كيف أضبط انفعالاتي ومشاغبات تلاميذي؟!

<p style="direction: rtl;">السلام عليكم ورحمة الله وبركاته</p> <p style="direction: rtl;">أنا مدرس في مدرسة ابتدائية مشتركة، وأواجه صعوبات متكررة أثناء شرح الدروس بسبب مشاغبات بعض التلاميذ وتشتيتهم للانتباه داخل الفصل. أعترف أن ردود أفعالي في الأعوام الماضية لم تكن دائمًا موفقة، فقد كنت أحيانًا أنفعل أو أصرخ، وهذا زاد من توتر الجو الدراسي بدل أن يخففه.</p> <p style="direction: rtl;">ومع بداية هذا العام الدراسي الجديد، أود أن أبدأ صفحة جديدة بأسلوب أكثر تربوية وهدوءًا، وأبحث عن طرق عملية تساعدني على ضبط الفصل وإدارة الدرس بطريقة صحيحة دون أن أخسر ود التلاميذ أو احترامهم. فما النصائح التي توجهينها لي يا دكتورة أميمة لأتدارك ما سبق وأبدأ بداية صحيحة؟</p>

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،

 

أخي المعلِّم الكريم، أثمِّن وعيك وصدقك في الاعتراف بما مضى من ردود أفعال، ورغبتك الصادقة في التغيير مع بداية العام الجديد، وهذا في ذاته أول خطوة صحيحة نحو النجاح، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ﴾.

 

أخي، إن ما تواجهه داخل الصف يُعَدّ أمرًا طبيعيًّا في المدارس المشتركة، حيث تتنوع شخصيات التلاميذ، وتظهر لديهم أنماط سلوكية مختلفة تحتاج إلى حكمة وصبر.

 

وإدارة الصف لا تقوم على العقاب أو الانفعال، بل على القيادة التربوية (Instructional Leadership) التي تمزج بين الحزم والرحمة.

 

فهم دوافع السلوك المشاغب

 

تأكد أن الطفل الذي يُحدث ضوضاء أو تشويشًا ليس بالضرورة طفلًا "سيئًا"، بل قد يكون يبحث عن الانتباه (Attention-Seeking)، أو يعبر عن الطاقة الزائدة (Excess Energy)، أو حتى يعاني من ضعف الدافعية للتعلم (Low Motivation) وإدراك هذه الخلفيات يساعدك على التعامل معه بروية بدل الانفعال.

 

استراتيجيات إدارة الصف

 

وإليك استراتيجيات عملية لإدارة الصف:

 

1- بناء العلاقة الإيجابية (Positive Teacher-Student Relationship)

 

ابدأ العام بابتسامة، بالتقرب من تلاميذك، وحفظ أسمائهم، فهذا يخلق أُلفة تقلل من السلوكيات السلبية.

 

2- ضرورة الاتفاقات الصفية من البداية

 

ضع قواعد واضحة بسيطة، صُغها بصيغة إيجابية، واجعل الطلاب يشاركون في صياغتها، فهذا يعزز المسؤولية المشتركة (Shared Responsibility).

 

3- التعزيز الإيجابي (Positive Reinforcement)

 

امدح السلوك الجيد أمام الآخرين؛ فالطفل يميل إلى تكرار السلوك الذي يجلب له التقدير. قال رسول الله ﷺ: "من لا يشكر الناس لا يشكر الله".

 

4- لا بد من تدربك على إدارة الانفعال الذاتي (Self-Regulation)

 

درِّب نفسك على التنفس العميق أو الصمت لثوانٍ قبل الرد، فهذا يمنحك سيطرة على الموقف بدلًا من الانفعال.

 

5- تنويع الأنشطة التعليمية (Active Learning Strategies) داخل الحصة

 

اجعل الدرس أكثر حيوية بالتعليم النشط، الحوار، الألعاب التعليمية؛ لأن الملل يغذي المشاغبة.

 

 إدراك البعد النفسي التربوي

 

ولا بد من إدراكك للبعد النفسي التربوي، واعلم أن الطفل حين يشعر بأن المعلِّم يُقدّره ويُعطيه دورًا إيجابيًّا، تتحول طاقته من سلوك مزعج إلى سلوك مشارك. هذا ما يسميه علماء النفس بـ التحويل السلوكي (Behavioral Redirection) ويكون بالطبع للأفضل إن شاء الله.

 

وأخيرًا تذكر يا أخي، أنت القدوة التي ينظر إليها التلاميذ، وأنت المربي قبل أن تكون المعلّم.. فلتكن قدوة في الصبر والحلم وضبط النفس، وستجد أن تلاميذك – بمرور الوقت– يعكسون سلوكك في تعاملاتهم.

 

 * همسة أخيرة:

 

ابدأ عامك الجديد بقلب مطمئن، واعتبر كل تحدٍّ فرصة لبناء جيلٍ أفضل، وتذكَّر أن زرع الثقة والمحبة في نفوس التلاميذ هو الطريق الأصدق إلى ضبط الصف وإثراء العلم.

 

روابط ذلت صلة:

ما المطلوب لإنجاح العملية التربوية؟ | مجلة المجتمع