Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. موسى المزيدي
  • القسم : إدارية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 140
  • رقم الاستشارة : 1552
08/04/2025

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، دكتور، يظهر علينا يوميًّا في الفضائيات وغيرها من وسائل الإعلام بموضوعات مختلفة الكثير من الناس، وربما يتكرر ظهورهم كثيرًا، فكيف تكون إدارة الشخص لظهوره الإعلامي المتكرر؟

الإجابة 08/04/2025

وعليكم عليكم ورحمة الله وبركاته، أهلاً ومرحبًا بك -أخي الفاضل- على موقع استشارات المجتمع، وبعد:

 

فالإعلام وسيلة مهمة لنشر كل ما هو مفيد للناس، لكن بعض الناس يستخدم هذه الوسيلة في تدمير القيم النبيلة والأخلاق السامية وبالطبع يؤدي ذلك إلى ضياع المجتمعات، من خلال المحتوى الهدام الذي يقدمه للناس ويضيع أوقاتهم.

 

وعلى أصحاب الظهور الإعلامي والمؤثرين في الناس أن ينتقوا موضوعاتهم بعناية وأن يحسنوا طريقة تقديمها، وأن يستفيدوا من كل تطور تقني في هذا المجال، وأن يكون ظهورهم فيه جديد ونافع للناس دائمًا.

 

وسأوضح لك أيها -الأخ الفاضل- بعض الأمور والشروط التي أُلزم بها نفسي قبل أي ظهور إعلامي، وسأذكر لك موقفًا عمليًّا في ذلك، فضلاً عن موقفين آخرين مررت بهما كان لهما تأثير في حياتي.

 

القناة الثانية KTV2

 

أنشئت القناة الثانية KTV2 في الكويت بعد إنشاء القناة الأولى بتاريخ 15 نوفمبر 1961م، وهي تقدم برامجها باللغة الإنكليزية.

 

اتصل بي الأستاذ داوُد بن حسين من محطة القناة الثانية KTV2 يطلب إليّ تسجيل 30 حلقة تلفازية لشهر رمضان المبارك. وكان الأمر يتطلب سرعة في الإنجاز، ولم يبق على دخول الشهر المبارك سوى أيام قلائل.

 

لدي مبدأ أؤمن به في مجال الإطلالات الإعلامية مفاده أن الإطلالات الإعلامية على الناس -عبر المحطات الفضائية- ضرورية جدًّا عندما تتوافر 3 شروط:

 

1- ألا تأتي على حساب الخصوصية الأسرية للعائلة.

 

2- ألا تكون المادة مكررة قد سمعها الناس مرارًا.

 

3- ألا تعرض بطريقة تقليدية مملة.

 

ولما كانت مادة الحلقات جديدة وتتعلق بمجال المهارات السلوكية وباللغة الإنكليزية، فقد وافقت على العرض، وصارت لدي قناعة أنني سأقدم إضافة حقيقية للناطقين بغير اللغة العربية، ووعدت أن أنهي التسجيل في 3 أيام بمعدل 10 حلقات في اليوم، ومدة كل حلقة 15 دقيقة.

 

جرى تسجيل الحلقات بحسب الوعد الذي قطعته على نفسي. وكنت أظن في بادئ الأمر أن تحقيق هذا الإنجاز صعب، لكن الوعد بإنهاء الأمر في 3 أيام جعلني محفزًا على مدار 3 أيام.

 

إن الوفاء بالوعد يمنحك همة عالية، ولا سيما إذا كان مرتبطًا بأمر فيه تحدٍّ.

 

محاضرة في يوم مطير

 

كان يومًا مطيرًا عندنا في الكويت، غرق البلد بماء المطر، وتعطلت المصالح، ولم يستطع الموظفون الوصول إلى أمكنة عملهم، سواء في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص، ولم يستطع الطلبة الوصول إلى الجامعة. وكان لدي يومها محاضرة تبدأ الساعة الثامنة صباحا، ولم أكن أريد إلغاء المحاضرة؛ لأنني لا أعرف عدد الطلبة الذين سيحضرون. هناك طلبة لا يصطنعون لأنفسهم عذرا أو تبريرا مهما كانت ظروفهم، ومهما كان الجو، فهم يمضون لتحقيق ما يريدون.

 

وأنا أعلم تمامًا أن مجموعة من الطلبة ستحاول الوصول إلى الجامعة في ذلك اليوم؛ من أجل حضور هذه المحاضرة. فخرجت من البيت الساعة السابعة إلا ربعًا، قبل المحاضرة بساعة وربع الساعة، تحسبًا للوقت بسبب الأمطار التي تهطل بشدة. واتصلت بالسيدة الفاضلة بدرية البدر الساعة الثامنة صباحًا، وطلبت إليها أن تذهب إلى موقع المحاضرة، وتعلق ورقة على اللوح مكتوب فيها: إن الدكتور مقبل في الطريق.

