زوجتي والهاتف.. مأساة كل يوم

<p>أنا رجل متزوج منذ ثلاثة شهور وزوجتي لا تترك الهاتف من يدها وكم مرة أعود من العمل فلا أجدها قد انتهت من الطعام، وكم مرة احترق الطعام بسبب الهاتف اللعين.. إنها مهملة في كل أمور المنزل، وتقول لي إنها غير معتادة عليها، فهي كانت امرأة عاملة وتركت عملها بناء على طلبي ولم تكن تشارك في أعمال البيت.</p> <p>وأيضًا تطلب كثيرًا من المال لأنني وعدتها أنها لن تحتاج شيئا إذا تركت العمل، ولكنها تنفق بطريقة سفيهة، وأنا على حافة الجنون.. ماذا أفعل؟</p>

أخي الكريم، أهلاً وسهلاً ومرحبًا بك على صفحة البوابة الإلكترونية للاستشارات ومبارك لك الزواج..

 

لفت نظري أنك لم تذكر أي ميزة أو صفة إيجابية في عروسك.. لقد كتبت لي عيوب زوجتك ومشكلاتها وبشكل مكثف بينما لم تحاول أن تقدم صورة موضوعية لها، فهل هي بلا أي مميزات أو صفات إيجابية؟ وهل يوجد إنسان ليس له مميزات؟ وإن كان الأمر كذلك فلِمَ تزوجتها؟ وما الذي جذبك لها؟

 

ذكرت في رسالتك المختصرة أنك طلبت منها ترك العمل وأنك ستجعلها لا تحتاج شيئًا وأنها قبلت ذلك ورضيت به، ألا يدل ذلك على طاعتها لك وكونها قريبة سهلة لينة. ولا تقل إنها قبلت لأنك وعدتها بأن تجعلها لا تحتاج شيئًا، فالطبيعي والواجب عليك أن تجعلها لا تحتاج شيئًا فأنت المسئول عن النفقة...

 

لكن أن تترك هي عملها في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية المعقدة التي نعيشها فهذا يعني أنها تثق فيك وتثق في كلمتك، فكلمتك لديها أكبر من أي مخاوف قد تواجهها وهي تترك حياتها العملية لأجلك، وكان من الممكن أن ترفض، وكان من الممكن أن تقول لك ولماذا لم تتقدم لفتاة لا تعمل بالفعل؟ لكنها اختارت الثقة فيك وسلمت أمرها لك وأنت لم تذكر هذا الأمر إلا عرضًا في سياق نقدك لإسرافها في النفقات.

 

لذلك أدعوك أن تنظر لها بعين مختلفة، عين تتحرى الموضوعية كحد أدنى، أما إن نظرت لها بعين الحب فبالتأكيد كنت سترى مميزات ضخمة، لذلك فالخطوة الأولى في الحل تكمن في النظر لزوجتك نظرة متوازنة.. الحد الأدنى الذي ستجنيه أن يقل سقف احتقانك منها للحد الأدنى، وبالتالي تستطيع الوصول لحل لما عرضته من مشكلات متعلقة بها.

 

علاج سلوكي

 

أخي الفاضل، بدلا من مشاعر الاحتراق التي تعاني منها والتي تكاد تدفعك لحافة الجنون دعنا نفكر في بعض الحلول العملية، فمثلا يمكنك أن تصارحها بحجم راتبك والمقدار الذي تستطيع منحه لها كمصروف شخصي لا يمكن تجاوزه.

 

وإذا عدت يومًا فلم تجد الطعام جاهزًا أو وجدته وقد احترق، فاطلب طعامًا جاهزًا واخصم ثمنه من المصروف الذي قررته لها دون صراخ أو انفعال زائد ودون أن تقول لها إن هذا عقابها ونحو ذلك من كلام جاف يشعرها أنها تلميذة أو ينتقص من كبريائها، وإنما أنت تخصم من مصروفها لأن ميزانيتك محدودة بالفعل، وهذا سيعلمها تحمل المسؤولية ومراعاة الوقت والاهتمام بالتفاصيل، وهذا لون من ألوان العلاج السلوكي الذي يحقق نتائج باهرة إذا أتقنت استخدام أدواته.

