الإستشارة - المستشار : أ. فتحي عبد الستار
- القسم : إيمانية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
82 - رقم الاستشارة : 1346
17/03/2025
رمضان قرب يخلص، وللأسف أحس إني ما سويت فيه أي شي مختلف عن حياتي قبل رمضان.
أصلي الصلوات الخمس وأصوم، بس غير جذي ما في، لا سنن، لا تراويح، لا قرآن، كأني متكتّف عن الطاعة وما عندي دافع أسوي أي شي زيادة.
كل ما أحاول ألتزم بشي، ألاقي نفسي أرجع وأتكاسل.
الحين قاعد أحس إن ربي مو راضي عني! صرت أكره نفسي وأحس إني محروم من لذة العبادة.
شلون أقدر أغير هالحالة قبل لا يخلص رمضان؟ وهل في أمل أعوض؟ ساعدوني، جزاكم الله خير.
أخي الكريم، أسأل الله أن يرزقك قلبًا خاشعًا، وعملًا صالحًا متقبلًا، وأن يشرح صدرك للخير ويعينك عليه، وبعد...
فرمضان هو شهر الرحمة، لا شهر الإحباط والندم المعطِّل، والله سبحانه وتعالى أكرم وأرحم من أن يرد من أقبل عليه نادمًا أو متحسرًا، بل إنه يفرح بتوبة عبده ورجوعه إليه، كما قال النبي ﷺ: «لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ بِضَالَّتِهِ إِذَا وَجَدَهَا» [رواه مسلم]. فلا تدع الشيطان يقودك إلى اليأس؛ بل خذ من شعورك هذا دافعًا للتحرك، فالوقت لم ينتهِ بعد، وما زالت أبواب الرحمة مفتوحة!
أولًا- لا تحقر ما أنت عليه
أنت تصلي الفرائض وتصوم الفرض، وهذه نعم عظيمة! قد تكون أشياء اعتيادية بالنسبة لك، لكنها عند الله ثقيلة في الميزان. فلا تجعل الشيطان يقلل من شأن عبادتك ليدخلك في دوامة الإحباط. يقول الله عز وجل في الحديث القدسي: «وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشَيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه» [رواه البخاري].
وقال النبي ﷺ: «أَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ» [متفق عليه]، فمهما كان عملك بسيطًا، استمر عليه، وسيبارك الله لك فيه ويزيدك.
ثانيًا- ما الذي يقيِّدك عن الطاعة؟
تذكر قول الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [العنكبوت: 69]. أحيانًا، العجز عن الطاعة يكون بسبب ذنوب خفية تثقل القلب، فحاول أن تراجع نفسك، هل هناك ذنب لم تتب منه؟ هل هناك تعلق بالدنيا يشغلك؟ الحل هنا هو الاستغفار والتوبة الصادقة، قال النبي ﷺ: «إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا خَطَأَ خَطِيئَةً نُكِتَتْ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ...» [رواه ابن ماجة]، فابدأ بالاستغفار وسترى كيف ينشرح صدرك للطاعة.
ثالثًا- كيف تعوِّض ما فات؟
1- النوايا تصنع المعجزات: حتى لو لم تستطع القيام بالكثير، اجعل نيتك قوية، واجتهد في العمل بمقتضاها، فإن الله يكتب لك الأجر بنيتك، كما قال ﷺ: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» [متفق عليه].
2- ابدأ بالقليل الممكن: لا تحاول أن تقوم فجأة بكل شيء؛ بل ابدأ بسنة واحدة فقط، ركعتي قيام، صفحة من القرآن، أذكار قبل النوم. فستجد البركة تنساب في قلبك.
3- اللحظات الغالية لا تزال قائمة: فلا تزال هناك العشر الأواخر، وفيها ليلة القدر، وهي فرصة العمر، قال الله: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ [القدر: 3]، لو قمتها بصدق، فكأنك عبدت الله أكثر من 83 سنة! فهل ستفرِّط في هذه الفرصة؟
رابعًا- هل الله غير راضٍ عنك؟
انتبه، الشعور بأن الله غير راضٍ عنك قد يكون من مداخل الشيطان لإحباطك، فالله أرحم بعباده من أمهاتهم، قال ﷺ: «لَلَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا» [متفق عليه]. فما دمت تشعر بالحزن على تقصيرك، فهذه علامة خير؛ لأن القلوب القاسية هي التي لا تبالي.
وختامًا -أخي الكريم- لا تفكر فيما فات، بل فكِّر فيما بقي. استعن بالله، وأقبل عليه بقلب صادق، وسترى العجب من رحمته. اسأل الله أن يبدل شعورك بالعجز إلى قوة، وبالفتور إلى نشاط، وبالحرمان إلى لذة قرب. وأبشرك بحديث النبي ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ» [رواه مسلم].
قم الآن، توضأ، واستغفر، وابدأ ولو بخطوة صغيرة، وستجد الله أرحم وأقرب مما تتصور! أسأل الله لك القبول والتوفيق، وجزاك الله خيرًا على حرصك وصدقك.