Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : أ. فاطمة عبد الرءوف
  • القسم : استشارات أخرى
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 65
  • رقم الاستشارة : 2136
20/07/2025

من زمان أوي أبويا وأمي انفصلوا، ودي حاجة عادية بالنسبة لي لأني اتربيت من زمان وهم منفصلين، عدت السنين وكبرنا الحمد لله. المهم أنا عمري ما كنت أعترض إن حد منهم يتجوز ده شيء عادي، بس كنت رافضة فكرة الزواج التاني وخراب البيوت، خصوصا لو الزوجه الأولى مش عارفة.

المهم عرفت دلوقتي أن أمي  تزوجت واحد زميلها في الشغل هو المدير، اللي واجع قلبي إن مراته هي اللي شغلتها معاهم وخليتها إيدهم اليمين، كده راحت أمي واخده جوزها ومراته.

مش عارفه جماعة الله يكرمكم أنا قلبي واجعني وخايفه ده يترد لنا إحنا، المشكلة إني كنت بشوف أني هي قدوتي، حاسه إن مفيش أمان في العالم ده، غير إني بعاني من القلق المستمر، عفانا الله وإياكم يا رب.

الإجابة 20/07/2025

ابنتي الحبيبة، أهلاً وسهلاً ومرحبًا بك في موقعك الاستشارات الإكترونية.. يبدو لي من رسالتك أنك تعانين منذ فترة ليست بالقصيرة من مشاعر القلق، وأظن ذلك حدث قبل زواج والدتك بفترة ليست بالقصيرة ولكنه زاد بعد هذا الزواج، خاصة بعدما علمت بملابساته...

 

كونك نشأت في أسرة منفصلة أحد الأسباب التي قد نعزي إليها مشاعر القلق هذه، بالإضافة طبعًا لبعض الاستعداد الشخصي للقلق.. هذا القلق الذي يدفعك للخوف أن يحدث لكم نفس الشيء (يترد لكم)، وهو نفس القلق الذي يجعلك تشعرين أنه لا أمان في هذا العالم.

 

وبالتالي فعلاج مشاعر القلق التي تعانين منها هو مفتاح الحل، وسوف أشرح لك بعض الأمور التي تساعدك على تجنب القلق، فإذا لم تشعري بالتحسن فأنت بحاجة لزيارة إخصائية نفسدية كي تساعدك على التعافي.

 

الذكر العلاجي

 

من أهم الأمور التي تساعدك على التخلص من القلق عمق العلاقة بالله سبحانه وتعالى.. لماذا يشعر الإنسان بالقلق؛ لأنه يريد شيئًا أو يحتاج  شيئًا أو شعورًا يبدو صعبًا أو بعيد المنال أو يخاف من فقد شيء أو شعور هو موجود بالفعل لكنه لا يشعر بالاطمئنان لاستمرارية وجوده.. الذي دفع آدم للأكل من الشجرة المحرمة هو قلقه من أن يفقد ما هو فيه من نعيم فتوهم أن هذه الشجرة تضمن له الخلود بعد وسوسة الشيطان له بذلك.

 

وسوسة الشيطان هذه هي جزء أساسي من القلق؛ لأنه يبعث في النفس مخاوف متوهمة ويظل يلح عليها حتى تملأ القلب والشعور ﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ ۖ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ (البقرة: 268).

 

وروى الترمذي عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله ﷺ: «إن للشيطان لمة بابن آدم وللملك لمة، فأما لمة الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق، وأما لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق، فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله، ومن وجد الأخرى فليتعوذ بالله من الشيطان - ثم قرأ - الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء».

 

هذه الوساوس الشيطانية المفعمة بالخوف والقلق عندما تتراكم تتحول لحالة من القلق المزمن؛ لذلك فالتعوذ من الشيطان ومن هذه الأفكار هو علاج حقيقي بشرط أن يكون ذلك بيقين.

 

ومن الأذكار التي تعد علاجًا فعالاً  لمشاعر القلق  وما يستتبعها من هم أن تقولي كل صباح وكل مساء «حسبي الله لا إله إلا هو، عليه توكلت وهو رب العرش العظيم» (سبع مرات) فيكفيك الله ما أهمك من أمر الدنيا والآخرة.

 

اجلسي كل صباح وكل مساء قبل شروق الشمس وقبل غروبها وتنفسي بهدوء، وقولي «اللهم إني أعوذ بك من الهم والحَزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غَلَبَة الدين وقهر الرجال».

