعر أني لا أقدر، ولست سعيدة معه ولا مع زوجي.</p> <p style="direction: rtl;">أرجوكم أنا سيدة محترمة جدًّا، والله على ما أقول شهيد أنا بفصفص معكم عشان عايزه نصيحتكم لي بدون إساءة.</p>
أختي الكريمة، أهلاً وسهلاً ومرحبًا بك على صفحة الاستشارات الإلكترونية الخاصة بمجلة المجتمع...
أظنك تعرفين إجابة ما تطرحين من أسئلة وتدركين تمامًا أن علاقتك بهذا الرجل خاطئة حتى لو لم تقابليه ولا مرة.. أنت تعلمين أن طريقك نحو هذا الرجل هو بمثابة السير على خطوات الشيطان {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}، وخطوات الشيطان بطيئة ومتدرجة تأخذك من حيث تظنين نفسك في منطقة آمنة تمامًا ليس فيها من ثغرة إلا خطوة صغيرة منزلقة.
هذه الخطوة الصغيرة تجعلك تنزلقين لخطوة أخرى في أرض رخوة، فبعد خطوات قليلة تغوصين فيها ويصعب عليك العودة، وهذه هي خطوات الشيطان التي تجعلك تعرفين الخطأ تمامًا لكنك غير قادرة على العودة.
أختي الكريمة، لن أناقشك في عيوب زوجك وفي مفهومك للشخصية النرجسية أو حتى في محاولاتك لإصلاحه، لكن سأناقشك في رد فعلك على سلوكه معك.. فكونك تعانين بشدة مع هذا الرجل فهذا لا بد له من رد فعل.. وكان أمامك (ولا يزال) خياران وكل منهما يحظى بالشرعية.
الخيار الأول: الطلاق والابتعاد عن هذه العلاقة التي تؤذيك، خاصة أنت بفضل الله لديك عملك ولديك مالك، فلست مضطرة للاستمرار في علاقة سامة ووقتها كان بإمكانك الزواج من آخر يشبع مشاعرك ويدعمك في حياتك.
الخيار الثاني: أن تستمري مع هذا الرجل وتقبلي بالأمر الواقع وتبحثي عن روافد جديدة تملأ حياتك.. علاقات صداقة حقيقية.. أنشطة ومشاركات مجتمعية في مجالات تشعرك بالشغف، وهكذا.
لكن سلكت مسارًا مختلفًا تمامًا، وكان رد فعلك الذي واجهت به وحدتك ومعاناتك مع الفراغ العاطفي خاطئًا بكل تأكيد، فقد ذهبت تتلمسين ما تفتقدينه في الحديث مع رجل غريب أجنبي عنك، ومن فضل الله عليك أن هذا الرجل لم يتجاوب معه ولم يشعرك باهتمامه.. تعامل معك الرجل ببرجماتية، فشكا لك أحواله المادية فرحت أنت تدعمينه بالمال لمدة عامين كاملين على وهم أنه إذا تحسنت أحواله فسوف يهتم بك ويدعمك.
ولست أدري طبيعة الدعم الذي كنت تنتظرين، فأنت تارة تتحدثين عن الوحدة وتارة تتحدثين عن الفراغ العاطفي.. فإن كانت مشكلتك مع الوحدة، فهل كان ذلك يستدعي العلاقة برجل غريب؟ ألم يكن من الممكن أن تشبع النساء هذه الوحدة.. لو كنت ساعدت امرأة أرملة بالمال وتعاونت معها في مواجهة حياتها؟ ألم يكن ذلك يصنع لك حياة موازية تضج بالحياة؟
أيضا ماذا عن أولادك؟.. نعم لقد كبر الأبناء، لكن هذا لا يعني أن وجودهم لا يعني شيئًا العكس تمامًا هو الصحيح، فعندما يكبر الأولاد تتحول علاقتنا بهم لعلاقة مع أصدقاء ناضجين لا يتركون مساحات للوحدة، خاصة لو أنك حاولت أنت دعمهم وشاركتهم بعض تفاصيل حياتهم دون التدخل في أدق التفاصيل، ووقتها كانوا سيملؤون أي مساحة للوحدة، وإن كان الأمر ليس كذلك فهناك خلل كان ينبغي أن تلتفتي له وتسعي لإصلاحه، فإن كان زوجك نرجسيًّا، فهل أبناؤك كذلك كي لا يكون لهم دور حيوي في حياتك؟
أما إذا كانت مشكلتك مع الفراغ العاطفي، فما هو طبيعة الدعم الذي كنت تنتظرينه منه بعد دعمك المالي له لمدة هذين العامين؟! أجيبي نفسك بصدق.. وستجدين الإجابة بالغة القسوة على نفسك، وأنا حقًا لا أريد أن أقسو عليك ولكن ما قمت به ليس له عنوان غير التسول العاطفي، فلماذا تضعين نفسك في هذه الزاوية؟ وماذا كانت النتيجة عالقة أنت في علاقة سامة جديدة، والكارثة إنها غير شرعية وقد تجعلك تنزلقين لذنوب هي من كبائر الذنوب.
