Consultation Image

الإستشارة 11/05/2025

هل وجوب الحج على الفور أم على التراخي؟ وما حكم من استطاع الحج ولم يحج ؟

الإجابة 11/05/2025

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، وبعد:

 

فالحج واجب بإجماع الفقهاء نظرًا لتوافر الأدلة من القرآن الكريم والسنة على فرضيته، لكن الخلاف بين الفقهاء حول وجوبه على الفور أم على التراخي؛ فالجمهور على أنه واجب على الفور عند القدر والاستطاعة، وبعض الفقهاء يرى أنه واجب على التراخي بشرط أن يعقد المسلم النية على الحج، وأن يغلب على الظن السلامة.

 

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية:

 

ذهب جمهور العلماء إلى أن الحج يجب على الفور، أي الإتيان به في أول أوقات الاستطاعة . لقوله تعالى: ﴿... وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ﴾ [آل عمران: 97]. ولقوله تعالى: ﴿وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ..﴾ [البقرة: 196].

 

والأمر للفور، ولخبر ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا قال: "تعجلوا إلى الحج فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له".

 

وذهب الشافعية ومحمد بن الحسن من الحنفية، وهو المشهور عند المالكية إلى أن الحج يجب على التراخي، لكن جواز التأخير عندهم مشروط بأمرين: العزم على الفعل في المستقبل، وأن يغلب على الظن السلامة إلى وقت فعله.

 

واحتجوا بأن فريضة الحج نزلت بعد الهجرة سنة ست، وفتح رسول الله ﷺ مكة في رمضان سنة ثمان، وانصرف عنها في شوال من سنته.

 

وحج الناس سنة ثمان ورسول الله ﷺ مقيم بالمدينة هو وأزواجه وعامة أصحابه، ثم في سنة تسع بعث النبي ﷺ أبا بكر للحج، والنبي مع عامة أصحابه في المدينة، وهم قادرون على الحج غير مشتغلين بقتال ولا غيره، ثم في السنة العاشرة حج رسول الله ﷺ، فدل على جواز التأخير، انتهى.

 

ويقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي – رحمه الله – في فتوى مشابهة:

 

العلماء مختلفون بالنسبة للحج، هل الحج واجب على الفور أو على التراخي؟ الذين قالوا الحج على الفور استدلوا ببعض الأحاديث التي قالت: "تعجلوا إلى الحج فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له"، وآخر: "قد يمرض الصحيح وتضل الراحلة.. وكذا.."، أي الأمور تتغير، الصحيح قد يمرض، والشاب يشيخ والحي يموت والموت يأتي بغتة، فالأولى أن الإنسان يبرئ ذمته، ويؤدي ما عليه بمجرد ما تتحق الاستطاعة ولا يوجد مانع، هذا رأي.

 

وهناك رأي آخر يقول هذه الأحاديث تدل على استحباب التعجيل ﴿... فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ [المائدة: 48]، ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [آل عمران: 133].

 

ولكن ليس هناك دليل على فرضية الفورية، بدليل أن النبي ﷺ لم يحج إلا في آخر سنة في حياته في السنة العاشرة من الهجرة، ولم يحج مثلا مع أبي بكر، فلهذا ذهب عدد من العلماء إلى أن الحج واجب على التراخي، ورغم أنه واجب على التراخي، قالوا يتحمل المسؤولية، بحيث لو أتيحت له الفرصة وتمكن من الحج ثم تراخى وقصر وتكاسل ثم بعد ذلك ضاعت هذه الفرصة (كان غنيًّا فافتقر، كان صحيحًا فمرض) إذن أنت المسؤول، أي يقع عليك الإثم، الإمام الغزالي يقول في الإحياء في كتاب الحج، إنه تمام الأمر وختام العمر... إلخ.

 

وكان الناس في الزمن الماضي يختمون حياتهم بالحج، الآن والحمد لله في زمن الصحوة الإسلامية، تجد مواسم الحج والعمرة حافلة بالشباب، جمهور الحجاج، وجمهور المعتمرين في شهر رمضان تجدهما من الشبان والشابات والحمد لله، وهذا دليل خير بالنسبة للأمة الإسلامية، وأنا أرى أن التعجيل بالحج أولى لأن الإنسان لا يضمن صحته ولا حياته ولا العوائق التي قد تعوق، فالأولى أن يستبق الخيرات، ويعجل بهذا ويبرئ ذمته ويستريح.

 

والله تعالى أعلى وأعلم

الرابط المختصر :