Consultation Image

الإستشارة 11/05/2025

ما المقصود بالتعامل بالهامش في سوق الأوراق المالية ، وما حكمه وما علة هذا الحكم ؟

الإجابة 11/05/2025

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، وبعد:

 

فيقصد بالشراء بالهامش: شراء الورقة المالية بسداد جزء من قيمتها نقدًا بينما يسدد الباقي بقرض، بضمان الأوراق محل الصفقة.

 

لذا يسمى: الشراء بالهامش، إذ تمثل قيمة المدفوعات النقدية هامشًا مبدئيًّا لصفقة الشراء، وفي العادة لا تزيد نسبة الهامش عن 60% من قيمة الصفقة.

 

وهو محرم بإجماع الفقهاء المعاصرين والمجامع الفقهية، حيث إنه قرض بفائدة، أو قرض جر نفعًا في بعض صوره، وكل تعاملات الهامش الحالية محرمة سواء التي تتعامل بالربا الواضح الصريح، أو تلك التي تسمى نفسها بالإسلامية وتشترط النفع من خلال البيع والشراء من خلالها والإفادة من خلال هذا البيع والشراء، ومن خلال رسوم تبييت الصفقة.

 

وفي هذا النوع من العقود يفتح العميل حسابًا بالهامش لدى السمسار، الذي يقوم بدوره بالاقتراض من البنوك التجارية لتغطية الفرق بين قيمة الصفقة وبين القيمة المدفوعة كهامش، على أن توضع الأوراق محل الصفقة كرهن لسداد قيمة القرض.

 

ويخضع مقدار ما يشكله الهامش لمجمل القيمة لقوانين صارمة، ويتغير بشكل مستمر تبعًا للظروف الاقتصادية، ويستخدم كأداة لضبط حركة السوق.

 

حكم الشراء بالهامش

 

من الواضح أن المعاملة بالصفة المذكورة آنفًا محرمة؛ لأن فيها قرضًا بفائدة، فالمستثمـر يشتري السهم ويدفع للسمسار فائدة مقابل مبلغ القرض الذي حصل عليه، والسمسار يدفع فائدة للبنك مقابل مبلغ القرض لصالح العميل، فالعقد مركب من عقود ربوية، ولا خلاف في تحريمه.

 

قرار المجمع الفقهي بمكة المكرمة:

 

ويرى المجلس أن هذه المعاملة لا تجوز شرعًا للأسباب الآتية:

 

أولاً: ما اشتملت عليه من الربا الصريح، المتمثل في الزيادة على مبلغ القرض، المسماة (رسوم التبييت)، فهي من الربا المحرم، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ} [البقرة: 278، 279].

 

ثانيا: أن اشتراط الوسيط على العميل أن تكون تجارته عن طريقه، يؤدي إلى الجمع بين سلف ومعاوضة (السمسرة)، وهو في معنى الجمع بين سلف وبيع، المنهي عنه شرعًا في قول الرسول ﷺ: "لا يحل سلف وبيع". وهو بهذا يكون قد انتفع من قرضه، وقد اتفق الفقهاء على أن كل قرض جر نفعًا فهو من الربا المحرم.

 

ثالثاً: أن المتاجرة التي تتم في هذه المعاملة في الأسواق العالمية غالبًا ما تشتمل على كثير من العقود المحرمة شرعًا، ومن ذلك:

 

1. المتاجرة في السندات، وهي من الربا المحرم، وقد نص على هذا قرار مجمع الفقه الإسلامي بجدة رقم (60) في دورته السادسة.

 

2. المتاجرة في أسهم الشركات دون تمييز، وقد نص القرار الرابع للمجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي في دورته الرابعة عشرة سنة 1415هـ على حرمة المتاجرة في أسهم الشركات التي غرضها الأساسي محرم، أو بعض معاملاتها ربا.

 

3. بيع وشراء العملات يتم غالبًا دون قبض شرعي يجيز التصرف.

 

4. التجارة في عقود الخيارات وعقود المستقبليات، وقد نص قرار مجمع الفقه الإسلامي بجدة رقم (63) في دورته السادسة، أن عقود الخيارات غير جائزة شرعًا؛ لأن المعقود عليه ليس مالاً ولا منفعة ولا حقًّا ماليًّا يجوز الاعتياض عنه. ومثلها عقود المستقبليات والعقد على المؤشر.

 

5. أن الوسيط في بعض الحالات يبيع ما لا يملك، وبيع ما لا يملك ممنوع شرعًا.

 

رابعًا: لما تشتمل عليه هذه المعاملة من أضرار اقتصادية على الأطراف المتعاملة، وخصوصًا العميل (المستثمر)، وعلى اقتصاد المجتمع بصفة عامة؛ لأنها تقوم على التوسع في الديون، وعلى المجازفة، وما تشتمل عليه غالبًا من خداع وتضليل وشائعات، واحتكار ونجش وتقلبات قوية وسريعة للأسعار، بهدف الثراء السريع والحصول على مدخرات الآخرين بطرق غير مشروعة، مما يجعلها من قبيل أكل المال بالباطل، إضافة إلى تحويل الأموال في المجتمع من الأنشطة الاقتصادية الحقيقية المثمرة إلى هذه المجازفات غير المثمرة اقتصاديا، وقد تؤدي إلى هزات اقتصادية عنيفة تلحق بالمجتمع خسائر وأضرار فادحة.

 

والله تعالى أعلى وأعلم

الرابط المختصر :