 

وصلتُ إلى المحاضرة في الساعة الثامنة والنصف إلا خمس دقائق، متأخرا 25 دقيقة. وحين دخلت قاعة المحاضرات، لم أجد إلا طالبتين، من أصل 33 طالبة مسجلة في هذا المقرر. فسألت الطالبتين: هل نلغي المحاضرة أم نمضيها؟ قالتا: لما كانت بقية الزميلات غير موجودات، فليتك يا دكتور تلغيها، كي لا يفوتهن شيء. قلت: كلا، أنتما عانيتما، خرجتما من بيتكما باكرًا لتتابعا هذه المحاضرة في الوقت المناسب، وأنا عانيت وتعبت كي أصل إلى الجامعة.

 

لذا، سأمضي هذه المحاضرة، لكن سأطلب إلى الطالبة فاطمة معرفي -وهو اسم إحدى الطالبتين- أن تكتب ملخص هذه المحاضرة، وتنسخ منه 31 نسخة، لتوزعها لاحقًا على اللاتي لم يحضرن؛ كي يستفِدن من هذه المحاضرة. وافقت فاطمة على الطلب، فكتبت رؤوس الأقلام والخطوط العريضة على نحو مرتب. وفي اللقاء التالي، جاءت فاطمة ومعها 31 نسخة، فأعطتني إياها وكانت مفعمة بالنشاط؛ إذ إنها لبت طلبًا لأستاذها دكتور المقرر.

 

إن الوفاء بالوعد يمنحك همة، ولا سيما إذا كان مرتبطا بشخص تحترمه وتحبه.

 

بيت الزكاة الكويتي

 

في ربيع الأول 1403هـ الموافق 16 يناير 1982م، صدر القانون رقم 5 لسنة 1982م بشأن إنشاء بيت الزكاة في الكويت كهيئة عامة ذات ميزانية مستقلة باسم بيت الزكاة، تكون لها الشخصية الاعتبارية وتخضع لإشراف وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية. وكان تأسيس بيت الزكاة خطوة رائدة لإحياء ركن من أركان الإسلام وتيسير أدائه والعمل على جمع وتوزيع الزكاة والخيرات بأفضل وأكفأ الطرق المباحة شرعًا، وبما يتناسب والتطورات السريعة لدى المجتمع واحتياجاته.

 

في ذلك اليوم من عام 2005م، اتصلت بي مؤسسة الكويت للتقدم العلمي (كيفاس) لتسلم "شيك" باسمي. وكان اتصالهم بي مستغربًا جدًّا وغير متوقع؛ إذ إني بادرت إلى تدقيق أحد إصدارات مجلة التقدم العلمي بلا مقابل.

 

أقسمت بالله أن أتبرع بقيمة الشيك للمحتاجين؛ إذ كانت توقعاتي بقيمة الشيك لا تتعدى عشرات الدنانير. فحين تسلمت الشيك، وجدت أن المبلغ هو 200 دينار (650 دولارًا)! أضعاف ما توقعت، فنازعتني نفسي أن أحتفظ ببعض المبلغ، لكنني حسمت الأمر، واتصلت ببيت الزكاة، وطلبت إليهم إرسال مندوبهم لأخذ مبلغ التبرع كاملاً.

 

لم تهدأ نفسي حتى تم دفع مبلغ التبرع لبيت الزكاة. حينئذٍ، شعرت بنشوة الانتصار على النفس، وأنني أمضيت قَسَمي ولم أحنث به. وقد نصحني بعض الإخوة في ذلك اليوم بدفع كفارة اليمين لعشرة مساكين بحسب الشرع، أي ما يعادل عشرة دنانير، والاحتفاظ بباقي المبلغ!!

 

إن الوفاء بالوعد يمنحك همة عالية، ولا سيما إذا كان مرتبطًا بقسم لله.

 

الخلاصة:

 

الإعلام وسيلة مهمة في واقعنا المعاصر يجب أن نستفيد منها في نشر كل ما هو مفيد، والوفاء بالوعود يمنح الإنسان همة عالية، وهو سمة مهمة يجب أن نلتزم بها.

 

أسأل الله أن يجعلك من أهل الخير والوفاء بالوعود، وأن تكون ناشرًا للخير في كل مكان.

الرابط المختصر :