بلوغ طفلتي المفاجئ أربكني وأفزعها.. ما العمل؟!

<p>السلام عليكم يا دكتورة،</p> <p>أنا بكتبلك وأنا مخضوضة ومرتبكة جدًا من اللي حصل مع بنتي الكبيرة عندها ١٠ سنين بس<span dir="LTR">.</span></p> <p>من يومين فوجئت إنها بلغت، وأنا بصراحة اتصدمت ومش عارفة ده طبيعي ولا لأ. البنت نفسها متوترة جدًا وبتعيط وبتسألني: &quot;هو أنا ليه حصللي ده ؟ هو ده معناه إيه؟<span dir="LTR">&quot;.</span></p> <p>أنا بحاول أطمنها، بس أنا من جوايا قلقانة جدًا ومش عارفة أتصرف إزاي معاها. خايفة أكون بزوّد قلقها لو شرحت لها تفاصيل كتير، وفي نفس الوقت مش عايزة أسكت وأسيبها محتارة أو تحس بخجل أو عيب من جسمها<span dir="LTR">.</span></p> <p>أنا محتاجة حضرتك توضحيلي: ده طبيعي في سنها ولا يعتبر مبكر؟ وإزاي أتعامل معاها في المرحلة دي من غير ما أخوفها أو أضغط عليها؟</p>

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،

 

اطمئني يا غالية واهدئي، فما مررتِ به مع ابنتك أمر طبيعي قد يحدث لبعض الفتيات في أعمار متفاوتة. وأول ما أود أن أؤكده لكِ أن بلوغ الفتاة بين سن التاسعة إلى الخامسة عشرة يعد طبيعيًّا في ضوء ما يذكره الطب وعلم النفس، بل إن بعض الدراسات الحديثة تشير إلى أن متوسط سن البلوغ للفتيات في عصرنا قد أصبح ما بين 10 و12 عامًا. إذًا فظهور علامات البلوغ عند ابنتك ذات السنوات العشر لا يُعد أمرًا غير طبيعي أو مرضيًّا، وإنما هو ما يسمى بـ Early Puberty أو البلوغ المبكر نسبيًّا، وهو مقبول ما دام لا يصاحبه أعراض مرضية أخرى.

 

أما عن ارتباكك وارتباك ابنتك، فهو أمر طبيعي أيضًا، لأنكما تعبران عن صدمة الانتقال (Transition Shock)، أي الانتقال المفاجئ من مرحلة الطفولة إلى بداية المراهقة. هنا يأتي دورك كأم حكيمة في أن تكوني لها مصدر الأمان، حتى لا يتسلل إليها الخوف أو الخجل السلبي من جسدها.

 

واعلمي -أختاه- أن هذه المرحلة تتطلب من الوالدين دعمًا نفسيًّا عاطفيًّا (Emotional Support) وتطبيعًا للتجربة (Normalization)، أي طمأنة الفتاة بأن ما يحدث لها سُنة من سنن الله في خلقه. قال تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ﴾. وهذه الآية الكريمة تثبت أن الحيض أمر طبيعي في حياة الأنثى، وأن التعامل معه يكون بالوعي والهدوء لا بالخوف أو الارتباك.

 

* ونصائحي العملية لكِ هي:

 

1- التهدئة والاحتواء:

 

طمئني ابنتك أن جسدها ينمو بشكل طبيعي، وأنها ليست وحدها، بل كل الفتيات يمررن بهذه المرحلة في وقت ما.

 

2- الشرح المبسط:

 

قدمي لها معلومات مبسطة وهادئة عن الدورة الشهرية ووظيفتها، بعيدًا عن المصطلحات المعقدة. اجعلي الأمر يبدو طبيعيًّا مثل تغير الأسنان أو زيادة الطول، وهكذا.

 

3- تعزيز الثقة بالنفس (Self-esteem Enhancement):

 

وذلك عن طريق مدحك لنضجها، وأخبريها أن هذه علامة على أنها تكبر وتصبح فتاة مسؤولة، وأنها أمانة في عنقك وعند الله.

 

4- البعد عن التخويف:

 

لا تستخدمي لغة الخجل أو العيب؛ لأن هذا قد يترك أثرًا نفسيًا سلبيًّا يعرف في التربية بـ Body Shame الخجل من الجسد.

 

5- تغذية الجانب الديني:

 

علميها أن البلوغ بداية لتكليفها بالعبادات والفرائض كالصلاة والصيام، وهذا شرف عظيم لها، وأنها تدخل سن المسؤولية أمام الله برفق ورحمة، قال النبي ﷺ: "رُفِع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل".

 

وتذكري -يا عزيزتي- أن دورك الآن هو أن تكوني جسرًا آمنًا تمر عليه ابنتك بسلام إلى مرحلة المراهقة، وأن تجعلي من هذه التجربة مصدر قوة لها لا مصدر ضعف. وكلما منحتِها الأمان النفسي (Psychological Security) والثقة، اجتازت المرحلة بسهولة واطمئنان.

 

* همسة أخيرة للأم المتوترة:

 

لا تقلقي، ولا تهوّلي الأمر، واعتبريه فرصة لتوثيق علاقتك بها أكثر، فهذه المرحلة إن أحسنتِ التعامل معها فستكون مفتاحًا لقربها منك في سنوات المراهقة القادمة إن شاء الله تعالى.