جريمة التسبب والجريمة السلبية في قطع الطعام عن غزة

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. رجب أبو مليح محمد
  • القسم : السياسة الشرعية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 630
  • رقم الاستشارة : 2159
22/07/2025

هل الامتناع عن إطعام الجائعين من أهل غزة أو غيره يعد جريمة يحاسب عليه الإنسان في الدنيا والآخرة ؟ وهل عرفت الشريعة ما يسمى بالجريمة بالتسبب أو الجريمة السلبية؟

الإجابة 22/07/2025

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:

 

فقد عرفت الشريعة الإسلامية الجريمة بالتسبب، كما عرفت الجريمة بالمباشرة، والأصل أن يقدم المباشر على المتسبب، لكن في بعض الحالات لا تنفذ الجريمة إلا عن طريق التسبب، كمن حبس إنسانًا ومنع عنه الطعام والشراب حتى مات، وكمن وضع له السم في الطعام، أو ألقاه في البحر وهو يعرف أنه لا يستطع السباحة، وكل من فعل هذا عاملتهم الشريعة على الرأي الأرجح عند جمهور الفقهاء كمعاملة القتل العمد.

 

وعرفت الشريعة الإسلامية أيضًا ما يسمى بالجريمة السلبية وإن كانت لم تسمها بهذا المصطلح القانوني المعاصر، ولكنها سمتها الامتناع عن الفعل، فلو حضر المريض أمام الطبيب وامتنع عن علاجه حتى مات وكان قادرًا على علاجه يعامل معاملة القاتل العمد، وكذلك لو وجد سباح أو منقذ أحد الناس يغرق فتركه حتى مات غرقًا وكان قادرًا على إنقاذه يضمن ويعامل معامل القتل العمد.

 

والجريمة السلبية في الشريعة الإسلامية هي الامتناع عن فعل واجب شرعًا، أو ترك ما أوجب الله على العبد فعله. وتعتبر هذه الأفعال جرائم يعاقب عليها الشرع، سواء كانت عقوبة حدية أو تعزيرية، بالإضافة إلى المسؤولية المدنية في التعويض عن الأضرار الناتجة عن هذا الترك. 

 

وأهل غزة وغيرهم من المستضعفين المجوعين تجب نصرتهم على أقرب الناس لهم من أهل مصر والأردن ولبنان، فإن لم يقوموا بواجب النصرة أثموا وانتقل الواجب إلى من ورائهم حتى يشمل كل مسلم على ظهر هذه الأرض.

 

يقول فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي – رحمه الله – في الإجابة عن سؤال مشابه ولم تكن الأحوال في غزة مثل ما هي عليه الآن:

 

يجب على المسلمين حيثما كانوا أن يعينوا إخوانهم في فلسطين بشتى أنواع العون بالمال واللسان، والقلم والنفس، والعون المالي هو اليوم من أوجب الواجبات على المسلمين كافة، وعليهم أن يسعوا بكل طاقاتهم أفرادًا وجماعات وشعوبًا وحكومات إلى تقديمه إلى أهلنا في فلسطين من أموال الزكاة ومن أموال الصدقات من الوصايا بالخيرات العامة، ومن جميع صنوف الأموال الأخرى.

 

بل ينبغي أن يقتطع المسلمون نصيبًا من أموالهم الخاصة ومن أقواتهم لتقوية موقف إخوانهم في فلسطين، فإنه «ليس منا من بات شبعان وجاره جائع»، و«المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يُسلمه».

 

وعلى المسلمين كافة أن يسعوا بكل طريق ممكن إلى إيصال جميع صور المساعدة المالية والمادية إلى إخوانهم في فلسطين؛ ليتجاوزا أزمتهم الحالية وينجح مشروعهم البنّاء في تخفيف معاناة أهلنا في فلسطين وفي تثبيت حقوقهم الشرعية والتاريخية في وطنهم وقوفًا في وجه محاولات الإبادة والتهجير التي يقترفها العدو الصهيوني بجميع الوسائل في كل شبر من أرض فلسطين.

 

وإن البنوك والمؤسسات العربية والإسلامية مدعوة إلى القيام بواجبها في هذا الشأن، بحيث لا تكون أداة في يد أعداء الأمة لكسر إرادة الشعب الفلسطيني وهزيمة مشروعه.

 

إن الجهاد بالمال بنص القرآن الكريم لا يقل أهمية عن الجهاد بالنفس، وهو واجب على الأفراد والمؤسسات؛ والعلماء إذ يعلنون ذلك ليثقون في أن البنوك والمؤسسات المالية في العالمين العربي والإسلامي لن تقف في وجه إرادة الأمة، ولن تخالف الفتوى الشرعية لعلماء المسلمين، ولن تعرض نفسها لما لا نحبه من المقاطعة ونحوها.

 

والله تعالى أعلى وأعلم

الرابط المختصر :