الإستشارة - المستشار : د. أميمة السيد
- القسم : المراهقون
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
15 - رقم الاستشارة : 2841
30/09/2025
أنا أم لابن مراهق عمره 15 سنة، وأواجه معه صعوبة كبيرة في مسألة الاستجابة لكلامي وكلام والده. عندما نطلب منه القيام بواجباته أو الالتزام ببعض القوانين في البيت، كثيرًا ما يقابل الأمر بالتأجيل أو التذمر أو حتى الجدال الطويل. أشعر أحيانًا أنني فقدت القدرة على توجيهه، خصوصًا أنه يرى نفسه كبيرًا ولا يحتاج للنصح.
أريد من حضرتكِ دكتورة أميمة أن تدليني على الإرشادات التربوية السليمة، وما هي أفضل الأساليب التي يمكن أن تتبعها الأمهات مع أبنائهن المراهقين حتى يسمعوا كلام الوالدين ويحترموا توجيهاتهما من غير عناد أو صدام.
عزيزتي الأم،
بارك الله لكِ في ابنكِ وجعله قرة عين لكِ ولأبيه،
اعلمي أن مرحلة المراهقة ليست أزمة بحد ذاتها، وإنما هي جسر عبور من الطفولة إلى الرشد. في هذه المرحلة يسعى المراهق لإثبات ذاته، ويريد أن يشعر بكيانه المستقل، وهو ما يسميه علماء النفس التربوي بـ Identity Formation تكوين الهوية. ولذلك، قد يفسر الأهل رغبة المراهق في الاستقلال على أنها عناد أو رفض، بينما هي حاجة طبيعية للنمو.
خطوات عملية للتعامل مع المراهق
* ولذلك سوف أهدي إليكِ هذه الخطوات العملية للتعامل الحكيم مع ابنك المراهق، لعلها تساعدك إن شاء الله تعالى:
أولاً: الحوار الهادئ: المراهق لا يستجيب للصوت المرتفع أو للأوامر المباشرة، بل يحتاج إلى من يستمع إليه أولاً. فاجلسي معه كصديقة، وامنحيه فرصة للتعبير عن رأيه. قال تعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾.
ثانيًا: بناء الثقة: أظهري ثقتكِ بقدراته، وأخبريه أن رأيكِ ورأي والده لمصلحته، لا لفرض السيطرة عليه. هذا يعزز لديه ما يسمى بـ Intrinsic Motivation الدافعية الداخلية أو الجوهرية، أي أن يطيع بدافع الاقتناع لا بدافع الخوف، أو أن يكون مقهورا.
ثالثًا: القدوة العملية: المراهق شديد الحساسية لملاحظة التناقض. إذا رأى أن والديه ينصحانه بما لا يفعلانه، فسيفقد ثقته بسرعة، فالتربية بالنموذج Modeling تظل أقوى من أي وعظ.
رابعًا: المشاركة في اتخاذ القرار: أشركيه في وضع قواعد البيت. مثلاً: "ما رأيك أن نتفق معاً على وقت محدد لاستخدام الهاتف؟" هذا الأسلوب يسمى Shared Responsibility أو المسؤولية المشتركة، ويقلل من مقاومته.
خامسًا: الحزم المرن: الحزم لا يعني القسوة، بل أن تكون هناك حدود واضحة لا يمكن تجاوزها. قال النبي ﷺ: "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته".. فالرحمة لا تلغي المسؤولية، والعقوبة التربوية (مثل الحرمان من امتياز معين) كوسيلة لضبط السلوك، ما دامت في إطار عادل وهادئ.
سادسًا: تعزيز الجوانب الإيجابية: لا تركزي فقط على سلبياته أو تقصيره، بل امدحي إنجازه ولو كان صغيرًا. هذا ما يعرف في التربية بـ Positive Reinforcement التعزيز الإيجابي، وهو يحفّز المراهق على تكرار السلوك الجيد.
سابعًا: الدعاء والصحبة الصالحة: أكثري من الدعاء له غاليتي، ولا تملي منه أبدًا، بالهداية والصلاح، فدعوة الوالدين مستجابة. ثم احرصي على أن تكون صحبته من ذوي الأخلاق، فالصاحب ساحب. وقد قال الشاعر:
إذا كنتَ في قومٍ فصاحب خيارَهم ** ولا تصحبِ الأردى فَتَردى مع الرَّدي
* همسة أخيرة لكل أم:
المراهق يحتاج إلى أذن صاغية، وقلب حنون، وحدود واضحة. بالحب والحزم والقدوة، ستجدين أنه يسمع كلامكِ ويقدّر توجيهكِ مع الوقت، لأنكِ ترافقينه، لا لتكبليه بل لتكوني له مرشدة وداعمة في رحلة النضج.
روابط ذات صلة:
خالي المراهق صغير السن.. كيف أتعامل معه؟
ابني المراهق.. بيني وبينه جدار من عدم الاحترام!!
ما قبل المراهقة.. معالجة لبعض سلبياتها!!
كيف أتعامل مع عزلة ابنتي المراهقة دون أن أفقد ثقتها؟