Consultation Image

الإستشارة 15/03/2025

أعلم رأي المستشارين في مشكلتي، ولكنني أريد أن يفهمني أحد بصدق، وليس معنى كلامي أن تغيروا نظرتكم في شيء، ولكن أحيانًا يكون ما بداخلنا حقيقة غير ما يمكن أن تقرأوه من السطور فقط، فأرجو ذلك.

أنا متزوجة، ولي أطفال، وهذا أعيشه، ولكن لا أتعايشه، وأقوم بما تتطلبه حياتي من مسئوليات، ولكن أحببت آخر، ولا أفكر في أي نوع من الخيانة، فقط هي مشاعر قوية بداخلي، وأعلم جيدًا أنني لا يمكنني أن أفعل أي شيء، وكنت أحتك بمن أحبه، والآن أصبح احتكاكي به أقل، وهذا لا يتقبله قلبي، ولكن يقبله عقلي، ورغم ما أشعر به من ألم إلا أنه لن يصح غير ذلك.

ولا تسألني عن مشاعري عن زوجي، فلقد تزوجته وأنا – مثلي مثل أي بنت في وقتي- في جهل من معرفة ما أريد، وما هو الزواج، وغيره مما تُعلِّمونه لنا، ولكن هي الحياة، وزوجي مثل أي رجل، تزوج دون أن يعي شيئًا، وأنا لا أُحمله إلا ما أراه زائدًا عن الحد، فهو مثل معظم الرجال، يعمل، ويأتي بنقود تكفينا، والحياة ليست جافة بشكل مؤذٍ معه، ولكن هو فقط ذلك.

ولا تقولي لي: أن أنظر لمميزاته، وانظري لعيوبك، وما أعلمه من موقعكم جيدًا، فانا لا أقبل لنفسي الخيانة مطلقًا، على أي مستوى، ولست معكم في أن شعوري يعد خيانة، فالله لم يقل هذا مادام شعوري في قلبي، ولكن السؤال هو:

هل يمكن أن أظل محافظة على حبه بقلبي رغم عدم وجودة في حياتي، وهل هناك أمل أن أحيا معه في الجنة، ولا تسخروا فأنا أحتفظ بما أريد لما بعد الحياة؛ لأنه لا شيء غير ذلك يمكن فعله، ولست مضطربة، ولست طماعة، ولكنني فقط أحببت، وأريد أن أحترم مشاعري، رغم أني أعيش ألم الفراق، الذي لن يمكنني فعل غيره، يبقى أن تقولوا لي وكيف حال محبوبك، هل يحبك، ويريد أن يحيا معك هناك؟، وأقول لكم: نعم.

الإجابة 15/03/2025

أختي الكريمة، مرحبا بك، ونشكرك على ثقتك بنا، ونسأل الله عز وجل مع نسمات هذا الشهر الكريم أن يشرح صدرك، ويزيل همك، ويرزقك الرشاد والصواب والخير لدينك ودنياك، وبعد...

 

فأؤكد لك بداية تقديري الكامل لعواطفك ومشاعرك، وتفهمي الشديد لها، وما كان لي أبدًا أن أسخر من تلك المشاعر، أو أتهمك، أو أعنفك، وليس لي أيضًا أن أقرر مصير حياتك نيابة عنك، إن كل ما عليَّ هو محاولة الأخذ بيديك لطريق السعادة والراحة، ومساعدتك على اتخاذ القرار الصحيح الذي تصلح به دنياك وآخرتك، وأسأل الله أن يوفقني لهذا.

 

نعم أختي الكريمة، فما أبشع أن تختلف اختيارات القلب عن الواقع والمفروض، وليس علينا من ذنب إن حدث ذلك، إلا فيما قد نكون اتخذناه من خطوات محرمة أدت إلى هذه المشاعر، أو تبعتها، من نظرة محرمة، أو خلوة غير شرعية، أو كلام لا يجوز، أو لقاء غير منضبط، وقد أشرت في رسالتك إلى استبعاد أن تقومي بمثل هذه الأمور التي وعاها عقلك على أنها خيانة لا ترضينها لنفسك، ولكن هل يضمن بشر الصمود طويلاً أمام تيارات الحب الجارفة، وحمى العواطف الملتهبة، ولظى الأشواق؟!

 

إن النفس الإنسانية قد يملك البعض إربها، ويستطيع كبح جماحها، والتحكم في انفعالاتها، ولكنه قد لا يصمد طويلاً إن لم تنقطع الأسباب المولدة لهذه الانفعالات والدافعة إليها، (وخلق الإنسان ضعيفًا).

