بين حفظ القرآن والتحصيل الدراسي للأبناء.. من على حق أمي أم زوجي؟!

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. أميمة السيد
  • القسم : الأطفال
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 173
  • رقم الاستشارة : 2490
26/08/2025

أنا أم وأواجه مشكلة مع أولادي الذين يذهبون لحلقات القرآن في المسجد بانتظام. أمّي (جدة الأطفال) تريد أن أوقفهم عن حضور حلقات القرآن لمجرد بدء الدراسة، بحجة أن الدراسة أهم الآن وأن متابعة القرآن قد تشتت انتباههم.

الأب يرفض هذا الاقتراح ويصر على استمرار الأطفال في حضور المسجد وحلقات القرآن الكريم، مؤكدًا أن التفوق الدراسي لا يتعارض مع التعليم الديني، وأن الأطفال يستفيدون من بركة المساجد وفضل حفظ القرآن في حياتهم.

الإجابة 26/08/2025

أهلاً بكِ أيتها الأم الفاضلة، وبارك الله في حرصك على مصلحة أولادك وتربيتهم تربية صالحة متوازنة، تجمع بين العلم الدنيوي والديني.

 

أولاً: أود أن أطمئنكِ أن الحرص على حلقات القرآن في المسجد ليس عائقًا أمام التفوق الدراسي، بل على العكس، أثبتت الدراسات التربوية أنّ الأطفال الذين يتعلمون الحفظ والتلاوة في سن مبكرة تنمو لديهم مهاراتAttention Span  مدى التركيز وWorking Memory الذاكرة العاملة، وهما من أهم العوامل التي تدعم التحصيل الأكاديمي. فالقرآن الكريم يعزز لديهم القدرة على التنظيم الذهني، وضبط النفس، والاستمرارية في الإنجاز.

 

ثانيًا: من منظور علم النفس التربوي الأسري، التربية المتوازنة تقوم على  Holistic Developmentالنمو الشمولي للطفل، أي أن الطفل يحتاج إلى تغذية عقله بالعلم، وروحه بالإيمان، وجسده بالصحة والحركة. فإذا اقتصرت التربية على جانب واحد وهو الدراسة الأكاديمية فقط، يختل التوازن النفسي والتربوي للطفل، مما قد ينتج عنه قلق أو فقدان للمعنى الداخلي لحياته.

 

ثم إن الله سبحانه وتعالى قد ربط بين العلم الديني والدنيوي في قوله تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾، فالجمع بين الإيمان والعلم هو سرّ رفعة الإنسان وكرامته.

 

كما أنّ رسول الله ﷺ قال: "خيركم من تعلم القرآن وعلّمه"... وهذا الحديث الشريف دليل على أن تعليم القرآن من أعظم أبواب الخير، وهو لا يتعارض مع العلم الدنيوي، بل يزيده بركة ونورًا.

 

بل إن أغلب المتفوقين في مصر مثلاً، من أرباب كليات القمة والمتميزين في الطب والهندسة، هم من خريجي التعليم الأزهري، والذي يجمع بين العلوم الدينية بكل فروعها وتخصصاتها وبين العلوم الدنيوية واللغات، ومن شروطه حفظ القرآن الكريم كاملا بإتقان.

 

ولكن لا شك أن الدراسة والحفظ لأكثر من منهج، تحتاج من الدارس بعض التنظيم الزائد حتي ينجح في التحصيل الدراسي والحفظ معا بشكل متقن.. لذلك فأنا هنا سوف أعّول عليك أنت كأم في مساعدتهم وتعويدهم على ذلك التنظيم.. وفقط سوف تحتاجين مني لبعض النصائح التربوية العملية التي تحتاج إلى تطبيق دائم، كما يلي:

 

1- أهمها تنظيم الوقت:

 

ضعي جدولاً دراسيًّا لأبنائك بحيث يكون لحلقات القرآن الكريم أوقات ثابتة غير مزدحمة مع ساعات المذاكرة. فالتوازن بين الأنشطة والتحصيل يعزز الانضباط.

 

2- من الجيد إشراك الجدة إيجابيًّا:

 

فبدلاً من أن ترى الجدة الحلقات عائقًا، يمكنكِ أن تجعليها تتابع مع أحفادها جزءًا مما يحفظون، فتشعر بدورها في تنمية إيمانهم.

 

3- تعزيز قيمة المعنى لما يقومون به، سواء حفظ للقرآن الكريم أو مذاكرة لدروسهم أو تأدية لتمارينهم الرياضية:

 

ذكّري أبناءك أن طلب العلم عبادة، وأن القرآن يبارك وقتهم، فيشعرون أن ما يفعلونه ليس تضييعًا للدراسة بل دعمًا لها.

 

4- عليك أيضًا بالمراقبة الواقعية:

 

تابعي نتائجهم الدراسية. فإذا وجدتِ خللاً حقيقيًّا، يمكن تعديل المواعيد، لكن ينبغي عدم قطع الحفظ أو هجر القرآن الكريم من حياتهم.

 

فإن من رُزق القرآن مع العلم فقد أُوتي الخير كله، ومن فصل بينهما خسر توازن قلبه وعقله.

 

* همسة أخيرة لأختي الحبيبة:

 

اثبتي مع زوجك على موقفكما، مع تهدئة والدتكِ بحسن الخطاب، وتوضيح أن الأولاد لا يُحرَمون من دراستهم، بل يُزادون قوةً في العقل والروح معًا.

 

بارك الله لكم في أبنائكم، وجعل القرآن الكريم ربيع قلوبهم ونور أبصارهم.

الرابط المختصر :