كيف أحافظ على إيماني خلال فترة الحيض؟

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : أ. فتحي عبد الستار
  • القسم : الفتور والضعف
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 200
  • رقم الاستشارة : 2357
13/08/2025

السلام عليكم ورحمة الله

لاحظت على نفسي أني خلال فترة الدورة الشهرية أكون ضعيفة في إيماني وروحي. في الأيام العادية، أحافظ على أذكاري وأسعى إني أقوم الليل وأكون قريبة من ربي. لكن بمجرد ما تبدأ الدورة، أحس إني آخذ إجازة من الإيمان مو بس من الصلاة. أبدأ أنسى أذكاري وأتساهل فيها، ويجيني كسل وفتور حتى في قراءة القرآن من الجوال. أحيانًا ألقى نفسي أسمع أغاني أو أضيع وقتي في أشياء ما منها فايدة، وأحس إني ابتعدت عن كل شيء يذكرني بالعبادة.

هل هذا الضعف اللي يصيبني في ذيك الأيام يدل على إن إيماني ضعيف من الأساس، أو إن تديني مجرد عادة مرتبطة بالصلاة؟ وكيف أقدر أقاوم هذا الفتور والوساوس اللي تخليني أبعد عن ذكر الله؟

أتمنى تعطوني أعمال وطاعات أقدر أسويها في هالفترة عشان أظل قريبة من ربي، وما أضيع اللي بنيته في الأيام العادية.

الإجابة 13/08/2025

ابنتي الفاضلة، وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، ومرحبًا بك. أسأل الله أن يبارك فيك، ويشرح صدرك، ويقوي إيمانك، ويتقبل منك صالح الأعمال في كل وقت وحين، وبعد...

 

فاعلمي يا ابنتي -أولًا- أن ما تمرين به هو أمر شائع بين كثير من الفتيات والنساء. والإنسان -عمومًا- في هذه الدنيا ليس على وتيرة واحدة من الإيمان؛ بل يمر بلحظات قوة ولحظات ضعف، وفترات زيادة وفترات نقصان، وهذا ليس بالضرورة دليلاً على ضعف الإيمان أو نقصه من أساسه؛ بل هو جزء من طبيعة النفس البشرية التي تتأثر بكثير من العوامل الجسدية والنفسية.

 

والدورة الشهرية بحد ذاتها تُحدث تغيرات هرمونية وجسدية تؤثر على المزاج والطاقة والنشاط، وهذا قد ينعكس على حالتك الروحية.

 

ولقد أكرم الله المرأة ورفع عنها الحرج في هذه الفترة، فأسقط عنها الصلاة والصيام رحمة بها؛ لكنه لم يحرمها الأجر والثواب على ما كانت تفعله من طاعات في الأيام الأخرى، وهذا من عظيم فضله سبحانه.

 

وإن إحساسك بالفتور والبعد عن الطاعات وضيقك من هذا هو دليل على نضارة الإيمان في قلبك، ما دفعك للبحث عن الحلول والسبل للخروج من هذه الحالة والرجوع لطريق القرب من الله.

 

كيفية مقاومة الفتور والوساوس

 

ابنتي العزيزة، إن الشيطان يجد في هذه الأيام التي لا تصلين فيها فرصة لإبعادك عن الله، ويوسوس لك بأن هذه فترة «إجازة» من كل شيء يربطك بالعبادة، وهذا من خبثه ومَكْره.

 

ويمكنك مقاومة وساوس الشيطان تلك بالآتي:

 

1- الاستعاذة بالله: عندما تشعرين بهذه الوساوس، استعيذي بالله مباشرةً وقولي: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم".

 

2- الإكثار من ذكر الله: فالذكر هو حصن المؤمن، وله تأثير عظيم على القلب، قال تعالى: ﴿أَلَا بِذِكرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ [الرعد: 28].

 

3- تذكري حلاوة الإيمان: تذكري -يا ابنتي- تلك اللحظات التي كنتِ فيها قريبة من الله، وشعرتِ فيها بلذة الطاعة والقرب، فهذا سيشجعك على العودة إلى تلك الحالة، والنفور من حالة الغفلة والبعد عن الله.

 

طاعات يمكن القيام بها خلال فترة الحيض

 

إن امتناعك عن الصلاة والصيام في هذه الأيام هو بأمر الله رحمةً منه بك، ومع ذلك فأبواب الطاعات الأخرى كثيرة، وكلها مفتوحة لك، لتستزيدي منها وتعوضي من خلالها ما تفقدينه من روحانيات الصلاة والصيام فترة حيضك.

 

ومن هذه الطاعات:

 

- قراءة القرآن والاستماع له: فقد أجاز أهل العلم للحائض أن تقرأ القرآن من تطبيق على الهاتف، أو من المصحف دون أن تمسه. فكتاب الله نور يملأ القلب سكينة وإيمانًا وراحة، يقول الله تعالى: ﴿ونُنَزِّلُ مِنَ القُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ ورَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ﴾ [الإسراء: 82] فاقرئي، أو استمعي بتدبر وفهم، ولا تنقطعي عن القرآن أبدًا.

 

- الإكثار من الأذكار والأدعية: حافظي على أذكار الصباح والمساء، وأذكار الأحوال المختلفة، والذكر المطلق، من تسبيح وحمد وتهليل وتكبير، وحوقلة: «سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله». وكذلك ادعي الله بما تريدين من خير الدنيا والآخرة.

 

- الصدقة: إن الصدقة لها فضل عظيم في طهارة النفس وتزكيتها، يقول جل وعلا: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وتُزَكِّيهِم بِهَا﴾ [التوبة: 103]. فاجعلي لك نصيبًا ولو بالقليل، فالله يبارك في القليل إذا كان خالصًا لوجهه الكريم.

 

- صلة الأرحام: بزيارتهم أو الاتصال بهم وتفقد أحوالهم، فهذه من أفضل القربات.

 

- طلب العلم والاستماع للدروس: عن طريق التلفاز أو الهاتف، فإنها تقوي عزيمتك، وترفع من حماسك ونشاطك، فضلًا عما تكتسبينه منها من علم وفقه وتزكية.

 

- الاستغفار: استغفري الله كثيرًا، ففي الاستغفار كثير من النعم والفوائد العظيمة، فضلًا عن محوه الذنوب وتطهيره للقلب، قال تعالى: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إنَّهُ كَانَ غَفَّارًا . يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا . ويُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وبَنِينَ ويَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ ويَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا﴾ [نوح: 10- 12].

 

وختامًا يا ابنتي، لا تيأسي من نفسك أبدًا، واستمري فيما أنتِ عليه من حب للخير والسعي إليه، وتذكري أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً. أسأل الله أن يرزقك الثبات على دينه، وأن يمن عليك بقوة الإيمان في كل أحوالك، وأن يجعلك من عباده الصالحين المقربين. آمين.

الرابط المختصر :