Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : أ. ريما محمد زنادة
  • القسم : تربوية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 206
  • رقم الاستشارة : 1539
07/04/2025

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، استشهد زوجي في الحرب على غزة، وبقيت أنا في حيرة من أمري كيف أبلغ أطفالي باستشهاد والدهم، فما زال أحد أطفالي يعتقد أن والده على قيد الحياة تحت ركام المنزل الذي قصف فوق رؤوسنا...هل أخفي عليهم ذلك أو الأفضل إخبارهم وإن كان هذا الأفضل كيف أخبرهم فأنا خائفة من رد الفعل عليهم فهم يحبون والدهم كثيرا؟

الإجابة 07/04/2025

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أما بعد،،،

 

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أختي الفاضلة، أسعد الله حياتك وحياة أطفالك بالرضا والإيمان، وأعانك على تكملة مسيرة الحياة على نهج الإسلام العظيم في تربية أطفالك تربية إيمانية يحبها الله –عز وجل- ورسوله -صلى الله عليه وسلم-.

 

سؤالك واهتمامك بالأمر وطرق باب موقع "استشارات" يدل على وعيك ونضجك في البحث عن الطريقة المناسبة في إخبار أطفالك باستشهاد والدهم -تقبله الله في رحمته -أسأل الله -تعالى- أن يلهمني رشاد القول الذي ينير قلبك للخير، وأن يكون لك اليد الحانية في مساعدتك.

 

أختي الفاضلة، حقيقة أنت في مكانة ومنزلة عظيمة جدًّا، بأن اصطفاك الرحمن أن تكون زوجة شهيد، وأمًّا لأيتام ليس أي أيتام فهم أطفال شهيد، فهنيئًا لك هذا الاصطفاء، وهذا الأجر العظيم.

 

أعلم أن الأمر ليس سهلاً على قلبك، وعلى أطفالك، وأن الأمانة كبيرة، لكن تيقني أن الله -تعالى- لن يكلفك فوق طاقتك، وسيمدك بالقوة بأن تكملي مسيرة الحياة في تربية أطفالك.

 

الأفضل أن تخبريهم بنفسك باستشهاد والدهم، حتى لا يسبقك أحد بذلك ويخبرهم بطريقة قد تكون صدمة لهم، وتفجع قلوبهم الصغيرة.

 

تحدثي معهم قبل إخبارهم بما يتناسب لسنوات عمرهم، بأن والدكم يحبكم كثيرًا، وهو يحب طاعة الله -تعالى- ورسوله -صلى الله عليه وسلم- حيث كان صادقًا في كلامه، ويحب مساعدة الفقراء، ولا يتكلم بكلمات بذيئة، أي ذكريهم بأخلاق والدهم الجميلة، حتى ترسمي بعقلهم صورة جميلة، ليعملوا على تقليده.. وهذا سيساعدك كثيرًا في تربية أطفالك على هذه الأخلاق الطيبة.

 

وأخبريهم بأن الله -تعالى- اختاره من بين كل هؤلاء البشر لهذه المكانة العظيمة بأن يكون شهيدًا؛ فهي اصطفاء لا يناله أي إنسان.

 

وتحدثي معهم عن كرامات ومكانة الشهيد التي وعد الله -سبحانه وتعالى- للشهداء من أجر وخير.

 

أخبريهم وأنت تحتضنينهم، لكن احرصي أن تتمسكي بالهدوء قدر الإمكان، بعيدًا عن البكاء.

 

تحدثي معهم وأنت تنظرين إليهم بحب أن الله -تعالى- أراد والدهم، وهو الآن في مكان جميل وآمن.

 

في هذا الحديث، لا تسمحي لأحد بالمشاركة في هذه الجلسة حتى لا ينفعل أحدهم بالبكاء والخروج بشكل لا إرادي عن مشاعر الهدوء والتلفظ بكلمات ستؤلم أطفالك.

 

أخبري أطفالك أنهم تحت حفظ ورعاية الله –عز وجل- ولن يتركهم أبدًا، حاولي قدر المستطاع ربط كل شيء برحمة الله، وفضله، وأنهم أقوياء بذلك.

 

وتحدثي لهم عن قدوتنا وحبيبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأنه كان يتيم الأم والأب، ومع ذلك اصطفاه –عز وجل- بأن يكون رسوله ليبلغ رسالته، ويخرج الناس بفضل ربه من الظلمات إلى النور.

 

ذكريهم أنك تريدين أن تريهم مثل والدهم يحافظون على الصلاة، ومساعدة الفقراء، وكل الأشياء الجميلة التي تحبين أن تعلميها لأطفالك.

 

الطفل بهذا الفقد يكون بحاجة لحنان بديل، فمن تري به يشبه أباهم من حيث أخلاقه الطيبة وحنانه من خال أو جد، فحاولي تقريب المسافات بينهم، حتى لا يشعر الطفل أن هنالك فجوة عاطفية في داخله.

 

وتحدثي مع والدك أو أخيك بذلك حتى يزيد الاهتمام والانتباه للموضوع؛ فجميل جدًّا أن يكون هنالك صداقة جميلة مع أطفالك من قبل خالهم أو جدهم، خاصة أن الطفل يحتاج في حياته إلى وجود رجل في تربيته.

 

بعد أن يعلم أطفالك باستشهاد والدهم، وحينما تجدين أن نفسيتهم قد تقبلت الخبر بعد فترة، بإمكانك اصطحابهم إلى مكان القصف حتى يتأكدوا أن والدهم غير موجود تحت الركام، وأخبريهم بأن الله –عز وجل- أخذه إلى مكان جميل وأنه بخير.

 

 وتيقني أن الله -تعالى- سيعينك ولن يضيعك أبدًا، وكثير من العلماء قد ربتهم أمهاتهم مثل الإمام محمد الشافعي، والإمام أحمد بن حنبل -رحمهما الله تعالى- وغيرهما الكثير من العلماء.

 

استعيني بالله -تعالى- بكل أمورك الصغيرة والكبيرة، وتيقني بالإعانة منه، ولن يترك... والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

الرابط المختصر :