أتعامل مع معالج روحاني.. فهل أتزوج قريبا؟

Consultation Image

الإستشارة 15/05/2025

أنا فتاة في الثامنة والعشرين من عمري أتعامل مع معالج روحاني حيث أكد لي أنه معمول لي سحر بوقف الحال من شخصية قريبة مني جدا لذلك لم أتزوج حتى الآن ولا يتقدم لي أحد رغم إني على قدر من الجمال عدا جسدي بالغ الضآلة الذي يشبه جسد طفلة وأنا ليس لدي أي شهية للطعام وأقضي يومي في احتساء القهوة السوداء دون سكر.. لقد أصابني الهم والنكد وأصبحت حادة الطباع مع الجميع وأشك في الجميع هل لديكم نصيحة لي؟

الإجابة 15/05/2025

ابنتي الكريمة، أهلاً وسهلاً ومرحبًا بك في صفحة الاستشارات الأسرية لمجلة المجتمع.

 

آلمتني رسالتك بشدة وشعرت بك تسقطين في هوة سحيقة بينما تظنين أنك في طريقك للنجاة.. لديك ٢٨ سنة ولم يتقدم لك خاطب، فبدلاً من التفكير في المشكلة بموضوعية والأخذ بأسباب الحل ذهبت تتلمسين طريقًا وعرًا مليئًا بالفوهات البركانية لتزداد حالتك النفسية سوءًا وتزدادين ألمًا وضيقا فتنجذبين أكثر لهذه الحلول النكدة في حلقة مفرغة وعلاقة جدلية لا ترسو على مرفأ آمن.

 

ولكن قبل أن أناقشك عن طبيعة الحل الذي جربته تعالي نلقي أضواء على طبيعة المشكلة التي ألقت بك في هاوية هذه الحلول.

 

طبيعة المشكلة

 

لن أقول لك إنك بالفعل ما زلت صغيرة؛ فالكثيرات في مثل عمرك لم يرتبطن وأن هناك متغيرات مجتمعية كثيرة وراء هذا.. لكن سأقول لك دعينا نعترف أن هناك مشكلة طالما أنت تشعرين بذلك وأنك تأخرت قليلاً في الزواج.

 

تعلمين –غاليتي- أن الزواج رزق (إن روح القدس نفث في روعي إن نفسًا لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن يطلبه أحدكم بمعصية الله، فإن الله لا ينال ما عنده إلا بطاعته) [رواه ابن ماجة].. لكن ومع هذا فلا بد أن نأخذ بأسباب الرزق (لو كان أسامة جارية لكسوته وحليته حتى أنفقته) [رواه أحمد وابن ماجه]، وذلك يدفعنا عن الأسباب التي تساعد الفتيات على الزواج بسهولة.

 

أسباب الزواج

 

هناك عاملان يبدو أنهما الأكثر أهمية في تسهيل فرصة الفتاة في الزواج:

 

العامل الأول هو الشكل والمظهر الخارجي، وهو الأمر الذي أشار له النبي ﷺ في حديث أسامة، وأنت بفضل الله على قدر من الجمال.. أما ما ذكرته من النحافة الشديدة فأمر يمكن علاجه إن أردت، ويأتي في مقدمة ذلك التعافي من إدمان الكافيين الذي تشربينه عبر القهوة السوداء التي تحتسينها طيلة اليوم فتفقدك الشهية للطعام (الكافيين يساعد في زيادة معدل حرق السعرات الحرارية في الجسم، ويزيد من استخدام الطاقة في الجسم، حيث تبين أن تناول كميات أكبر من الكافيين يرتبط بانخفاض الوزن، ومؤشر كتلة الجسم، وكتلة الدهون بشكل أكبر).

 

الأمر المنطقي إذا أردت زيادة وزنك بعض الشيء الذهاب لطبيب تغذية والذي سيطلب منك بعض تحاليل طبية ثم يضع لك برنامج تغذية مناسبًا، وإذا ذهبت لصالة الألعاب في نفس التوقيت فإن الرياضة تنحت الجسد بطريقة رائعة، فما الذي يمنعك من هذا؟ ما يمنعك من إصلاح حياتك، وهو العامل الثاني الذي يساعد على سهولة الزواج.

 

العامل الثاني هو نمط الشخصية، فالشخصية الاجتماعية التي تتمتع بالذكاء العاطفي أكثر جاذبية من الشخصية الانطوائية، خاصة في الدرجات العالية من الانطوائية التي تضع حدودًا صارمة مع الآخرين (بالطبع لا أتحدث عن الحدود الشرعية مع الرجال).

 

والشخصية الحادة أسوأ من الشخصية الانطوائية، خاصة إذا جمعت بين الحدة والانفعال وسوء الظن، وأنت باعترافك تتعاملين مع الآخرين بهذه الشخصية.. النبي ﷺ عندما تحدث عن ذات الدين كخيار مثالي للزوجة فإن الخلق الكريم متضمن في ذلك بل إنه يأتي بشكل مركزي في المنظومة الدينية (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) [رواه البيهقي].. ومن أهم الأخلاق التي تجعل الفتاة محط أنظار الخاطبين.. الحلم واللين والرفق، ولا تأتي هذه الأخلاق مع شخصية تسيء الظن بمن حولها..

