الإستشارة - المستشار : د. رجب أبو مليح محمد
- القسم : السياسة الشرعية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
575 - رقم الاستشارة : 2224
30/07/2025
هل يشترط الإذن في جهاد الدفع بالنسبة لأهل فسلطين، وإذا كان واجبا فأين هو الحاكم أو الإمام الذي يستأذن؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فإن الذين يشترطون إذن الإمام في حالة الجهاد في فلسطين وما يشابهها إما أنهم يدلسون على الناس ويكذبون عمدًا، وإما أنهم لا علاقة لهم بالفقه والعلم.
فاشتراط إذن الإمام يكون في جهاد الطلب، وهو أن يخرج المسلمون إلى عدوهم يقاتلونهم من أجل دعوتهم إلى الإسلام، وهذا يحتاج إلى تنظيم وإعداد، وهو من مهام الإمام ولا يمكن للفرد كائنًا من كان أن يعلنه، أو يقوم به.
أما جهاد الدفع فلا يحتاج إذنًا من أحد، فتخرج فيه المرأة دون إذن زوجها، والولد بغير إذن والديه، والمدين بغير إذن دائنه، ولا يشترط فيه إذن الإمام.
وفي واقعة السؤال أين الإمام هنا حتى يُستأذن وهل للمسلمين خليفة يدافع عنهم، أم نأخذ الأذن ممن ارتموا في أحضان الأعداء وصاروا أذلة للكافرين أعزة على المسلمين، أشداء بينهم ورحماء على الكفار؟
يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي في كتاب الجهاد:
جهاد الدفع: مقاومة العدو إذا دخل أرض الإسلام، واحتلَّ منها مساحة ولو قليلة، أو اعتدى على أنفس المسلمين أو أموالهم وممتلكاتهم أو حرماتهم، وإن لم يدخل أرضهم، ويحتلَّها بالفعل.. أو اضطهد المسلمين من أجل عقيدتهم، وفتنتهم في دينهم، يريد أن يسلبهم حقَّهم في اختيار دينهم، وأن يُكرههم على تركه بالأذى والعذاب.
أما جهاد الطلب، فهو أن يكون العدو في عقر داره، ولكننا نحن الذين نطلبه، ونتعقبه، بغية توسيع أرض الإسلام أو تأمينها، أو نبادئه نحن قبل أن يبادئنا هو، أو لتمكين الجماهير في أرضه من أن تستمع إلى دعوة جديدة، فلا بد من إزاحة هذه الحواجز أمام الشعوب، حتى نبلغ دعوة الله إلى الناس كافة. أو لتحرير الشعوب التي يحكمها الطواغيت، من نير التسلط والجبروت التي يقهرها ويعاملها كالقطعان، أو لغير ذلك من الاعتبارات.
وبعد مناقشات كثيرة حول فرضية جهاد الطلب خلص الشيخ إلى رأيه الفقهي وخلاصته، أن جهاد الدفع فرض بإجماع الفقهاء في القديم والحديث، أما جهاد الطلب فمختلف فيه، ويرجح الرأي بعدم وجوبه إلا إذا دعت الضرورة أو الحاجة إليه.
يقول الشيخ: وهكذا نرى أن ما كان يظنه الكثيرون: أن جهاد الطلب، وغزو العدو مرة كل سنة، فرض كفاية على الأمة، وأنه أمر مجمع عليه، ليس كما ظنوا، وإنما المجمع عليه في هذا المقام: أمران لا خلاف عليهما:
الأول: ما ذكره ابن رشد: أن ينزل العدو ببلد من بلاد المسلمين، فيجب عليهم جهاده، ويجب على الجميع إعانتهم حتى يهزم.
والثاني: تجهيز الجيوش، وإعداد العدة اللازمة للدفاع عن الحوزة، من القوة العسكرية الكافية لردع العدو، والقوة البشرية المدربة، بما يقتضيه العصر في البر والبحر والجو؛ استجابة لقوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال:60].
والله تعالى أعلى وأعلم.