الإستشارة - المستشار : د. موسى المزيدي
- القسم : إدارية
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
98 - رقم الاستشارة : 1656
17/04/2025
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، دكتور، من الأمور الإدارية الصحيحة العمل ضمن فريق، وأن يكون هناك تناغم بين أعضائه، وأن يعرف كل واحد منهم دوره بالتحديد، ويعين الجميع بعضهم في العمل، وتكون النتائج ممتازة. للأسف يوجد الكثير عندنا لا يحب العمل وفق فريق -إلا ما رحم ربي- فما رأيكم في ذلك؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أهلاً ومرحبًا بك أخي الكريم على موقع استشارات المجتمع، وبعد:
ففي الدول المتقدمة يعد العمل ضمن فريق من الأسس المهمة للنجاح، ونضرب مثلاً باليابان حيث يعد اقتصادها ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية، وأحد أهم أسباب هذه الثورة العالمية الرهيبة؛ هو تشكيل فرق العمل في قطاع الأعمال، والذي بدأ عام 1962م بتشكيل ثلاث فرق عمل تجريبية.
ويعد الفريق في هذه الدول واحدا صحيحا، أي كلهم يعتبرون شخصا واحدا، أما في دول العالم الثالث للأسف في كثير من الأحوال لا ينجح العمل الجماعي.
أخي الكريم، يجب أن تعرف أنه مفاتيح للعمل الجماعي المتناغم كي يؤتي ثمارها، منها وضوح الرؤية، والتعامل الصحيح وفقًا لأنماط الشخصية، والإحساس بالإنجاز الشخصي صمن الفريق وغيرها من المفاتيح.
وسأذكر لك مثالاً على ذلك، وسأتطرق إلى بعض المواقف التي حدثت معي وكلها تدور في إطار العمل في فريق.
الفرق المتناغمة
ما ينقص الوطن العربي ودول العالم الثالث هو كيفية العمل في فريق متناغم.
اتصلتْ بي اللجنة النسائية بجمعية الإصلاح الاجتماعي، تطلب إلي عقد دورة تدريبية عن كيفية العمل في فريق متناغم، فاستجبت لها على الفور، وشعرت بفرحة تغمرني.
تشكلت اللجنة النسائية في يونيو 1983م كإحدى اللجان العاملة في جمعية الإصلاح الاجتماعي بدولة الكويت، وهي مؤسسة غير حكومية رسالتها أن تقوم بدورها في مجال خدمة قضايا المرأة والطفل. وتسعى اللجنة لتحقيق أهدافها عن طريق مجموعة من المراكز واللجان الفرعية المتخصصة. ومن أهداف اللجنة:
1. توعية المرأة بالمفاهيم والقيم الإسلامية الصحيحة لتفعيل دورها في تنمية المجتمع.
2. العمل على تطوير القدرات والمهارات لدى المرأة؛ لرفع كفاءتها ولتحسين وضعها في الأسرة والمجتمع.
3. تبني قضايا المرأة والطفل والعمل على دراسة الظواهر الاجتماعية السلبية لتوعية المرأة بدورها المزدوج في الأسرة والمجتمع، والعمل على ضمان الحقوق الشرعية التي كفلها الإسلام للمرأة.
4. القيام بالمشروعات والنشاطات الخيرية التي تحقق مبدأ التكافل الاجتماعي في مجتمعنا الكويتي الإسلامي.
5. المساهمة في تقديم البدائل التربوية والثقافية والترفيهية للطفل لتأصيل هويته الحضارية.
ما أجمل مشاعرنا حين نرى الناس يعملون في فريق واحد متناغم، يحترم بعضهم آراء بعض، ويسعون جميعا لتحقيق أهداف مشتركة.
إن الوفاء بالوعد يمنحك علوا في الهمة، لا سيما إذا كان مرتبطا بتدريب الآخرين على كيفية العمل في فريق واحد متناغم.
استخراج قرار التعيين
من الأمور المعروفة في هذا البلد هو بطء قرارات التعيين للأطباء، على الرغم من حاجة البلد الماسة لهم، إنها الإجراءات "الروتينية" القاتلة.
طلب إليّ أحد أبنائي مساعدته على الإسراع في إجراءات تعيينه في وزارة الصحة، بعد أن أنهى جميع متطلبات التعيين، ولم يبق إلا صدور قرار التعيين. اتصلتُ بابني وقلت له: أنا الآن في طريقي إلى وزارة الصحة، أراك هناك بعد ساعتين إن شاء الله.
بلا مبالغة، إن عدد الأشخاص الذين قابلتهم، والإدارات التي مررت بها لاعتماد التواقيع، وصل إلى 10 محطات. كل الشكر للسيدة عفاف الكندري والسيد مرشد المرشد اللذيْن اختصرا لي الطريق، وساعداني على استخراج قرار التعيين في ساعة ونصف الساعة فقط!
حينما وصل ابني إلى وزارة الصحة، كان يظن أنه سيدخل معي في دهاليز الوزارة لاستخراج قرار التعيين. وفوجئ حينما تسلم مني قرار التعيين بلا معاناة. لقد كان شعورًا جميلاً أن ترى ابنك سعيدًا لوعد وفيته له.
إن الوفاء بالوعد يمنحك علوا في الهمة، لا سيما إذا كان بحق أبنائك.