 

هنا سيحدث لديها ارتباط شرطي بين إتقانها للطهي وبين الحصول على مصروفها كاملا، فعندما تنشغل بالهاتف ستتذكر أن الطعام قد يحترق، ومن ثم سيتم طلب طعام جاهز من مصروفها الشخصي وبالتالي ستشعر بالانزعاج، وهذا سيمنع دائرة استمتاعها بالهاتف من الاكتمال فتتركه وتقوم لمتابعة الطهي.

 

بعد فترة عندما تلاحظ أن طهيها تحسن وأصبحت ملتزمة به يمكنك أن تعرض عليها أن تأتي بعاملة منزلية تساعدها في أمور التنظيف وأيضًا من مصروفها الشخصي، ولا بأس من أن تزيد مصروفها الشخصي قليلا بعد إجادتها لأمور الطهي كلون من الدعم والتعزيز الإيجابي، لكن هذه الزيادة مهددة ومعها جزء من المصروف الأساسي إذا جاءت العاملة المنزلية وهذا سيحفزها لإتمام بقية المهام المنزلية التقليدية.

 

ملاحظات مهمة

 

أخي الكريم، أريدك أن تكون واقعيًّا في طرحك وفي نقدك وفي سقف طموحك وفيما تنتظره من زوجتك، لذلك فهذه مجموعة من الملاحظات التي قد تساعدك في ذلك:

 

* عندما تعود للبيت اترك هاتفك جانبًا واطلب منها فعل الشيء نفسه أو حدد وقتًا قصيرًا تنشغل فيه بالهاتف وهي مثلك، ثم خذ هاتفك وهاتفها وأغلقهما أو ضعهما في مكان بعيدا عن متناول اليد.. الحد الأدنى أن تكون الساعة الأخيرة قبل النوم خالية من الهاتف.. كن قدوة لها في قضية الانشغال بالهاتف، وتذكر قوله تعالى: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ (البقرة: ٤٤)..

 

* تحدث إليها برفق أن الهاتف وسيلة تعلم مبهرة في كافة المجالات وأنك قرأت من قبل عن نساء لم يكن يجدن الطهي وتعلمن أصول الطهي وصناعة الحلويات وأصبحن بارعات في ذلك.. أخبرها أنك تثق في ذكائها وأنها تستطيع ذلك وتستطيع التفوق على نفسها.. شجعها على الاشتراك في جروبات إدارة المنزل ففيها نصائح سهلة ومفيدة ومنظمة وأحيانا مسابقات قد تعيد لها الشغف وتجعلها تستشعر بأهمية ما تقوم به.

 

* أخي الكريم، الحياة مشاركة فإن كان العرف قد جرى على أن تتحمل المرأة مسئولية إدارة البيت من طهي وتنظيف، إلا أن الشرع طلب منك أن تقتدي بسلوك نبيك الذي كان في خدمة أهله، فعندما سُئلت عائشة رضي الله عنها "ما كان النبي ﷺ يصنع في بيته؟" قالت: "كان في مهنة أهله، فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة".

 

* إذا كانت ظروفك المادية مناسبة فاشتر أحيانًا الطعام الجاهز وأحضر لها بين الحين والآخر من يساعدها في إدارة المنزل.. الحد الأدنى أن يكون لها يوم في الأسبوع بمثابة يوم عطلة حتى تستطيع استئناف مهامها بنشاط وحتى تشعر بطيب نفس عما تقوم به من مهام هي لم تكن معتادة عليها بالفعل ولا تشعر بالشغف نحوها، وأنت كنت تعرف هذا كله، ولكن مميزاتها التي لم تذكرها في رسالتك هي ما جعلتك تغض النظر عن عيوبها في بداية ارتباطك بها.

 

* الزمن جزء من العلاج فهي بالتدريج ستكتسب الخبرات وتكتسب المهارات، وقد تبقى أقل قليلا من بقية النساء المدربات على أعمال المنزل، فعليك أن تتقبل هذا الأمر وترضاه طالما أنها بذلت جهدها في السعي.. أسعد الله قلبك وأصلح بينك وبين زوجك وتابعنا بأخبارك.