Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : أ. مصطفى عاشور
  • القسم : فكرية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 116
  • رقم الاستشارة : 1955
14/05/2025

ينتشر في كثير من وسائل الإعلام والواقع الاجتماعي خطاب الكراهية كيف نفهم معالم هذا الخطاب وما هي تأثيراته على العقل والتعايش المجتمعي؟

الإجابة 14/05/2025

"الكراهية عبءٌ ثقيلٌ لا يُطاق".. تجسد مقولة الزعيم الأمريكي الأسود "مارتن لوثر كينج" طبيعة الكراهية؛ فهي عبء ثقيل في نفوس الذين يكرهون، وعبء ثقيل للذين يتأذون من هذا الخطاب، فمع الكراهية فإن الجميع خاسر.

 

الحقيقة أن سؤالكم يلمس أزمة موجودة في أغلب المجتمعات العالمية، ومشكلة يعاني منها ملايين البشر، تتمثل في معاناة فئات دينية وعرقية واجتماعية من خطاب عدائي مشحون بالكراهية والتحريض، وهذا الخطاب يشبه "السم بطيء المفعول" الذي يبدأ ظهوره مع السخرية والشتائم والنكات، ثم يُكمل مسيرته في التحريض والدعاية السوداء، لينتهي هذا الخطاب إلى محطة العنف وربما الإبادة والتطهير العرقي .

 

تشير الدراسات إلى أنه خلال العقود الثمانية الأخيرة، كان خطاب الكراهية تمهيدًا لعدد من عمليات الإبادة الجماعية في أكثر من بقعة في العالم؛ ففي البلقان كان خطاب الكراهية، الذي أطلقه الصرب ضد مسلمي البوسنة سابقًا على عمليات الإبادة الجماعية والمذابح التي تعرض لها المسلمون في البوسنة، أما الإبادة الجماعية في رواندا فسبقها خطاب كراهية ضد قبيلة "التوتسي".

 

كما أن عمليات التهجير التي يتعرض لها مسلمو "الروهينجا" في بورما سبقها خطاب كراهية وتحقير، اعترفت به الأمم المتحدة عام 2017م، حيث ذكر بيانها أنه: "على مدى عقود غرس في عقول الناس في ميانمار أن الروهينجا ليسوا من السكان الأصليين للبلاد، ولذا لا يتمتعون على الإطلاق بأي حقوق يمكنهم المطالبة بها".

 

ولكن ما خطاب الكراهية؟

 

يُعرف البعض خطاب الكراهية بأنه "خطاب يُشوِّه سمعة الأفراد أو الجماعات على أساس خصائص مثل العرق والجنس والإثنية والدين والتوجه الجنسي، والذي يُشكِّل تشهيرًا مباشرًا، يُهيئ بيئة عدائية أو مُخيفة، أو يُشكِّل نوعًا من التشهير الجماعي". ومن هنا فإن هذا الخطاب يشجع على الكراهية أو يعبّر عنها أو يثيرها ضد مجموعة من أفراد أو مجموعة تتميز بسمات محددة.

 

تُعرّف الأمم المتحدة خطاب الكراهية بأنه "الخطاب المسيء الذي يستهدف مجموعة أو فردًا بناءً على خصائص متأصلة (مثل العرق أو الدين أو الجنس)، والذي قد يهدد السلام الاجتماعي"، ولا يوجد حتى الآن تعريف شامل لخطاب الكراهية في القانون الدولي لحقوق الإنسان.

 

ومن هنا فإن خطاب الكراهية يُحرّض على الاحتقار والإساءة والإهانة تجاه مجموعة أو أفراد بعينهم، ويُفصح هذا الخطاب عن نفسه في تعبيرات من الازدراء أو السب والشتائم والكلمات العنصرية.

 

هذا الخطاب يُلحق أضرارًا بالأفراد المستهدفين بالكراهية، ويخدش كرامتهم ويُقوّض مكانتهم الاجتماعية وينتقص من إنسانيتهم، كما أنه خطاب ذو طابع تشهيري يكيل الاتهامات الجزافية للآخرين كتمهيد لانتقاص حقوقهم واللجوء للعنف ضدهم.

 

خطاب الكراهية له أضراره الاجتماعية والنفسية والأمنية، ويمكن وصفه بأنه "عنف مؤجل" أو "عنف خامل" يحتاج إلى الزمن والتراكمات لينتقل من حالته الخطابية ليصبح عنفًا في الواقع.

 

وخطاب الكراهية يهدد السلم الاجتماعي، فهو قادر على إحداث شروخ انقسامية بل وانتقامية في المجتمع، كما أن أضراره ليست عابرة ولكنها دائمة، وهو خطاب هجومي عدائي، كما أنه خطاب يحمل روح التمييز بين البشر، وينظر للآخرين بأنهم طبقة أدنى، وبالتالي يحق انتقاص حقوقهم.

 

ومن أضرار خطاب الكراهية أنه يُرسّخ قواعد لتهميش الآخرين واستبعادهم من الحياة العامة، كما أنه يُحدث تطبيعًا تجاه الإهانات التي يتعرض لها هؤلاء المستهدفون بخطاب الكراهية.

الرابط المختصر :