Consultation Image

الإستشارة 14/05/2025

ما حكم الحج بغير تأشيرة والتحايل على السلطات؟ سمعنا بعض العلماء يجيز هذا ويعتبره نوعا من الجهاد في سبيل الله، وأن من مات وهو ينتزع هذا الحق مات شهيدا!

الإجابة 14/05/2025

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

 

فلا يجوز للمسلم أن يتحايل على السلطات ويكذب ويعرض نفسه للأذى من أجل أداء هذه الفريضة، فإن لم يستطع الذهاب إلى الحج بالطرق المشروعة فليس مستطيعًا للحج، أما أن يذهب فُيؤذي ويُؤذَى فهذا لا علاقة له بالجهاد، وأما قبول حجه أو عدم قبوله فمحل خلاف لدى الفقهاء.

 

إن الفتوى التي تجيز للناس كل الناس الذهاب بأي طريقة مشروعة أو غير مشروعة لأداء هذه الفريضة الغالية ستؤول في النهاية إلى تعطيل هذه الفريضة حيث يكون فيها البقاء للأقوى والأسرع، أما كبار السن والذين يأتون من كل فج عميق فلن يصلوا إلى مكة ولو وصلوا لداستهم الأقدام، وأزهقت الأرواح حول البيت الحرام.

 

وإن حرمة النفس عند الله أشد حرمة من بيت الله الحرم كما أكد على ذلك المعصوم ﷺ.

 

إن الله عز وجل وهو يعلم سبحانه بما يحدث في هذه الأيام لم يذكر الاستطاعة إلا مع فريضة الحج بعد أن ذكر الشهادتين والصلاة والصيام والزكاة، على الرغم من أن القدرة والاستطاعة ورادة في كل هذه الفرائض السابقة، فلن يصوم إلا من يقدر على الصيام ولن يزكي إلا من ملك ما تجب فيه الزكاة ولن يصلي إلا من استطاع الصلاة بأي وسيلة كانت، لكن ذكر الاستطاعة هنا من باب رفع الحرج عمن لا يستطيع والتيسير على الناس ولأن زمان الحج ومكانه لا يتسع للناس جميعًا.

 

وكان يجب على المفتي الذي أصدر هذه الفتوى أن يتوجه لمن يكررون الحج والعمرة ومن يتحايلون على السلطات فيضيقون على غيرهم أن هذا لا يجوز شرعًا، ولو امتنع من أدى الفريضة قبل ذلك عن تكراراها لربما اتسع المكان لعدد أكبر من الحجاج فهم أولى بالنصح من غيرهم.

 

أما صحة الحج بهذه الطريقة أو عدم صحته فهذا أمر آخر، فقد أجاز بعض الفقهاء الصلاة في الأرض المغصوبة والثوب المغصوب مع الكراهة، فقبول حجهم أو عدم قبوله سيكون محل خلاف بين الفقهاء، وهو موكول لله عز وجل إن شاء قبله وإن شاء رده.

 

ما أريد التأكيد عليه هنا أن من لم يستطع الحج بالطرق الجائزة شرعًا دون تحايل ودون أن يعرض نفسه للكذب والإهانة والضرب والسجن وغير ذلك فليس ممن استطاع إليه سبيلاً، لقوله تعالى: ﴿... وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ﴾ [آل عمران: 97]، ولقوله تعالى: ﴿... يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [البقرة: 185]، ولقوله تعالى ﴿... وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ...﴾ [الحج 78]، وهذه الآية الكريمة ختمت بها سورة الحج.

 

وقوله ﷺ (يسروا ولا تعسروا)، وإن كانت السلطات متجاوزة فحسابها على الله، لكن هذا لا يجيز لنا المخالفة.

 

ولئن ألقى الله بغير حج -ما دمت غير قادر عليه- خير لي من أن ألقاه كذابًا أو محتالاً أو مهانًا على يد سلطة عادلة أو جائرة.

 

والله تعالى أعلى وأعلم

الرابط المختصر :