الإستشارة - المستشار : د. رجب أبو مليح محمد
- القسم : السياسة الشرعية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
467 - رقم الاستشارة : 2596
04/09/2025
هل أخطأت المقاومة لأنه قاتلت الدنيا كلها وليس لها قدر أو طاقة على ذلك؟ هل كان عليهم أن يصبروا حتى يمكنهم الله خاصة في ظل استقواء العدوا بالعام إقليميا ودوليا ، ولا نصير لهءلاء في الداخل أو الخارج؟
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:
فلا المقاومة ولا أحد من العقلاء يدّعي العصمة لأحد من البشر، والعصمة لمن عصمه الله من الأنبياء والمرسلين، حتى الأنبياء والمرسلون وإن كانوا معصومين في التبليغ عن الله وفي الأحكام الشرعية، غير أنهم غير معصومين في أمور الدنيا، فقد استدرك الصحابة على النبي ﷺ بعد أن أخبرهم أن أمر الحرب والجهاد ليس وحيًّا بل هو الحرب والرأي والمكيدة، فقال له الصحابي يا رسول الله هذا ليس بمنزل، واعترض الصحابة على فكرة تصالح النبي ﷺ مع أهل غطفان على ثلث ثمار المدينة، بعد أن تأكدوا أن هذا شيء صنعه لهم وليس وحيًّا.
ومعرفة أن المقاومة أخطأت أو لم تخطئ ليس فتوى شرعية فقط، بل لا بد من أن يكون هناك تحليل سياسي جماعي يدرس الأسباب والنتائج ويخرج برأي أيضا لن يكون معصومًا، فأمور السياسة الشرعية في الغالب عارية عن اليقين.
الحكم الشرعي
أما من ناحية الحكم الشرعي فما حدث من المقاومة جهاد دفع، وجهاد الدفع يختلف عن جهاد الطلب، حيث إن جهاد الدفع واجب على كل مسلم ومسلمة؛ سواء أكان قادرًا أم غير قادر كل بما يستطيع ولا يحتاج إذنًا من أحد.
أما لو كانت المقاومة خرجت من أرض فلسطين المحتلة لتجاهد في مكان آخر فلا بد أن تقيَّم على أساس جهاد الطلب وهو يختلف عن جهاد الدفع.
فالمقاومة فعلت الواجب عليها، والواجب علينا نصرتهم والوقوف بجوارهم لا جلدهم والتنظير عليهم، فهم قاموا بالواجب وبرئت ذمتهم، أما نحن فما زلنا نقف في صفوف المتفرجين المنظرين.
من أنواع الجهاد
يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي في كتاب الجهاد:
جهاد الدفع: مقاومة العدو إذا دخل أرض الإسلام، واحتلَّ منها مساحة ولو قليلة، أو اعتدى على أنفس المسلمين أو أموالهم وممتلكاتهم أو حرماتهم، وإن لم يدخل أرضهم، ويحتلَّها بالفعل.. أو اضطهد المسلمين من أجل عقيدتهم، وفتنتهم في دينهم، يريد أن يسلبهم حقَّهم في اختيار دينهم، وأن يُكرههم على تركه بالأذى والعذاب.
أما جهاد الطلب، فهو أن يكون العدو في عقر داره، ولكننا نحن الذين نطلبه، ونتعقبه، بغية توسيع أرض الإسلام أو تأمينها، أو نبادئه نحن قبل أن يبادئنا هو، أو لتمكين الجماهير في أرضه من أن تستمع إلى دعوة جديدة، فلا بد من إزاحة هذه الحواجز أمام الشعوب، حتى نبلغ دعوة الله إلى الناس كافة. أو لتحرير الشعوب التي يحكمها الطواغيت، من نير التسلط والجبروت التي يقهرها ويعاملها كالقطعان، أو لغير ذلك من الاعتبارات.
وبعد مناقشات كثيرة حول فرضية جهاد الطلب خلص الشيخ إلى رأيه الفقهي وخلاصته، أن جهاد الدفع فرض بإجماع الفقهاء في القديم والحديث، أما جهاد الطلب فمختلف فيه، ويرجح الرأي بعدم وجوبه إلا إذا دعت الضرورة أو الحاجة إليه.
يقول الشيخ: وهكذا نرى أن ما كان يظنه الكثيرون: أن جهاد الطلب، وغزو العدو مرة كل سنة، فرض كفاية على الأمة، وأنه أمر مجمع عليه، ليس كما ظنوا، وإنما المجمع عليه في هذا المقام: أمران لا خلاف عليهما:
الأول: ما ذكره ابن رشد: أن ينزل العدو ببلد من بلاد المسلمين، فيجب عليهم جهاده، ويجب على الجميع إعانتهم حتى يهزم.
والثاني: تجهيز الجيوش، وإعداد العدة اللازمة للدفاع عن الحوزة، من القوة العسكرية الكافية لردع العدو، والقوة البشرية المدربة، بما يقتضيه العصر في البر والبحر والجو. استجابة لقوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال:60].
والله تعالى أعلى وأعلم.