رد الجميل
هنالك أشخاص وهيئات لهم فضل كبير علي، فهم شاركوا في تشكيل شخصيتي الحالية. وأنا ممتن لهم جميعا، ومن قبلهم أنا ممتن لله سبحانه وتعالى الذي هيأهم لتوجيه النصح لي في تعديل مساري في الحياة وتطوير شخصيتي. وعلى الرغم من أن مجال التعديل والتطوير لدي مستمر ولن يتوقف بإذن الله، فإني أخذت على نفسي عهدًا بأن أرد بعضًا من جميل هؤلاء علي أولا فأولا، وذلك بإحدى الطرق الآتية:
1- الدعاء لهم بالنجاح في الدنيا ودخول الجنة في الآخرة.
2- عدم رد أي طلب يطلبون إليّ أداءه.
3- التواصل معهم بشتى الطرق في الأفراح والأحزان.
4- الدفاع عن وجهات نظرهم المشروعة قدر الاستطاعة أينما كنت.
5- الفرح لهم عندما ينجزون.
رابطة الشباب المسلم الكويتي
من الهيئات التي أدت دورًا كبيرًا في حياتي، رابطة الشباب المسلم الكويتي في الولايات المتحدة الأمريكية والهيئات والأفراد التي تساندها منذ سبعينيات القرن الماضي.
أنشئت رابطة الشباب المسلم الكويتي على هامش مؤتمر اتحاد الطلبة المسلمين MSA في مدينة "سينت شارلز" St. Charles بولاية "ميزوري" الأمريكية في سبتمبر 1972م. وقد أدت الرابطة - بفضل الله - دورًا أساسيًّا في تشكيل شخصيات كثيرة من الشباب الكويتي. وقد تقلد معظمهم مناصب إدارية كثيرة في الكويت بعد عودتهم من أمريكا.
ومن الكلمات الرائعة التي تعلمتها في فترة السبعينيات هو دعاء يعرف بدعاء الرابطة وهو: "اللهم إنك تعلم أن هذه القلوب قد اجتمعت على محبتك، والتقت على طاعتك، وتوحدت على دعوتك، وتعاهدت على نصرة شريعتك، فوثق اللهم رابطتها، وأدم ودها، واهدها سبلها، واملأها بنورك الذي لا يخبو، واشرح صدورها بفيض الإيمان بك، وجميل التوكل عليك".
مضى على عضويتي في المؤسسات التي تساند الرابطة أكثر من 40 سنة، طلبوا إلي في ذلك اليوم افتتاح مؤتمر لهم حول القيادة الربانية، لم أتردد لحظة واحدة في الاستجابة لهم.
إن الوفاء بالوعد يمنحك علوًا في الهمة، لا سيما إذا كان مرتبطًا بهيئات وأشخاص لهم فضل عليك.
التخطيط للحياة
اتصل بي النادي العلمي يطلب إلي إعطاء دورة تدريبية في كيفية التخطيط باستعمال تقنية بطاقة الأداء المتوازن Balance Score Card. لم أتردد لحظة واحدة في التعاون مع النادي العلمي والقائمين عليه، وفي مقدمتهم المدير العام للنادي الدكتور آدم الملا ومديرة إدارة الفتيات وعلماء المستقبل السيدة نرجس النامي.
تضافرت جهود الكثير من أبناء الكويت المخلصين في تأسيس النادي العلمي ليكون حصنًا من حصون العلم في بلدنا الطيب والكريم بأبنائه، وكانت نتيجة هذه الجهود إشهار النادي العلمي الكويتي في 11 أغسطس 1974م.
ويعتبر النادي العلمي إحدى جمعيات النفع العام المتميزة بدولة الكويت، فهو منظمة غير ربحية تتبع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل. ويهدف النادي العلمي إلى:
- رعاية النشاطات العلمية ونشر الوعي العلمي.
- العمل على رفع المستوى العلمي بالتعاون مع الأندية والهيئات العلمية المختلفة.
- تهيئة وتيسير الجو المناسب لأعضاء النادي لشغل أوقات الفراغ بما يعود عليهم وعلى بلدهم بالنفع.
- توثيق وتعزيز روح التضامن بين أعضاء النادي وصقل المواهب وتوجيهها التوجيه الصحيح السليم.
- الاشتراك في المسابقات والمعسكرات والندوات العلمية وتبادل الزيارات والخبرات مع الأندية العلمية.
إن مساعدة الناس على التخطيط لحياتهم صارت ضرورة من ضرورات الحياة، وإن المساهمة في ذلك تمنحك علوًا في الهمة.
تقول السيدة نرجس النامي لي: إنها غيرت حياتها 180 درجة بعد محاضرة سمعتها مني قبل 10 سنوات عن الثقة في النفس. هذا ثناء أفتخر به، والشكر موصول إليها.
إن الوفاء بالوعد يمنحك همة، لا سيما إذا كان مرتبطًا بمساعدة الناس على التخطيط لحياتهم.
الخلاصة:
العمل ضمن فريق متناغم يعزز التفاعل والتعاون لتحقيق أهداف مشتركة ولا يتغافل إنجاز الفرد بل يركز على الإنتاجية الفردية، ومساعدة الأبناء في حياتهم محفز لهم، ورد الجميل يدل على الوفاء والأخلاق النبيلة, والتخطيط للناس يعود بالنفع والخير على الفرد والمجتمع.
أسأل الله أن يلهمنا العمل ضمن فريق متناغم يساعد الناس في أمور دنياهم وآخرتهم، وأن يكون نافعًا للمجتمع.