 

وانظري لهذه التجربة  العملية لرجل قال هذا الذكر فزال همه وقلقه: «دخل رسول الله ﷺ ذات يوم المسجد فإذا هو برجل من الأنصار يقال له: أبو أمامة، فقال يا أبا أمامة: ما لي أراك جالساً في المسجد في غير وقت الصلاة؟ قال: هموم لزمتني وديون يا رسول الله، قال: أفلا أعلمك كلامًا إذا أنت قلته أذهب الله عز وجل همك وقضى عنك دينك؟ قال: قلت بلى يا رسول الله، قال: قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل وأعوذ بك من الجبن والبخل وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال، قال: ففعلت ذلك فأذهب الله عز وجل همي وقضى عني ديني».

 

وأكثري حبيبتي من الصلاة على النبي في كل وقت، والحد الأدنى 10 مرات في الصباح ومثلها في المساء.

 

وعندما تذهبين للنوم احرصي على الوضوء ونامي على جانبك الأيمن وأسلمي أمرك لله وقولي: «اللهم أسلمت وجهي إليك، وفوّضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبةً ورهبةً إليك».

 

وأفضل الذكر على الإطلاق هو القرآن الكريم  حيث يشفي القلوب الموجوعة ويلملم شتاتها ويسكن مخاوفها ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا﴾ (الإسراء: 82).

 

ابنتي الغالية، إذا شعرت بالقلق أو الخوف والاضطراب أو الحزن، فما عليك إلا أن تجلسي لمدة خمس دقائق على الأقل ترددين ذكرًا أو آية تناسب ما تشعرين به مع التنفس العميق الهاديء البطيء حتى تشعري بالتحسن.

 

زواج والدتك

 

إذا نجحت –حبييتي- في السيطرة على مشاعر القلق وما يتبعها من خوف وافتقاد للأمان فستنظرين لزواج والدتك بطريقة أكثر تقبلا.. أريدك أن تكوني صريحة مع نفسك أنه في نقطة عميقة من قلبك لم تكوني راغبة في زواج والدتك، وأن الأمر بالنسبة لك لم يكن عاديًا كما تقولين لنفسك، وأن قلبك آلمك لما تصفينه بالخيانة التي حدثت من والدتك لصديقتها التي قدمت لها  فرصة العمل هذه.

 

فما تقولينه تغطية على مشاعر غضب من والدتك، تدركين بصورة عقلانية أنه لا حق لك فيها فجعلت من ملابسات زواجها المبرر الكافي للغضب، أنت في داخلك تريدين عقابها عن طريق إنزالها من المنزلة التي كانت فيها والتي كانت تمثل القدوة بالنسبة لك؛ لأنك اعتبرتها حائط الأمان بالنسبة لك، وبزواجها افتقدت هذا الأمان حتى أنك تتساءلين هل غاب الأمان عن العالم.

 

ابنتي الغالية، أنت بحاجة أن تناقشي أفكارك قدر حاجتك أن تناقشي مشاعرك.

 

* هل ارتكبت أمك إثمًا بزواجها؟ لا.

 

* هل ارتكبت أمك إثمًا بالزواج من رجل متزوج؟ لا.

 

* هل قامت أمك بخيانة صديقتها وخطفت أو سرقت زوجها؟

 

يا ابنتي لا يوجد رجل ناضج يتم اختطافه أو سرقته.. هذا كان قرارهما المشترك معًا بناء على ملابسات أنت لا تعرفينها وليس عليك أن تعرفيها، فمقام الأم مقام عال إن أرادت هي أن تشرح لك بعض هذه الملابسات فبها ونعمت وإن لم ترغب فهذا حقها، ويجب عليك ألا تسيئي الظن بها، فإننا مأمورون بحسن الظن بالغرباء فكيف نحظره على أقرب إنسان لنا في الوجود.

 

إذا كان الأمر كذلك فقد وجب عليك أن تناقشي مشاعرك التي لا تستند لأية أفكار صحيحة وإنما تستند على مشاعر أخرى دفينة هي مزيج من الخوف والقلق كما بينت لك.

 

يتبقى سؤال لو افترضنا جدلاً أن والدتك أخطأت في أمر ما أو في أي جزئية هل يعاقبك الله عز وجل أنت وأخواتك (وهيتردلكم)؟.. بالتأكيد هذا مفهوم مشوه للعدل الإلهي، حيث المبدأ الأساسي ﴿وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾، فما ذنبك أنت وأخواتك حتى تتحملوا إثمًا لم ترتكبوه (لو افترضنا أن ثمة إثما بالفعل)، لكنها وساوس الشيطان الذي يريد لك الحزن والألم فتنبهي.. أسعد الله قلبك ورزقك راحة البال، وتابعيني بأخبارك.

الرابط المختصر :