الإستشارة - المستشار : د. موسى المزيدي
- القسم : إدارية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
67 - رقم الاستشارة : 1366
18/03/2025
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تابعت معكم أكثر من مرة من خلال سؤالي عن كيفية تحفيز النفس، وذكرتم إجابات تنم عن خبرة وتجارب عظيمة، وقصصًا ولقاءات مشوقة ونافعة مع شخصيات محفزة، وللأستفادة أكثر أرجو ذكر المزيد من اللقاءات أو التعرف على شخصيات محفزة؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أخي الفاضل.. سأواصل معك الحديث عن تحفيز النفس، وسأذكر لقاءين مع شخصيات تفوق التوقعات ومصدرًا للإلهام وعلو الهمة...
وسأبدأ كلامي بهذه العبارة:
من طرق التحفيز للنفس الحرص على لقاءات مع من يتخطى توقعاتك.
أولا- لقاء مع "صبّاب القهوة" في شركة رواج للتسويق العقاري:
"رواج للتسويق العقاري" هي شركة خدمات محترفة في مجال التسويق العقاري، تتكون من فريق متخصص يتمتع بالخبرات الفنية والعلمية والعملية اللازمة لتقديم باقة من الحلول المتكاملة لتسويق الفرص والمشروعات والشركات والصناديق والمحافظ العقارية في منطقة الشرق الأوسط، وتزاول الشركة جميع أعمالها وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية السمحة.
طلب إليّ المدير العام للشركة أن أساعدهم على وضع خطة استراتيجية للشركة.
التقيت مدير الموارد البشرية السيد محمد العبيد، وطلبت إليه أن يعطيني قائمة بأسماء الموظفين، وكان عددهم 15 موظفًا، وكان الأمر يتطلب أن ألتقي كل موظف على حدة. فقابلت جميع الموظفين إلا موظفًا واحدًا، وحين استفسرت عنه، قال لي السيد العبيد: هذا الموظف هو "صبّاب القهوة" (الذي يقدم القهوة للضيوف)، هل تريد مقابلته. قلت له: نعم. لا بد أن أقابله.
جاء "صبّاب القهوة" واسمه محمد رجا، فسألته: ما هي وظيفتك هنا، فقال: أنا هنا أهيئ بيئة لهؤلاء الموظفين من أجل تخطي توقعات عملائنا في مجال التسويق العقاري!!
وقفت مبهورًا من هذا الكلام، وقلت للسيد محمد العبيد: إذا كان "صبّاب القهوة" لديكم على هذا المستوى من الفهم والوضوح، فأنتم لستم بحاجة إليّ.
استلهام علو الهمة وتحفيز النفس، ربما يأتي عن طريق شخص لا يُعبأ له؛ ولكن يتمتع برؤية واضحة.
ثانيًا- لقاء مع مدير جامعة الكويت في بيتنا:
جامعة الكويت هي مؤسسة حكومية في الكويت تمنح شهادات "بكالوريوس" و"ماجستير" و"دكتوراه" للطلبة الملتحقين بها، تأسست في العام 1966م، وتضم 14 كلية.
لي علاقة خاصة بالدكتور عبدالله الفهيد -مدير جامعة الكويت سابقًا- منذ سبعينيات القرن الماضي؛ وذلك حينما سافرنا معًا على متن طائرة واحدة إلى الولايات المتحدة الأمريكية في بعثة دراسية.
في أحد أيام شهر من الشهور، وجّهتُ إليه دعوة لتناول الطعام في بيتنا، فلبّى الدعوة مشكورًا بصحبة عائلته، وأمضينا من الوقت سويعات نوثق بيننا تلك العلاقات.
الدكتور عبدالله مصدر من مصادر الإلهام لدي، وهو طاقة عالية في النشاط، ومن يجلس معه يستلهم منه الهمة العالية في العمل.
رُب دعوة إلى طعام تعدّه لشخصية بارزة، تمنحك طاقة وهمة عالية في حياتك.
وفي لقاء ثالث مع السيد ن. ج. المخرج التلفزيوني في الكويت:
السيد ن. ج. شخصية فذّة في الإصرار على بلوغ ما يريد. التقيته مصادفة في سفريات الشامل لدى الموظف القدير مصطفى المقداد.
كان كلانا ينتظر دوره لتسلم تذاكر السفر. فبادرت إلى توجيه التحية إليه لكي أتعرف إليه. فقال: هل لديك بضع دقائق من الوقت؟ أريد أن أذكر لك قصة حياتي باختصار.
