بين فقدان الأم وإيذاء الأخت.. أين أشعر بالأمان؟!

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. أميمة السيد
  • القسم : المراهقون
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 46
  • رقم الاستشارة : 2975
15/10/2025

أنا بنت عندي ١٧ سنة، ومشكلتي مع أختي الكبيرة اللي عندها ٢٣ سنة. هي دايمًا بتتعامل معايا بطريقة صعبة جدًا، بتقلل مني بالكلام وبتتنمر عليا، وأوقات بتشتم أو تزعقلي قدام الناس، وبتقارنني بنفسها أو بغيري دايمًا.

أنا بحاول أتجنب المشاكل على قد ما أقدر، بس هي بتدور على أي حاجة عشان تزعقلي، وأوقات بحس إنها بتكرهني أو مش طايقاني من غير سبب.

بابا طول الوقت مشغول في شغله ومش بيسمعني غير لما أكون خلاص انفجرت، وماما الله يرحمها كانت هي الوحيدة اللي كنت بحكيلها، ومن بعد ما ماتت حسيت إن البيت بقى كله توتر.

بقيت بحس إني ماليش حد يسمعني ولا يحنّ عليا، وبتعب جدًا نفسيًا من كلامها وتصرفاتها. ساعات ببكي كتير من غير ما تعرف، وساعات بحس إني عايزة أهرب من البيت كله.

مش عارفة أتعامل معاها إزاي ولا أوقفها عند حدها من غير ما أعمل مشكلة كبيرة، خصوصًا إن بابا دايمًا يقوللي “استحملي دي أختك الكبيرة”. أعمل إيه؟

الإجابة 15/10/2025

يا ابنتي العزيزة… كلماتك تعبّر عن وجعٍ داخلي عميق، وقد شعرت وأنا أقرؤها أنك فتاة حساسة رقيقة المشاعر، لكنك تعانين من فراغٍ عاطفي كبير بعد فقدان أمك رحمها الله، فهي كانت مصدر الدفء والاتزان النفسي في البيت، وبغيابها اختل التوازن بينك وبين أختك.

 

مشاعر غضب مكبوتة

 

أول ما أودّ أن أوضحه لك أن سلوك أختك قد لا يكون نابعًا من كراهية أو رغبة في الأذى، بل من اضطرابٍ داخلي أو مشاعر غضبٍ مكبوتة لا تعرف كيف تعبّر عنها، فتوجّهها نحوك. هذه الحالة نسميها في علم النفس الإسقاط العاطفي (Emotional Projection)، أي أن الإنسان يُسقط غضبه أو مشاكله على غيره ليهرب من مواجهة ذاته.

 

وهذا بالطبع لا يبرّر تصرفاتها، لكنه يساعدك على فهمها وتفسير سلوكها دون أن تجعليه جرحًا دائمًا في نفسك.

 

تنظيم الانفعال

 

الأمر الثاني، أريدك أن تتعلمي مهارة تنظيم الانفعال (Emotional Regulation)، وهي من أهم مهارات النضج النفسي في مثل عمرك. عندما تبدأ أختك بالصراخ أو الاستفزاز، لا تدخلي معها في جدالٍ طويل، بل التزمي الهدوء أو انسحبي من الموقف مؤقتًا. فالهدوء ليس ضعفًا، بل هو قوة داخلية تدل على التوازن الانفعالي والنضج النفسي.

 

حدود واضحة

 

ثم أمر آخر مهم أريدك أن تقومي به، وهو أن تحافظي على حدودٍ واضحة بينك وبينها، تقوم على الاحترام المتبادل دون انكسار. لا تسمحي بالإهانة، لكن لا تردي العدوان بالعدوان. يمكنك أن تقولي لها بكل هدوء وثبات: "أنا لا أحب هذه الطريقة في الحديث، فلنتحدث باحترام".

 

كرّري هذه العبارة بنفس النبرة الهادئة كل مرة، وستفهم مع الوقت أنك فتاة قوية متزنة لا تُؤذَى بسهولة ولا تُستفَزّ بسرعة.

 

إعادة جسر التواصل

 

ومن الضروري أن تحرصي على إعادة بناء جسر التواصل مع والدك، ولكن ليس بأسلوب العتاب، بل بأسلوب الحوار الناضج. قولي له مثلًا: "أبي، أنا لا أشتكي، ولكنني أتمنى أن يكون البيت أكثر هدوءًا، وأحتاج منك كلمة واحتواءً يطمئنني".

 

فالآباء كثيرًا ما ينشغلون في حياتهم معتقدين أن توفير الماديات يكفي، وينسون أن أبناءهم يحتاجون إلى الحنان والإنصات.

 

والأهم أن تعملي على تطوير ذاتك والابتعاد عن طاقة أختك السلبية، واقرئي الكتب، واكتبي مشاعرك، واستمعي للقرآن، واهتمي ببناء شخصيتك وثقتك بنفسك (Self-Confidence)، فكلما زاد وعيك بذاتك، قلّ تأثرك بكلام الآخرين.

 

وتذكّري حبيبتي قول النبي ﷺ: "ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب"، فكوني يا ابنتي قويةً برُقيّك، ورحيمةً بحكمتك، واثقةً بأن الله يرى دمعتك ويسمع شكواك حتى وإن لم يركِ أحد، فاجتهدي في العبادة والتقرب إلى الله فستجدينه عز وجل دومًا معك.

 

* همسة أخيرة:

 

مع كل نصيحة تنفذينها حاولي التقرب لأختك ولا تفقديها وحافظي على ما تبقى من رصيد الأخوة والمحبة والمواقف الجميلة بينكما، فلن تستغنيا عن بعضكما، وسيأتي يوم تعرفان فيه قيمة بعضكما لبعض.

 

روابط ذات صلة:

مرضت من شجار بناتي وغياب زوجي.. ما الحل؟!

الرابط المختصر :