Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : أ. مصطفى عاشور
  • القسم : فكرية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 84
  • رقم الاستشارة : 1943
14/05/2025

نلاحظ في ظل انتشار وتأثير مواقع التواصل الاجتماعي أن البعض يفتخر بارتكاب الجريمة بل يقوم بتصويرها لايف، كما أن استعراض بعض وسائل الإعلام لبعض الجرائم يشجع على ارتكابها أو حتى يعطي مبررًا للمجرم، والسؤال هل الإعلام له تأثير على تكرار الجرائم أو ارتكابها؟

الإجابة 14/05/2025

الحقيقة أن سؤالكم يطرح المسؤولية الأخلاقية والمجتمعية للإعلام عما يذيعه ويطرحه على الناس، وهذه المسؤولية تزداد عند معالجة ونشر الأخبار والقصص الإعلامية المتعلقة بالجرائم بكافة أنواعها.

 

يلاحظ استقطاب المواد الإعلامية المتعلقة بالجرائم لاهتمام الكثير من البشر، لاعتبارات متنوعة لعل من أهمها تحول أخبار الجريمة إلى مادة للترفيه والتسلية؛ وهو ما جعل أخبار الجريمة سوقًا إعلانية كبيرة، لذا زادت القصص الإعلامية المتعلقة بالجريمة، واختلط فيها الوقائع والحقائق مع الخيال والمبالغات وجرعات التخويف والتضليل.

 

ويمكن فهم تلك العلاقة بين الإعلام والجريمة من عدة زوايا، منها:

 

* أن وسائل الإعلام قد تشجع على مخالفة القانون، تشير دراسات غربية إلى أن 10% من جرائم العنف التي يرتكبها المراهقون ناتجة عن تأثيرات إعلامية.

 

* أن التغطية الإعلامية قد تبني صورة ذهنية سيئة عن العدالة؛ فمثلا في قضايا التعويضات في الولايات المتحدة، تبني وسائل الإعلام صورة ذهنية عن القضاء بأنه يمنح تعويضات على ادعاءات كاذبة، وأكدت دراسة أن الإعلام صنع صورة ذهنية تتمثل في أن 98% من القضايا المرفوعة يحصل المُدعي فيها على تعويض جيد؛ وهو ما خلق هوسًا أمريكيًّا برفع قضايا تعويض، على أشياء تافهة، رغم أن الدراسات الإحصائية أكدت أن 41% فقط هم من يحصلون على تعويض، وأن المبالغ الممنوحة لا تزيد عن 10% مما يروجه الإعلام.

 

* تنمية المشاعر العنصرية تجاه جرائم معينة، فقد تكثف وسائل الإعلام تغطية ارتكاب مجموعة ينتمون إلى جنسية أو لون أو مكان معين لجرائم بعينها، وعندها تخلق صورة ذهنية توحي باقتران تلك الجريمة بفئة معينة من الناس؛ فمثلاً نجد الإعلام الأمريكي يركز على جرائم السود، أو عنف المافيا الروسية، أو تطرف المسلمين، وهذا التكثيف يعمق مفهوم العنصرية، لكن الأخطر هو أن الإعلام يربط تل الفئة من الناس بجرائم تتسم بالقسوة والعنف، وهو ما يعمق الانقسام والمخاوف في المجتمع.

 

* تحول الجريمة إلى حالة من الترفيه: فالإعلام سواء التقليدي أم مواقع التواصل الاجتماعي حوّل الجرائم إلى حالة ترفيه، وكلما زاد الإقبال على متابعة تلك الجرائم، زاد حجم الإعلانات وما تدره من أموال، ولعل هذا كان وراء دمج أخبار الجرائم في الخريطة البرامجية والخبرية في الإعلام التقليدي، وباتت الجريمة وتفاصيلها ومرتكبوها حاضرين في الأخبار والقصص الإخبارية على مواقع التواصل الاجتماعي.

 

* تشير دراسات نفسية واجتماعية إلى أن كثرة مشاهدة العنف تقود إلى عنف، وكثرة متابعة أخبار الجريمة قد تدفع إلى ارتكابها، أكدت دراسة أمريكية حديثة، أن حوالي 60% من المراهقين أفادوا بمشاهدتهم لعنف حقيقي على مواقع التواصل الاجتماعي، وتشير دراسة أخرى إلى أن 42% من المراهقين أكدوا أن مشاهدة العنف تساهم في تبني الكثير من الشباب للعنف، وأن الغالبية من الشباب باتت تميل لمشاهدة العنف أكثر من ميلها للترفيه أو الموسيقى أو ألعاب الفيديو.

 

* تشير دراسات نفسية واجتماعية إلى أن ما يعرضه الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي من حياة الطبقة المترفة واستهلاكها الاستفزازي، وبذخ عيشها، قد يكون دافعًا وراء ارتكاب آخرين لبعض الجرائم، إذ ينظر هؤلاء الذين يتطلعون للثراء أو لتغيير نمط حياتهم إلى اعتماد الجريمة بصورة نفعية لتحقيق أحلامهم للاستمتاع بتلك الحياة المترفة، ولذا يلجؤون إلى بيع المخدرات أو السرقة أو حتى القتل.

 

* تضخيم الجريمة والانحراف: تلعب وسائل الإعلام التقليدية ومواقع التواصل الاجتماعي في كثير من الأحيان دورًا في تضخيم الجريمة والانحراف، وهذا يؤدي إلى نشر المخاوف والرعب داخل المجتمع، فيشعر كل فرد أنه مستهدف من عناصر إجرامية، وهو ما يسبب حالة ذعر في المجتمع، ومثال ذلك الحديث عن جرائم خطف الأطفال الصغار؛ فالتركيز على تلك الجريمة والمبالغة في تغطية أخبارها، ينشر حالة من الخوف بين ملايين الأسر، رغم أن الجريمة قد تكون فردية أو محصورة في مجموعة صغيرة للغاية.

الرابط المختصر :