 

لذا -أختي الكريمة- لا تنخدعي بما تقولينه لنفسك الآن، من أنك لم ولن تخوني، وأنك قد ادخرت ما تودين تحقيقه في الدنيا إلى الآخرة، فربما يكون هذا –مع احترامي لنظرتك لنفسك– تلبيسًا من إبلبس، واستدراجًا لك، أقول ربما، وليس هذا اتهامًا، بل تحذيرًا وخوفًا وقلقًا عليك.

 

نعم أختي، ليس كل ما يتمناه المرء في هذه الدنيا يدركه، والعاقل هو من يسعى لتحصيل أسباب سعادته في الدنيا، خالصة من الشوائب التي تعكر صفوها، بالتأكد من موردها الحلال، وغايتها المباحة، ولكن مع هذا فليس هناك سعادة كاملة في الدنيا أبدًا، وإلا ما كان للجزاء الأخروي معنى، وما كان للجنة ولا للنار قيمة.

 

أختي الكريمة، وضح من رسالتك ما تتمتعين به من وعي وقدرة على التمييز بين الخطأ والصواب، وهذا جيد، ولكنك مع هذا تحاولين الهروب من هذا الوعي، وتريدين منا أيضًا أن ننساق معك في هذا الهروب، إراحة لضميرك الذي تؤرقك أناته، وقد حاولت من خلال عباراتك أن تدفعينا في طريق واحد للرد، ولكننا يا أختي إن فعلنا هذا فقد نرضيك، لكننا بهذا نكون قد ضيعنا الأمانة التي نحملها، وهي أمانة النصح الصادق وعدم المجاملة، والصديق الحق من يبكيك ويبكي عليك، لا الذي يضحكك ويضحك عليك.

 

ما من سبيل أمامك أختي الكريمة سوى أمرين:

 

أولهما: أن تجاهدي نفسك للتخلص من هذه المشاعر تجاه هذا الشخص، وبتر علاقتك به نهائيًّا، فلا تكون موجودة بالأصل، لا قريبة ولا بعيدة، ومحاولة التخلص من مجرد تمنيك له في الآخرة، فهو وإن كان البعض يراه مباحًا، إلا أنه لا شك يؤثر على معاملتك لزوجك وتعايشك له، فارضي ربك في الدنيا، يرضيك في الآخرة.

 

وفي المقابل أختي حاولي زيادة مساحة القرب والتواصل بينك وبين زوجك، والتعرف عليه من جديد، والنظر إليه بعين أخرى غير التي أعماها حبك للشخص الآخر، وهذا ما ترفضين أن ننصحك به، كالمريض الذي يعرف دواءه جيدًا، لكنه لا يريد تناوله، لا يا أختي يجب أن تنظري لمميزاته، ويجب أن تنظري لما يقدمه لك ولأولادك، والحب يأتي من العشرة ومن المواقف، فقط أتيحي لنفسك الفرصة، وحاولي، وستجدين في زوجك من المحاسن الكثير مما كنت غافلة عنها. ولا شك أن زوجك يشعر بما أنت عليه الآن، وربما تؤاخذينه على بعض الجفاف معك دون أن تواجهي نفسك بأنك السبب فيه وأنك من تدفعينه إلى ذلك، فإذا غيرت طريقتك معه، فتأكدي أنه سيتفاعل معك، ويغير من طريقته هو أيضًا.

 

أختي الكريمة، أن نقبل بالمتاح ونتقبله ونعمل على تحسينه، أفضل من أن نخسر المتاح وغير المتاح.

 

الخيار الثاني: إن لم تستطيعي التأقلم مع زوجك وبيتك وأولادك، والعيش معهم حياة طبيعية كزوجة حقيقية وكأم، ولم تستطيعي التخلص من مشاعرك تجاه هذا الحبيب، فأولى لك أن تنفصلي عن زوجك، وتضحي بأسرتك، في مقابل الفوز بهذا الحبيب الذي قلت إنه أيضًا يرغبك، ولم توضحي هل هو أيضًا له زوجة وأولاد أم لا، ولا أدري ما إمكانية أن يحدث هذا من ناحيته، فإن كان هذا مناسبًا وكان ارتباطك به أحفظ لدينك ودنياك، فهو خير، وهو أفضل من أن تعيشي مع زوجك وأولادك تلك الحياة الميتة التي ليس بها روح، أما إن كانت ظروف هذا الشخص أو ظروفك لن تسمح بهذا فليس لديك إلا الخيار الأول الذي يحتاج منك بذل بعض الجهد لتقويم علاقتك بزوجك وأولادك وإعادة الحياة إليها من جديد.

 

أختي الكريمة، يجب أن تخرجي من هذه الحالة، وتقرري مصيرك بسرعة، وتحسمي أمرك، فالعمر مجرد لحظات معدودة، وجب أن ننفقها فيما يعود علينا وعلى من حولنا بالخير والنفع في الدنيا والآخرة.

 

وفقك الله وأعانك، وفي انتظار أخبارك.

الرابط المختصر :