Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. موسى المزيدي
  • القسم : إدارية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 11
  • رقم الاستشارة : 2099
23/06/2025

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، كثيرًا ما تُعرض عليَّ أعمال للقيام بها في ظروف صعبة ووقت ضيق بسبب الارتباطات بأعمال أخرى.. فماذا أفعل ؟ وكيف أدير أعمالي؟ هل أوافق على القيام بهذه الأعمال في ظل هذه الظروف أم أرفضها؟

الإجابة 23/06/2025

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أهلاً ومرحبًا بك أخي الفاضل في موقع استشارات المجتمع، وبعد:

 

فالإنسان لا بد أن يدير أعماله حسب أحواله وظروفه، حيث لا يأتي عمل على حق أعمال أخرى، فيقصر في أداء أحدها، ومع الوقت سيقصر فيها كلها، وبالتالي يتعب نفسه ويضيع جهده هباء وتقل جودة الأداء في العمل، وعليه الالتزام بالأمور الآتية حتى يستطيع إدارة عمله والاستمرار فيه، وهذه الأمور تتمثل في الكبسولة الثانية والتي تبدأ بحرف (ك):

 

كلِّف نفسك وسعها

 

أخي الفاضل، يحكى أن فلاحًا ثريًّا قُدّم له عرضٌ، يُعطى له بموجبه جميع مساحات الأرض التي يقطعها سيرا على الأقدام خلال النهار، بشرط واحد: وهو الرجوع إلى نقطة البداية التي انطلق منها قبل مغيب شمس ذلك النهار.

 

وفي صبيحة اليوم التالي، وقبل طلوع الشمس، كان الفلاح مستعدًا لبدء العرض. وحينما طلعت الشمس، بدأ السباق جريا على الأقدام. واستمر الفلاح في الجري حتى انتصف النهار، وشعر بالتعب لكنه استمر في الجري؛ ليقطع أكبر مسافة ممكنة. فقد أنساه طمعه أن عليه الرجوع إلى نقطة البداية قبل مغيب الشمس.

 

وعندما حان العصر، أدرك الفلاح أن عليه الرجوع، فأخذ يركض ويسرع في الجري، وعيناه على الآفاق يراقب الشمس، وهي تتجه نحو المغيب. وبدأ يضغط على نفسه أكثر فأكثر، على الرغم من التعب الشديد الذي يعانيه، حتى انهار عند نقطة البداية مع غروب الشمس، لكنه أصيب بنوبة قلبية أودت بحياته.

 

صحيح أنه نجح في التزامه بشرط العرض، لكنه لم يحصل إلا على قطعة أرض صغيرة، دفن فيها جسده، وهذا هو كل ما يحتاج إليه الإنسان في نهاية حياته.

 

من السهل أن يكلف الإنسان وسعه في جمع المال، ولكن يصعب عليه أن يكلف نفسه في الارتقاء، وبلوغ القمة.

 

إن وسع الإنسان في حب المال ليس له سقف؛ إن أعطي وادياً من ذهب، ابتغى آخر، ولا يسد فاه إلا التراب.

 

أخي الكريم، متى يعرف الإنسان حدود طاقته؟

 

إذا بدأت الأمور تختلط، وجاء بعضها على حساب بعضها الآخر، وفقد اتزانه في إعطاء كل ذي حق حقه.

 

كلّم نفسك وحاورها

 

يقول وليام هيويت في كتابه (فن محادثة النفس)The Art of Self-Talk :

 

منذ 15 سنة، كانت ابنتي في الثانوية، وكانت ذات يوم جالسة في غرفة الاستقبال تنظر دقائق معدودة في كتاب لها، ثم تنظر إلى سقف الصالة دقائق أخرى.

 

فبعد مضي 30 دقيقة من حب الفضول لدي، سألتها عما تفعل.

 

فأجابتني قائلة: أحاول أن أحفظ عن ظهر قلب هذه الأبيات من الشعر؛ كي أتلوها على زملائي في الصف، في صبيحة اليوم التالي.

 

فسألتها: هل ستقومين بتلاوة هذه الأبيات الشعرية بصوت صامت؟

 

فأجابت في دهشة: بالطبع لا يا أبي.

 

إذًا يا ابنتي: إذا كنت ستقومين بإلقاء قصيدتك الشعرية بصوت مرتفع، فلماذا لا تحفظينها بصوت مرتفع كذلك؟

 

فأجابت قائلة: إن الناس سيظنون أن بي نوعًا من الجنون، إذا حفظت الشعر بصوت مرتفع.

 

طمأنها أبوها، وقال لها: لا يوجد في المنزل سواي، وأمك، لا تخافي.

 

 

فاقتنعت ابنته، وأعطت لنفسها فرصة لتجربة مقترح أبيها، وذهبت إلى غرفة أخرى لوحدها، وأخذت تلقي الأبيات الشعرية بصوت مرتفع، وكان أبوها يسمع ذلك، ومرت دقائق معدودة، ثم خرجت من الغرفة تصرخ قائلة: أبي، أبي، لقد حفظتها!

 

أخي السائل، كلم نفسك، وحاورها في ترديد بعض الأهداف، وترديد بعض الشعارات؛ من أجل توجيه الجهد، وإعادة برمجة الدماغ نحو تحقيق ذلك.

 

قل لنفسك:

 

أنا أستطيع أن أؤدي هذا العمل.

 

أنا ممتاز في حفظ أسماء الناس.

 

أنا أحب المستمعين لي، وأحب جمهوري.

 

كافئ نفسك

 

وفي النهاية -أخي الكريم- عندما تنجز عملاً، كافئ نفسك. حقق حلمًا كنت تنتظر تحقيقه منذ زمن بعيد.

الرابط المختصر :