قلت: هل يمكنك اختصارها في ربع ساعة؟ إذ لدي موعد آخر. قال: نعم، وما عليك سوى الإنصات لي.
قال السيد ن. ج.: في العام 1972م، كنت أدْرُسُ في ثانوية الرميثية، وكنت في الصف الثاني الثانوي. كنت في حيرة من أمري، هل أختار في السنة التالية التخصص العلمي أم الأدبي؟ فسألت مدير المدرسة الأستاذ عبدالله لقمان، فأشار عليّ أن أتخصص في المجال العلمي؛ إذ إن درجاتي ممتازة في الفيزياء والرياضيات. فقلت له: لكنْ لي ميول أدبية. فقال: ضع ميولك الأدبية على هامش حياتك، فالبلد بحاجة إلى التخصصات العلمية.
يقول السيد ن. ج.: استجبت له وتخرجت في الثانوية بمعدل عالٍ. وتم قبولي في جامعة القاهرة بكلية الطب، ولكن وصلْتُ إلى القاهرة في شهر يناير متأخرًا عن بدء الدراسة 4 أشهر. فقال لي الملحق الثقافي السيد عبدالله الصانع: أنت مخير بين أمرين، إما الجلوس مستمعًا في فصول كلية الطب أو الرجوع إلى البلد والعودة إلى القاهرة في شهر سبتمبر المقبل؛ لتبدأ الدراسة بطريقة صحيحة.
قال السيد ن. ج.: اخترت أن أعود إلى البلد، وعندما وصلْتُ إليه، رأيت بعض أصدقائي الحميمين، فنصحوني بأن أقدم طلبًا للالتحاق بالكلية العسكرية؛ حيث توجد المتعة في الدراسة، والسفر إلى أمريكا، والتخرج في سنتين بدلا من 7 سنوات من الاغتراب في دراسة الطب بالقاهرة.
فاستجبت لنصيحتهم، وقُبِلت فورا في الكلية العسكرية، وأُرسِلتُ فورًا إلى الولايات المتحدة الأمريكية؛ للانخراط في "كورس" اللغة الإنكليزية على مدار 44 أسبوعًا. ولما كنت متميزًا في اللغة الإنكليزية، فقد أنهيت "الكورس" في غضون أسبوعين فقط! عندئذ، طلب إليّ القائمون على "الكورس" الانخراط في كلية الهندسة في تلك المدينة بنظام الاستماع من دون شهادة تعطى، إلى حين الانتهاء من "الكورس".
فاستجبت لهم، وصرت أحاور الأساتذة في كلية الهندسة، ونصحوني بأن أقدم طلبًا للالتحاق بكلية الهندسة لديهم.
فاستجبت لهم، وقبلت فورًا في كلية الهندسة، فقلت لهم حينئذ: أنا رجل عسكري، عليّ أن أرجع إلى البلد أولا؛ لكي أقدم استقالتي من الكلية العسكرية ثم آتي إليكم.
يقول السيد ن. ج.: فرجعت إلى البلد، وقُبلت استقالتي من الكلية العسكرية، وقبل السفر إلى أمريكا بقليل، نصحني صديق حميم لي بأن أسجل في دورة للخطوط الجوية الكويتية بدلاً من الذهاب إلى أمريكا، حيث الاغتراب هناك على مدار 5 سنوات بعيدًا عن الأهل.
فاستجبت له، وقُبلت فورا في الدورة، فتخرجت في غضون 6 أشهر، وعملت مراقبًا لحركة الطائرات في الطيران المدني.
يقول السيد ن. ج.: لكنني طوال تلك السنين كانت ميولي الداخلية هي في التخصص الأدبي. فقررت أن أراسل جامعة في كاليفورنيا في مجال الفنون التشكيلية، فقُبلت فيها فورًا، فتركت عملي وسافرت إلى أمريكا مدة 4 سنوات، ثم تخرجت أخيرًا في التخصص الذي أريد، وليس ما يريده غيري.
يقول السيد ن. ج.: أنا الآن مخرج في تلفزيون الكويت، وأنوي التقاعد والتفرغ لعملي الخاص.
نظرت إلى ساعتي، فوجدت أن الوقت قد مضى، وأن الدقائق المعدودة التي طلبها السيد ن. ج. صارت قرابة نصف ساعة، وضاع موعدي، لكن البديل كان أهمّ؛ إذ إن السيد ن. ج. كان مصدرًا من مصادر الإلهام لدي في الإصرار على تحقيق ما يريده الإنسان.
ربما يكون الاستماع إلى قصة من شخص موهوب، مصدرًا لاستلهام علو الهمة وتحفيز النفس لديك.