Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. أميمة السيد
  • القسم : تربوية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 86
  • رقم الاستشارة : 1444
26/03/2025

أنا أم لطفل عنده ٩ سنين، ساكنين في حي شعبي، وابني طول اليوم عايز ينزل الشارع يلعب مع العيال، وكل ما أقول له ذاكر شوية أو ارتاح في البيت، يقولي: "أنا زهقان.. أنا مش عايز أقعد جوه"، ولو منعته، يعند ويزعق ويقول لي: "أنا مش هاعمل حاجة غير لما أنزل".

المشكلة إنه وهو بيلعب في الشارع بيقابل عيال مش كويسة، وبيتأذى كتير، يعني مرة رجع لي وشه متعور من خناقة مع ولد أكبر منه، ومرة رجع هدومه مقطعة، ومرة وقع وهو بيجري وعمل جرح كبير في رجله، وغير كده بيشوف ألفاظ وتصرفات غلط.

غير إنه بيضيع وقته كله في اللعب، لا مذاكرة ولا صلاة، ولو قلت له حاجة، يقولي: "ما كل العيال بتعمل كده"، ولو أبوه كلمه، يزعل ويقول: "إنتوا بتكرهوني"، وأنا بصراحة مش عارفة أعمل إيه؟ أنا عايزة أحافظ عليه، بس هو مش مقتنع بأي كلمة بقولها. شكله بقى مهمل، هدومه دايمًا مش نضيفة، جسمه دايمًا متعور، وأسلوبه بقى وحش. أنا خايفة عليه من إنه يضيع مني، أعمل إيه؟

الإجابة 26/03/2025

أختي الكريمة،

 

أقدّر خوفكِ وحرصكِ على ابنكِ؛ فالأم الصالحة هي التي تسعى لحماية ولدها وتربيته تربية قويمة. مشكلتكِ تتعلق بعدة جوانب نفسية وتربوية، وسنحاول تفكيكها والتعامل معها بحكمة ومنهجية.

 

أولًا: فهم الأسباب النفسية لسلوك ابنكِ

 

ابنكِ يمرّ بمرحلة الطفولة الوسطى (Middle Childhood)، وهي مرحلة يكوّن فيها الطفل استقلاليته ويبحث عن الانتماء للجماعة، واللعب الحرّ في الشارع يمنحه الشعور بالحرية والانتماء إلى أقرانه، كما يفرّغ طاقته الجسدية والنفسية من خلاله.

 

ومن هنا، فإن منعه المباشر قد يولّد لديه المقاومة والعناد؛ لأن الطفل يشعر بأنه يُسلب حقه في الاستمتاع بحياته.

 

ولكن الشارع – كما ذكرتِ – يعرضه لمواقف خطرة وأخلاقيات غير سليمة، وهذا يؤثر على تشكيل شخصيته وسلوكياته بشكل سلبي من أصدقاء السوء وغيرهم.. فكما قال رسول الله ﷺ: "المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل". لذا، من الضروري إحاطته برفقة صالحة حتى لا ينحرف سلوكه.

 

ثانيًا: آتي معك للحلول العملية التي قد تساعدك في معالجة مشكلة ابنك:

 

١- لا بد من إيجاد بديل جذاب للشارع.. فبدلاً من منعه المباشر، وفّري له أنشطة بديلة تجذبه، مثل: الاشتراك في نادٍ رياضي، أو مركز شباب، لتنمية مهاراته الحركية.

 

- وهناك يمكن تسجيله في دورات لتنمية مواهبه، سواء في الرسم أو كرة القدم أو السباحة.

 

- ثم خصصوا وقتًا للخروج معه إلى أماكن ترفيهية آمنة.

 

٢- من الضرورى جدًّا ضبط وقته بين اللعب والمذاكرة.

 

حددي وقتًا معينًا للعب يوميًا، بحيث لا يؤثر على دراسته أو عبادته.

 

ويمكنك استخدام أسلوب المكافأة معه، أي ربط اللعب بإنجاز واجباته، كأن تقولي له: "بعد ما تخلص مذاكرتك وتصلي، ممكن تنزل تلعب ساعة".

 

٣- كذلك غرس القيم الدينية والأخلاقية مهم جدًّا

 

حدّثيه عن قدوتنا النبي ﷺ، الذي كان طفلاً ثم شابًا لكنه لم يتأثر بالبيئة الفاسدة حوله، بل كان صادقًا وأمينًا.

 

ذكّريه بقصة الصحابي الجليل عبد الله بن الزبير، الذي نشأ وسط الصحابة وكان شجاعًا وقويًا دون أن يتأثر بسلوكيات الأطفال السيئة.

 

حفّظيه معني الأية الكريمة: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}، ثم معنى حديث النبي ﷺ: "لا ضرر ولا ضرار"، ليعرف أن أذى نفسه أو غيره أمر مرفوض شرعًا.

 

٤- استخدمي معه دائما الحوار بدلًا من التوبيخ، وتجنّبي الأوامر المباشرة مثل: "مش هتنزل"، واستبدلي بها أسئلة تحفزه على التفكير مثل: "إيه رأيك لو جربت حاجة جديدة غير اللعب في الشارع؟".

 

- يمكنك أيضا استخدام أسلوب التوجيه الذاتي معه (Self-Directed Learning) بحيث تجعلينه يستنتج بنفسه أن بعض تصرفاته خاطئة.

 

٥- ومن الصحي جدًّا تعزيز ثقته بنفسه والاهتمام بمظهره.. وفّري له بقدر استطاعتكم، ملابس نظيفة ومريحة للعب، واطلبي منه أن يعتني بها.

 

- اجعليه ينظر إلى نفسه في المرآة بعد عودته من اللعب، واسأليه: "هل يعجبك شكلك؟"، ليبدأ في الاهتمام بمظهره.

 

كل ما سبق ذكره سيحتاج منكم أن تتحلوا بالهدوء والصبر، فابنك عزيزتي مقبل على فترة مراهقة، ويجب أن تستعدوا لها باحتوائه وعزله قدر الإمكان عن بيئته الحالية الخطر عليه.

 

لا أقلقك ولكن أُعدك نفسيًّا بأن الأمر ليس سهلا والطريق ليس سريعًا، ولكن بالصبر وبذل الجهد ستجنون ثمرة طيبة مع ابنك حينما يصبح شابا إن شاء الله تعالى.

 

* وهمسة أخيرة لأختي الكريمة:

 

لا بد أن تعي أن التربية توازن بين الحزم والاحتواء.. فالمنع القاسي قد يجعله يتمرد، بينما التساهل المفرط قد يجعله يضيع.. مع الوضع في الاعتبار أن الزمن يتغير ويتطور وليس من الضرورى أن ينشأ أبناؤنا مثلنا بالضبط، ولكن لا بد من المرونة في التربية.. فكما قيل: ربوا أبناءكم على غير ما رُبيتم عليه، فإنهم خُلقوا لزمان غير زمانكم. لذا، كوني معتدلة في التربية، وامنحيه الحرية بضوابط واضحة.

 

أتمنى لكِ التوفيق في تربية ابنكِ، ونسأل الله أن يجعله من الصالحين الناجحين.

الرابط المختصر :