الإستشارة - المستشار : أ. ريما محمد زنادة
- القسم : فقهية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
9 - رقم الاستشارة : 1904
11/05/2025
الله يعطيك العافية استشهد شقيقي وكان قد أوصى أن تعطى والدته مبلغا من المال من مدخراته ولا يخبر والده بهذه الوصية، لأنه هو من كان يتولى الإنفاق عليها نظرًا لأن والده لا ينفق عليها بالمطلق رغم أنه مقتدر، بل هو من يأخذ كذلك منها المال، فهل تجوز هذه الوصية؟ وكيف يقسم راتب الشهيد هل هو من حق جميع الورثة أو أنه يتعلق بموضوع النفقة؟ أرجو أن تفتوني بذلك، وجزاكم الله خيرًا.
الله يعافيك
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم... أما بعد:
أسأل الله -تعالى- أن يتقبل شهيدكم ويرزقه الفردوس من غير حساب ولا سابقة عذاب، وأن يربط على قلبكم وخاصة والدته الصبر الجميل، إنه قريب مجيب الدعاء.
جزاك الله -تعالى- خيرًا على السؤال في أمر دينك للعمل بأحكام الشريعة الغراء، وبارك الله فيك لثقتك بموقع "استشارات"، أسأله سبحانه أن يبصرني للقول على النحو الذي يرضيه عني، فلا حول لي ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
الله الموفق به أستعين قبل كل شيء، أخي الفاضل، عليك أن تتكلم بلطف مع والدك في نفقته لوالدتك، فعدم النفقة فيه ظلم بحقها.
وعليك أن تذكره بذلك بكلمات طيبة وتكون له الناصح لاتباع أحكام دينه، فمن حق الزوجة النفقة من زوجها، وذكره بقوله -تعالى- في كتابه العزيز: {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ ۖ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ۚ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا ۚ سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} (الطلاق: 7).
وبيّن له أن عدم النفقة فيه ظلم لزوجته وقد حرم الله -تعالى- الظلم لما فيه ضياع الحقوق وتسبب الأذى للأخرين، فكيف إن كان هذا الظلم واقعًا على الزوجة فبإضراره بها سيلحق به والله أعلى وأعلم الإثم، حيث يقول الله –عز وجل-: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} (النحل: 90).
أخي السائل، بالنسبة لسؤالك بتنفيذ وصية شقيقك، فإنها والله أعلى وأعلم لا تجوز؛ لأنها مخالفة لما جاء في أحكام الشريعة الإسلامية كما جاء في قوله -تعالى-: {...وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ ۚ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ۚ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ۚ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ...} (النساء: 11).
وهذه الآية الكريمة تؤكد على حق الأب بالميراث، وبذلك فإن التركة من حق جميع الورثة والأب يكون وارثا أصيلا في المسألة، ولا يجوز والله أعلى وأعلم، أن يأخذ جزءًا من المال بدون علم وموافقة الورثة بحيث لا يكون ضمن الميراث للتوزيع على الورثة.
والأم هي بالأصل من الورثة كذلك والله أعلى وأعلم، فلا يجوز أن يكون لها وصية كما أخبر بذلك الرسول ﷺ أنه لا وصية لوارث.
لذلك أخي الفاضل، عليك أن لا تعمل بالوصية؛ لأنه في إعمالها مخالفة لأحكام الشرع، وبالتالي سيترتب على ذلك والله أعلى وأعلم الإثم لشقيقك -رحمه الله تعالى-، ولك بعد أن علمت بحكم الشرع بالمسألة.
أخي السائل، بالنسبة لسؤالك الآخر كيف يقسم راتب الشهيد؟
راتب الشهيد كما هو متعارف عليه هو لإعالة ومساعدة عائلة الشهيد الذين كانوا في كنفه ورعايته، وبذلك يعطى لمن كان ينفق الشهيد عليهم وعلى رأسهم أمه، إلا إن خصصت الجهة التي تعطي الراتب الأشخاص الذين يأخذونه فعندئذ يعطى بحسب التخصيص بالسوية وليس بحسب قسمة الميراث، والله أعلى وأعلم... والله غالب على أمره لكن أكثر الناس لا يعلمون.