الإستشارة - المستشار : أ. مصطفى عاشور
- القسم : فكرية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
225 - رقم الاستشارة : 1560
09/04/2025
هل يمكن إعطاؤنا فكرة عن موسوعة ليدن للقرآن الكريم؟
موسوعة ليدن للقرآن الكريم، هي موسوعة استشراقية عُنيت بالقرآن، وصدرت عام 2006م، وصدرت خلال الفترة ما بين عام 2001 حتى 2006م، وتقع في ستة أجزاء، بما فيها الفهارس، وقد أشرفت عليها البروفيسورة الأمريكية "جين دامين مكاولفي"، وهي من أبرز الباحثين الغربيين في الدراسات القرآنية.
والحقيقة أن العمل في الموسوعة يرجع إلى العام 1993م في مدينة "ليدن" السويسرية، واعتمدت على أربعة باحثين أساسيين، هم: "وداد القاضي" والفرنسي "كلود جيلوت"، والأمريكي "وليام براهام"، والكندي "أندرو ريبين"، وكان للموسوعة هيئة مستشارين من جنسيات مختلفة منهم: "نصر حامد أبو زيد"، و"محمد أركون"، وتشكلّت الهيئة التحريرية من 278 باحثًا، حوالي 20% منهم فقط من المسلمين، وبلغت المداخل (الأبحاث) في الأجزاء الخمسة حوالي 690 مدخلاً.
وقد حرصت الهيئة العلمية للموسوعة أن يكون للتفسير حضورٌ في مداخلها، ولكن دون أن تتحوّل الموسوعة إلى دائرة تفسير، بمعنى أن يستعين الباحثون بآراء المفسرين وظيفيًّا، وفي سياق تنقيح العناوين القرآنية.
جاء التصنيف المعجمي للموسوعة حسب ترتيب اللغة الإنجليزية؛ نظرًا لأن الموسوعة متوجهة للقارئ الغربي، ولم يُستثنَ إلا المفردات العربية، التي ليس لها مرادف في اللغة الإنجليزية، مثل "زقوم" و"برزخ".
يتفاوت حجم المقالات، فبعضها لا يتجاوز الصفحة الواحدة، وبعضها الآخر قد يتعدّى العشرين صفحة، وعدد المقالات التي بلغت صفحاتها عشر صفحات فأكثر حوالي 55 مقالة.
تناولت الموسوعة مختلف المواضيع القرآنية وفق منهجية علمية موضوعية، وأكدت في مقدمتها، الاستعداد للمراجعة والتطوير، اعتمادًا على قناعة موضوعية، وهي: أن العمل لن يخلو قطعًا من نقائص، وثغرات.
تناولت الموسوعة بعض القضايا الحديثة التي يُعنى بها الحقل الاستشراقي، مثل: الحياة اليومية في القرآن، والحواسيب والقرآن، وتعدّد المعاني في القرآن، والنسوية والقرآن، وقرّاء القرآن، وطباعة القرآن، وترجمات القرآن، والمخطوطات القرآنية، والأساطير والسحر والشعوذة والدواء.
لم تخلُ الموسوعة من الرؤى الاستشراقية التقليدية، حول مسألة تدوين القرآن، والعلاقة بين الشفهي والتدوين في حفظ النص القرآني، وكذلك ترتيب السور، ومخطوطات القرآن الكريم، وطرق جمع القرآن، وهي أمور تستخدم في الطعن في مصداقية القرآن، والتشكيك في صحته وروايته ونقله، على اعتبار أنه لم يدوّن في لحظات نزول الوحي، حيث يتعامل المستشرقون مع القرآن بنفس آليات التعامل مع التوراة والإنجيل، غير مدركين أن للقرآن خصوصيته وتجربته المتفردة في التدوين المعتمدة الحفظ في الصدور.
حوت الموسوعة بعض المداخل (الأبحاث) التي خلطت بين النص القرآني، وبين التجربة التاريخية للمجتمعات المسلمة، وزعمت أنّ القرآن الكريم يحوي أساطير وخرافات، أو أن الإسلام يشجع العبودية، أو أن النصوص القرآنية تنظر للمرأة بشكل متدن، أو أن تلك النصوص لم تبلغ في تحرير المرأة، الواقع الغربي الحالي.
================
للاستزادة يمكن الرجوع إلى كتاب "القرآن في الفكر الاستشراقي المعاصر: مقاربات نقدية لموسوعة القرآن (ليدن)" الصادر في بيروت عام 2021م، عن المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية، بمشاركة مجموعة من المؤلفين.