حكم صبغ الشعر وتقصيره للنساء

<p>السؤال: فضيلة الشيخ حفظكم الله ورعاكم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: ذهبتُ إلى إحدى صديقاتي، وهي في الخامسة والخمسين من عمرها، فوجدتُها قد قصّت شعرها قصةً قصيرة جدًا تُشبه في هيئتها شعر الرجال، كما أن الشيب قد غلب على رأسها. فنصحتُها بأن هذه الهيئة لا تليق بالمرأة المسلمة، وأن ترك الشيب دون تغطيةٍ أو صبغٍ على هذا النحو لا يُستحب، لما في ذلك من مخالفةٍ لهيئة النساء.</p> <p>فاحتجّت عليّ بمقطعٍ قصيرٍ للشيخ عثمان الخميس يتحدث فيه عن حكم الشيب، فبيّنتُ لها أن المقطع مجتزأ، وأن الحكم الذي ذكره خاصٌّ بالرجال، بينما للنساء في هذا الباب أحكامٌ مغايرة، إلا أنها أصرت وقالت: الشيخ لم يُفرّق بين الرجل والمرأة.</p> <p>لذا أرجو من فضيلتكم بيان الحكم الشرعي المفصّل في المسألتين التاليتين:</p> <p>1. حكم ترك الشيب للمرأة دون تغطيةٍ أو صبغٍ.</p> <p>2. حكم قصّ المرأة شعرها قصًّا قصيرًا جدًا يُشبه شعر الرجال.</p> <p>كما نرجو من فضيلتكم التوضيح حول خطورة الأخذ بالفتاوى من المقاطع المجتزأة أو المختصرة المنتشرة في وسائل التواصل، دون الرجوع إلى الكلام الكامل للعلماء وسياقهم العلمي الصحيح. وجزاكم الله خيرًا ونفع بكم الأمة.</p>

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

 

فلا يجوز أخذ الفتاوى إلا من متخصص، وتأخذ الفتوى بضوابطها دون اقتطاع، ولا اجتزاء، وهذه مسئولية المستفتي.

 

قص شعر المرأة

 

أما عن قص شعر المرأة ففيه سعة، وهو من المباحات ما دامت لا تقصد المرأة التشبه بالرجال، أو غير المسلمات، ويكون بإذن الزوج إذا كانت المرأة متزوجة؛ لأن الشعر مصدر جمال  المرأة والأصل أن المرأة تتزين لزوجها، فإن أذن لها فلها أن تفعل بالضوابط السابقة.

 

صبغ شعر المرأة

 

أما صبغ شعر المرأة بالسواد فقد منعه جمهور الفقهاء، وأجازوا لها الألوان الأخرى، ويرى بعضهم جوازه ما دام لا يكون تدليسًا على الناس لكي تظهر المرأة صغيرة وهي ليست كذلك.

 

ففي صحيح مسلم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: دخلت على عائشة رضي الله عنها أنا وأخوها من الرضاعة، فسألها عن غسل النبي: فذكر الحديث وفيه: "وكان أزواج النبي ﷺ يأخذن من رؤوسهن حتى تكون كالوفرة". والوفرة هي الشعر إذ جاوز شحمة الأذن.

 

 الاختضاب بالسواد

 

وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:

 

اختلف الفقهاء في حكم الاختضاب بالسواد: فالحنابلة والمالكية والحنفية - ما عدا أبا يوسف - يقولون: بكراهة الاختضاب بالسواد في غير الحرب، أما في الحرب فهو جائز إجماعًا، بل هو مرغب فيه، لقول النبي ﷺ في شأن أبي قحافة والد أبي بكر رضي الله عنه لما جيء إليه عام الفتح، ورأسه يشتعل شيبًا: "اذهبوا به إلى بعض نسائه فلتغيره، وجنبوه السواد".

 

وقال الحافظ في الفتح: إن من العلماء من رخّص في الاختضاب بالسواد للمجاهدين، ومنهم من رخص فيه مطلقًا، ومنهم من رخص فيه للرجال دون النساء، وقد استدل المجوزون للاختضاب بالسواد بأدلة: منها: قول رسول الله ﷺ (إن أحسن ما اختضبتم به لهذا السواد، أرغب لنسائكم فيكم، وأهيب لكم في صدور أعدائكم)، ومنها ما روي عن عمر بن الخطاب أنه كان يأمر بالخضاب بالسواد، ويقول: هو تسكين للزوجة، وأهيب للعدو.

 

ومنها أن جماعة من الصحابة اختضبوا بالسواد، ولم ينقل الإنكار عليهم من أحد، منهم عثمان وعبد الله بن جعفر والحسن والحسين. وكان ممن يختضب بالسواد ويقول به محمد بن إسحاق صاحب المغازي، وابن أبي عاصم، وابن الجوزي.

 

ومنها ما ورد عن ابن شهاب قال: "كنا نختضب بالسواد إذ كان الوجه جديدًا (شبابًا) فلما نفض الوجه والأسنان (كبرنا) تركناه.

 

وللحنفية رأي آخر بالجواز، ولو في غير الحرب، وهذا هو مذهب أبي يوسف.

 

وقال الشافعية بتحريم الاختضاب بالسواد لغير المجاهدين؛ لقول النبي ﷺ: "يكون قوم في آخر الزمان يخضبون بالسواد، لا يريحون رائحة الجنة"، ولقوله ﷺ في شأن أبي قحافة: وجنبوه السواد، فالأمر عندهم للتحريم، وسواء فيه عندهم الرجل والمرأة.

 

والله تعالى أعلى وأعلم

 

روابط ذات صلة:

حكم استعمال الخيط في إزالة شعر الوجه للنساء