وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحبًا بك أخي الكريم، وأشكرك جزيل الشكر على تواصلك معنا، وبعد...

 

فكم هو جميل أن يحمل الإنسان في قلبه هذا الشعور الصادق بالرغبة في التخلص من العادات المُحَرَّمة الضارة، والتقرب إلى الله تعالى. أسأل الله العظيم، رب العرش الكريم، أن يثبتك على طريق الخير، وأن يمنحك القوة والعزيمة لتتجاوز هذه المحنة، وأن يعوضك عن كل لحظة صبر وسعي خيرًا مما تتمنى، وأن يجعل حياتك مليئة بالطاعات والصحة والعافية والرضا.

 

أخي العزيز، من رحمة الله بعباده أنه إذا أحب عبدًا ألهمه أن يعود إليه إذا زلَّ، وأن يجاهد نفسه في سبيل طاعته، وأن يسعى للتخلص من أي أمر يفسد عليه قربه من ربه. وأنت –يا أخي الكريم– في نعمة عظيمة؛ لأنك تشعر بتأنيب الضمير كلما عدت إلى التدخين، وتشعر برغبة في تركه نهائيًّا، وهذا دليل على أن قلبك حي، وأن روحك تتوق إلى الخير.

 

إن كثيرًا من الناس يقعون في العادات السيئة، لكن المشكلة الحقيقية ليست في السقوط، وإنما في عدم المحاولة للنهوض مجددًا. وقد وعد الله عباده الذين يجاهدون أنفسهم بالهداية والتوفيق، فقال سبحانه: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [العنكبوت: 69]. فلا تقلق من لحظات الضعف التي مررت بها، بل اجعلها وقودًا لعزيمة أكبر حتى تنتصر على نفسك.

 

لقد أكرمك الله بفرصة عظيمة في رمضان؛ حيث استطعت أن تمتنع عن التدخين طوال الشهر، رغم أن الأمر لم يكن سهلًا عليك؛ لكنك جاهدت وصبرت. وهذا أكبر دليل على أن لديك القدرة على ترك التدخين نهائيًّا، لو عزمت الأمر واستعنت بالله.

 

هل سألت نفسك: لماذا كنت قادرًا على ترك التدخين في رمضان، رغم أنك في غيره تجد صعوبة؟

 

الجواب يكمن في عدة أمور:

 

1- العزيمة والإرادة: كنت تعلم أن الصيام عبادة يبطلها التدخين، وفي الليل كنت تحترم حرمة الشهر الكريم بعدم فعل المحرمات.

 

2- المعنويات الإيمانية العالية: رمضان موسم للعبادات والطاعات، وهذا ما جعلك تشعر براحة نفسية حين تركت التدخين خلاله.

 

3- البيئة المساعدة: كنت محاطًا بالصائمين العابدين، ولم يكن هناك مجال كبير للتدخين. وهذا يقودنا إلى أمر مهم، هو أنك إذا استطعت تركه في رمضان، فبإمكانك تركه بقية العام، فقط تحتاج إلى تعزيز هذه العوامل الثلاثة في حياتك اليومية: العزيمة والإيمان والبيئة المساعدة.

 

إنك قد تكون عُدت إلى التدخين بعد رمضان لهذه الأسباب:

 

1- ضعف عزيمتك ونقص إيمانك وتراجع الدافع.

 

2- الفراغ والسأم.

 

3- العودة إلى بيئة التدخين من أماكن وأصدقاء مدخنين.

 

كيف تتغلب على الرغبة في التدخين؟

 

1- جدّد نيتك باستمرار، وتذكَّر دائمًا أن الله يراك في كل وقت، وليس فقط في رمضان، وهذا سيزيد من عزيمتك.

 

2- قوِّ إيمانك وتعهده بالرعاية والزيادة، فلا تنتظر حتى يأتي رمضان المقبل لتقوي علاقتك بالله، بل حاول أن تحافظ على الصلاة في وقتها، والقرآن، والدعاء، والصيام بين حين وآخر؛ لأن هذه العبادات تمنحك القوة على مواجهة أي عادة سيئة.

 

3- استبدل بالعادة السيئة عادة نافعة، فاستبدل بالتدخين ممارسة الرياضة ولو مجرد المشي، أو قراءة الكتب النافعة، أو حتى شرب الماء والمشروبات النافعة، ومضغ العلكة.

 

4- ابتعد عن كل ما يذكِّرك بالتدخين ويغريك به، فتجنب الأماكن التي اعتدت التدخين فيها قدر المستطاع، وأعد ترتيب يومك وحياتك كلها بحيث لا تترك لنفسك الفرصة للسقوط مجددًا.

 

5- طلب العون من الله دائمًا، فلا تستهن بالدعاء، فهو مفتاح كل خير. ناجِ ربك قائلًا: «اللهم أعني على ترك التدخين، وثبتني، وأبعد عني كل ما يشدني إليه، وأبدلني خيرًا منه».

 

وختامًا –أخي الحبيب- أنت قادر على التغيير بإذن الله، فأثبت لنفسك أنك قادر على ترك التدخين، مستعينًا بالله، وواثقًا بأنه معك، وسيرزقك القوة والثبات.

 

واعلم أن كل يوم تمضي فيه بعيدًا عن التدخين هو نصر لك، فلا تجعل لحظات الضعف تهزمك. وكما قال رسول الله ﷺ: «استعن بالله ولا تعجز» [رواه مسلم].

 

أسأل الله أن يمنّ عليك بالقوة والثبات، وأن يعينك على الإقلاع عن التدخين نهائيًّا، وأن يكتب لك بكل لحظة صبر أجرًا عظيمًا، اللهم آمين.