 

لا أريد أن أقسو عليك لكنك اخترت الطريق السهل، فبدلا من بذل الجهد لإصلاح شخصيتك والاهتمام بمظهرك انسقت وراء فكرة تجعلك في ثوب الضحية وتجعل السبب في تأخر الزواج مؤامرة عليك وسحرًا بوقف الحال قام به شخص قريب منك، لقد كنت تؤمنين بهذه الأفكار قبل أن تسمعيها من ذلك الساحر الدجال الذي يقول عن نفسه معالج روحاني.

 

معالج روحاني

 

دعينا -غاليتي نسمي- الأسماء بمسمياتها؛ لأن الشيطان يحلو له أن يقدم أسماء براقة خادعة عسى أن تغير الشعور نحو المحرمات، فأطلق على الخمر مشروبًا روحيًّا كما أطلق على الساحر اسم معالجًا روحانيًّا.. الساحر يا بنيتي يحاول عبر آليات معينة التواصل مع شياطين الجن من أجل تحقيق بعض الأهداف، وفي المقابل هو يخضع لسلطة هذه الشياطين ﴿وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا﴾ (الجن: 6).

 

هؤلاء السحرة ارتدي بعضًا منهم ثيابًا عصرية وادعى علاجًا بالطاقة الحيوية وبالريكي، ولديهم تعويذات خاصة بهم وطقوس ومفاهيم شركية متعلقة بوحدة الوجود، ونحو ذلك.

 

وهناك فريق آخر من هؤلاء السحرة يقول عن نفسه إنه معالج روحاني، وهو مصطلح رنان ومبتدع تجدينه يقرأ القرآن (بعضهم يخطئ في التلاوة)، ويطلب منك ترديد الآيات بأعداد غريبة ويمزج هذا كله بكلمات غامضة قليلة ونظرات ذات طبيعة إيحائية، ويقولون إنهم يفتحون مجالاً للرؤية بحيث تعرفين من قام بعمل السحر ونحو ذلك، وتعرفينه بأنه يقول عن نفسه أنه رجل له مواهب خاصة...

 

هؤلاء يلبسون الحق بالباطل فيدعونك للصلاة والذكر، وفي الوقت ذاته تكون طريقة الذكر فيها بدع ويزجون وسط ذلك ببعض الأمور الغامضة، ويدّعون أن لديهم قدرة على الكشف، وقد يخبرونك ببعض الأمور المجهولة، وهذا كله يؤكد تواصلهم مع الشياطين، وبقبولك لهذا المنهج تسلمين نفسك لهم (من أتى عرافًا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة) [رواه مسلم].

 

أما الرقية الشرعية فليس فيها غير القرآن الكريم والأذكار الصحيحة، ولا يدّعي من يقرؤها أنه سبب في الشفاء، وأنت –حبيبتي- لست بحاجة لمن يقرأ عليك فيمكن للإنسان بل الأفضل له أن يقرأ لنفسه.

 

ابنتي الحبيبة، هذا المعالج الروحي يستدرجك، وليس لديه دليل على أن هناك سحرًا ولربما بذهابك له فتحت على نفسك بوابة الشياطين بدليل ازدياد همك وغمك، فدعي عنك هذا الطريق البائس، وإذا كنت تريدين نصيحة فأنا أنصحك بالآتي:

 

نصائح مهمة

 

* التوبة والاستغفار من الذنوب عمومًا، ومن سوء ظنك بمن حولك وبترددك على هذا الرجل تحديدًا ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا﴾ (نوح: 10 - 12)، وابشري غاليتي برزق الله لك.. استغفري كثيرًا 1000 مرة أو أكثر إن استطعت.

 

* كوني دائمًا على وضوء خاصة قبل النوم، فهذا يساعدك كثيرًا على الاستقرار النفسي ويحثك على الصلاة وذكر الله وقراءة القرآن.

 

* اقرئي سورة البقرة واستمعي إليها كثيرا (اقرءوا سورة البقرة فإن أخذها بركة, وتركها حسرة, ولا تستطيعها البطلة)، فهي تعالجك من السحر لو كان هناك سحر وتبارك حياتك وستجدين فرقا شاسعًا قبل قراءتها وبعدها.. اقرئي بخشوع وحاولي أن تتعرفي على معاني الكلمات الصعبة وقومي بالدعاء والتجاوب مع الآيات، واطلبي من الله تعالى كل ما تريدين المغفرة والحفظ والرزق...

 

* اذهبي لطبيبة تغذية وتابعي معها بصبر وهدوء والتزام، والخطوات السابقة ستجعل قلبك هادئًا مطمئنًا وأنت تأخذين بالأسباب، ولو استطعت الذهاب لصالة الألعاب الرياضية فسيكون أمرًا طيبًا، فهو يساعدك جسديًّا ونفسيًّا في تفريغ أي طاقة انفعالية سلبية.. واهتمي بأناقتك في حدود الزي الشرعي.

 

* تعاملي مع من حولك بلطف.. دربي نفسك على الابتسامة الرقيقة والنظرة الحانية والكلمات المراعية حتى لو أخطأت لا بأس كرري مرة أخرى.

 

* حاولي أن تتواجدي في محيط العلاقات الاجتماعية المتنوعة ولا تهربي من لقاء الناس، فأنت بحاجة أن تكوني موجودة مرئية ببصمة خاصة بك وثقة تستمدينها من خالقك.. حفظك الله ورعاك، وتابعيني بأخبارك.

الرابط المختصر :