Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : أ. فتحي عبد الستار
  • القسم : إيمانية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 213
  • رقم الاستشارة : 1424
24/03/2025

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا شابة أحرص على أداء العبادات وأحاول التقرب إلى الله، لكنني أحيانًا أشعر أن إيماني يضعف وأن علاقتي بالله ليست كما أرجو.

تراودني تساؤلات في قلبي: هل الله يحبني؟

كيف يمكنني أن أطمئن إلى أنني من عباده الذين يحبهم ويرضى عنهم؟

وهل هناك علامات واضحة أشعر بها في حياتي تدل على محبته لي؟

أرجو منكم توجيهي وإرشادي، جزاكم الله خيرًا.

الإجابة 24/03/2025

ابنتي العزيزة، وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، وأشكرك على ثقتك بنا، وأسأل الله الكريم أن يملأ قلبك يقينًا وسكينة، وأن يرزقك حبه ورضاه، ويجعلك من عباده الذين يحبهم ويحبونه، وبعد...

 

فمن رحمة الله تعالى بنا أنه أقرب إلينا من حبل الوريد، يعلم ما يدور في خواطرنا، وما يملأ قلوبنا من تساؤلات، وهو سبحانه أرحم بنا من أمهاتنا، بل من أنفسنا. وما دمتِ تتساءلين عن محبة الله لك، فاعلمي أن مجرد هذا التساؤل هو علامة خير، ودليل على حياة قلبك، ورغبتك في القرب من الله، وهذا من أعظم نعم الله عليك.

 

هل الله يحبني؟

 

محبة الله لعباده ليست سرًّا مغلقًا؛ بل لها علامات ودلائل واضحة. ومن أصدق الأدلة على محبة الله لك أن يهديك للسؤال عنه، ولمعرفته، ولطاعة أمره، واجتناب نهيه، وأن يجعلك تشعرين بالحاجة إليه. وقد قال النبي ﷺ: «إذا أحب الله عبدًا ابتلاه» [رواه الترمذي وصححه الألباني]، فكل بلاء أو اختبار يمر بك هو باب رحمة لك، يطهِّرك ويرفع درجتك عند الله.

 

وإن كنتِ تريدين معرفة محبة الله لك، فانظري إلى حالك مع الطاعات بمختلف أنواعها، فإن وفقكِ الله إليها، فهذا من علامات محبته لك. وقد جاء في الحديث القدسي: «وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه» [رواه البخاري].

 

كيف أعرف أنني من الذين يحبهم الله؟

 

إن لمحبة الله لعباده علامات ذكرها في كتابه الكريم، وبيّنها نبيه ﷺ، ومنها:

 

1- اتباع النبي ﷺ: قال الله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾ [آل عمران: 31]، فمن كان متبعًا لسنّة النبي ﷺ، سائرًا على نهجه، فهو محبوب عند الله.

 

2- تقوى الله وخشيته: قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ﴾ [آل عمران: 76]، فكلما زادت تقواك لله وخشيتك منه، وسارعتِ إلى التوبة بعد كل ذنب، فهذا دليل على محبة الله لك.

 

3- الابتلاء مع الصبر والرضا: قال النبي ﷺ: «إن عِظَم الجزاء مع عِظَم البلاء، وإن الله إذا أحبَّ قومًا ابتلاهم» [رواه الترمذي وصححه الألباني]. فالمصاعب التي تمرين بها قد تكون دليلًا على أن الله يريدك أن تقتربي منه أكثر، لأنه يريد لك الخير الأكبر.

 

كيف أزيد من محبة الله لي وأشعر بقربه؟

 

ابنتي الغالية، إن محبة الله تُنال بالسعي إليه، وكلما اقتربتِ منه خطوة، تقرب منك أكثر. قال -عز وجل- في الحديث القدسي: «إذا تقرَّب العبد إليَّ شبرًا تقربت إليه ذراعًا، وإذا تقرب إليَّ ذراعًا تقربت إليه باعًا، وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة» [رواه البخاري]. فبادري إلى الأعمال التي تجلب محبته، ومنها:

 

- المحافظة على الفرائض: فالصلاة والصيام والزكاة وسائر الفرائض هي أقرب الأبواب إلى الله.

 

- الإكثار من النوافل: كقيام الليل، وقراءة القرآن، وصيام التطوع، فهي مما يجلب محبة الله.

 

- ذكر الله باستمرار: فالقلب الذي يعمره الذكر يعمره الإيمان، ويحب الله صاحبه ويذكره، قال تعالى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾ [البقرة: 152].

 

- الإحسان إلى الخلق: فالله يحب أهل العطاء والكرم، قال ﷺ: «أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس» [رواه الطبراني وحسنه الألباني].

 

وختامًا -ابنتي الغالية- ثقي بأن الله معك في كل لحظة، وأنه يسمعكِ ويحب سماع دعائك. فإن مرَّ بك فتور أو ضعف، فهذا لا يعني أن الله لا يحبك؛ بل يعني أنكِ بحاجة إلى تجديد إيمانكِ، وهذا حال كل مؤمن، حتى الصحابة سألوا النبي ﷺ عن ذلك. فلا تقلقي، وابدئي من جديد، فالله لا يمل حتى تَمَلِّي، وهو أرحم بك من والدتك.

 

أسأل الله أن يرزقك طمأنينة القلب، وأن يجعلكِ من أحبائه الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وأن يملأ حياتك بركة وسعادة. آمين.

الرابط المختصر :