الإستشارة - المستشار : أ. فتحي عبد الستار
- القسم : أسرية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
408 - رقم الاستشارة : 779
23/01/2025
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا شاب مسلم أبلغ من العمر 23 سنة. أقطن حاليًّا بأمريكا، حيث أشتغل هناك وأسكن مع إخوتي. والداي لا زالا مستقرين ببلدي الأصلي. مشكلتي مع أمي حول موضوع الزواج، فأنا أريد الزواج من بنت أحبها لكن أمي تعارضني. هذه البنت قريبتي من بعيد وأمي تزعم أنها لا تليق بي وتقول لي اختر أي بنت إلا هي!! من بين تعليلاتها أنها ليست من عائلة راقية أو من ذوي الحسب والنسب (رغم أنها قريبتي من جهة أمي). صحيح أن هذه البنت افترق والداها منذ صغرها وهي تعيش مع جدتها وعماتها اللواتي تكفلن بها، لكن هذا لا يعيبها في شيء، فنحن نحب بعضنا وقبل هجرتي كنا نخرج معًا نتجول وذلك بعلم عماتها وأيضًا أمي كنت أفاتحها في الموضوع، لكن مشكلتي أني أخاف من عقوق أمي. حاولت مرات ومرات إقناعها لكن دون جدوى، فأمي متمسكة برأيها لكن بتبرير غير منطقي، كأن تقول لي: (وماذا أقول للناس بعد زواجك؟!! أنك تزوجت واحدة والداها رموها لجدتها تربيها؟). بعد هجرتي، أمي ذهبت إلى بيت هذه الفتاة تأمرها بعدم قبول الزواج مني، وأنها ستحول حياتنا إلى جحيم، وتشاجرت مع أهلها الذين أحسوا بمس في كرامتهم، وأصروا على موقفهم، أي إذا تقدمت لابنتهم سيوافقون رغم معارضة أمي، وهذا ما زاد الطين بلَّة، فأمي الآن تصر أكثر على موقفها وتقول إنهم يريدون أخذي منها! وكلما حاولت مناقشتها تبكي ويُقفل الموضوع دون حل. زِيادة عن بعض الخلافات كانت قديمًا بين العائلتين، لكن ما علاقتي أنا وحياتي بنقاشاتهم؟ الآن لا زلت على اتصال مع هذه البنت عبر الإنترنت، ونسعى إلى إيجاد حل لهذه المشكلة ونكون معا أسرة صغيرة. أنا أؤمن أن في كل أمر عقبات وجب تخطيها للوصول إلى المبتغى، فنحن لا نريد الاستسلام بسهولة لهذه المشاكل بين العائلتين. فكرت لمرات في الزواج دون موافقة أهلي، لكني أخشى أن تصاب أمي بمكروه حين سماعها بالخبر ولن أسامح نفسي أبدًا. لا أعلم ماذا أفعل! أخشى عقوق أمي لكني أجد في موقفها ظلمًا لي ولهذه البنت. أرجو النصيحة! فهل عندكم من حل لهذه المشكلة؟ نرجو ألا تبخلوا علينا بآرائكم فهي تهمنا، كيف أقنع أمي؟ أرجو النصيحة يا شيخ، جزاك الله خيرًا وزادك علمًا.
الأخ العزيز، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ومرحبًا بك، ونشكرك على ثقتك بنا، وأسأل الله -عز وجل- أن يوفقنا لمساعدتك وبعد...
فلا شك أن أمك لها حق عظيم عليك لا يمكن إنكاره أو تجاهله، فقد وصّى بها الله عز وجل أيما توصية، وكذلك نبيه صلى الله عليه وسلم، وعليك أن تسعى في إرضائها وبرها ما استطعت إلى ذلك سبيلاً.
وبالنسبة لحالتك –أخي- يجب عليك أولاً أن تتأكد من حسن اختيارك لهذه الفتاة، ومن دينها وخلقها، فهذا هو الأهم، كما قال صلى الله عليه وسلم: «فاظفر بذات الدين»، ولتتأكد من ذلك عليك أن تفكر بموضوعية بعيدًا عن تأثير العواطف؛ فالعاطفة قد تخبو، ولا يبقى إلا العشرة الطيبة والمودة والرحمة، أو النقيض من ذلك لا قدر الله.
فإن تأكدت من دينها وخلقها، فحاول أن تبذل أقصى ما تستطيع لإقناع والدتك بشتى الطرق والوسائل، ويمكنك على سبيل المثال أن تقنع المقربين منها ليتحدثوا معها ويحاولوا إقناعها، خاصة وأن أسباب رفضها تتعلق بأمور شكلية لا ذنب للفتاة فيها، ويمكن مع بذل جهد أكبر في محاولة إقناعها أن تقتنع.
ولا تنس أخي الكريم سلاح الدعاء، فهو أمضى سلاح وأنجع وسيلة، فابتهل إلى الله عز وجل واستمر في الدعاء أن يرقق الله عز وجل قلب أمك وترضى، وهو سبحانه وتعالى على ما يشاء قدير، والقلوب بين إصبعين من أصابعه سبحانه يقلبها كيف يشاء.
أما إذا فشلت كل محاولات الإقناع، وصممت والدتك على موقفها الرافض لهذه الزيجة، فلا يستطيع أحد أن يملي عليك قرارك، وسيكون عليك أن تختار من بين خيارين أحلاهما مر: فإما أن تتزوج من تلك الفتاة رغمًا عن إرادة أمك باقتناع كامل بهذه الفتاة كزوجة وشريكة لحياتك، على أمل أن تغير أمك من موقفها مستقبلاً أو يقضي الله أمرًا كان مفعولاً، مع الاستمرار في برها ومحاولة إرضائها.
أو أن تطيع أمك وتبحث عن زوجة أخرى ترضيك وترضي أمك، مع ما قد يكون في هذا الخيار من ظلم للفتاة، ولكن لعل الله عز وجل يتجاوز عن ذلك لنيتك في إرضاء أمك، وقد يعوض عليك خيرًا من هذه الفتاة، ويقدر لها الزواج من شخص آخر تقر به عينها.
فاستخر الله -عز وجل- يا أخي، واطلب منه التوفيق للقرار الصائب، وأن يقدر لك الخير أينما كان، ونحن بدورك سندعو لك بهذا، وسبحانه وتعالى نعم المجيب. وتابعنا بأخبارك.