إذا كان زوجك نرجسيًّا وخذلك وأشعرك بالفراغ العاطفي، فأنت الآن تخذلين نفسك ثانية وأنت تحطين من كرامتها وتدخلين في علاقة تتسولين فيها الحب والاهتمام، وقد تصلين لمرحلة تكرهين فيها نفسك إذا أصررت على الاستمرار في هذا الطريق، ووقتها حتى التوبة ستشعرين بها ثقيلة على روحك، فلو أنك سلمت نفسك لأكبر أعدائها فلن يفعل فيها ما تفعلينه بنفسك وقتها.
لذلك أدعوك الآن أن تغلقي هذا الباب فورًا.. اعملي حظر لهذا الرجل من كافة وسائل التواصل، واعملي له حظرًا من عقلك ومشاعرك، فما هو إلا وهم كبير أحاط بباب فتنة سوداء.. ستشعرين بنغزة في قلبك بحكم أنك اعتدت عليه، هذه النغزة لن يداويها إلا توبة نصوحا وذكر لله يلامس شغاف قلبك لا ذكرًا لا يتجاوز الشفتين.
وإليك –أختي- هذه الرسالة من الله: {قُلۡ يَٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسۡرَفُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ لَا تَقۡنَطُواْ مِن رَّحۡمَةِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَغۡفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعًاۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوٓاْ إِلَىٰ رَبِّكُمۡ وَأَسۡلِمُواْ لَهُۥ مِن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَكُمُ ٱلۡعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ * وَٱتَّبِعُوٓاْ أَحۡسَنَ مَآ أُنزِلَ إِلَيۡكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَكُمُ ٱلۡعَذَابُ بَغۡتَةٗ وَأَنتُمۡ لَا تَشۡعُرُونَ * أَن تَقُولَ نَفۡسٞ يَٰحَسۡرَتَىٰ عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنۢبِ ٱللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ ٱلسَّٰخِرِينَ * أَوۡ تَقُولَ لَوۡ أَنَّ ٱللَّهَ هَدَىٰنِي لَكُنتُ مِنَ ٱلۡمُتَّقِينَ * أَوۡ تَقُولَ حِينَ تَرَى ٱلۡعَذَابَ لَوۡ أَنَّ لِي كَرَّةٗ فَأَكُونَ مِنَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ * بَلَىٰ قَدۡ جَآءَتۡكَ ءَايَٰتِي فَكَذَّبۡتَ بِهَا وَٱسۡتَكۡبَرۡتَ وَكُنتَ مِنَ ٱلۡكَٰفِرِينَ}، لا تسوفي التوبة ولا تتحججي بحجج أنت تعلمين أنها واهية فليس للإنسان ثمة فرصة ثانية غير هذه الحياة.
نصيحتي الأخيرة، بعد التوبة النصوح وغلق صفحات الماضي والاهتمام بأبنائك ومحاولة المشاركة في المجتمع للتخلص من مشاعر الوحدة أن تحاولي مرة أخيرة مع زوجك دون أحكام الماضي.. تعاملي معه بلطف كأنك أول مرة تتعاملين معه.. تغافلي عن أخطائه.. امنحيه مشاعر التقدير.. صارحيه برغبتك في طي صفحة الماضي وبدء صفحة جديدة أنتم تستحقونها.
فإذا رفض كل محاولاتك وأغلق أبوابه في وجهك وشعرت بهذا الفراغ العاطفي ينهشك وشعرت أنك قد تقعين في دائرة الخطأ والفتنة مرة ثانية، فاطلبي الطلاق وتزوجي مرة أخرى، فأنت ما زلت في منتصف الأربعينيات، وديننا دين سمح يمنح الإنسان مساحة واسعة من الحلال حتى لا يكون لأحد مبررات للخطأ.. حفظك الله من كل شر وهدى قلبك وأصلح أحوالك كلها.