Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : أ. فتحي عبد الستار
  • القسم : إيمانية
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 46
  • رقم الاستشارة : 1423
25/03/2025

أنا حريص على قراءة القرآن كل يوم، ودايمًا ودي أعيش معانيه وأتدبر آياته بصدق، بس أحيانًا أحس إني أقراه بدون ما يتأثر قلبي، أو كأن الكلام مو موجه لي شخصيًا، مع إني أحاول أركز وأتدبر.

شلون أقدر أخلي قلبي حاضر وقت التلاوة، وأحس إن القرآن يخاطبني ويأثر في حياتي وتصرفاتي؟ فيه طرق أو أساليب معينة تساعدني على هالشي؟

الإجابة 25/03/2025

أهلًا وسهلًا بك -أخي الكريم- وحيَّاك الله في هذا الفضاء المبارك، ونسأل الله أن يجعل القرآن العظيم نورًا لقلبك، وربيعًا لروحك، وسببًا لهدايتك وسعادتك في الدنيا والآخرة، وبعد...

 

فإن القرآن الكريم ليس مجرد كلمات نقرؤها؛ بل هو كلام الله الذي يخاطب القلوب، وينير العقول، ويحيي الأرواح. قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [يونس: 57]. فمن أراد أن يجد النور في قلبه، فليبحث عنه في القرآن، وليجتهد في فهمه والتفاعل معه.

 

كيف أجعل قلبي حاضرًا عند تلاوة القرآن؟

 

من الطبيعي أن تمرَّ علينا أوقات نقرأ فيها القرآن دون أن نشعر بالتفاعل القلبي المطلوب؛ لذا سأقترح عليك خطوات عملية تساعدك في جعل التلاوة أكثر تأثيرًا، منها:

 

1- استحضار عظمة المتكلم

 

عندما تمسك بالمصحف، تذكّر أنك تقرأ كلام الله العظيم الذي خاطب به عباده وأرسل به النور إلى البشرية. قال تعالى: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ﴾ [الزمر: 23]. حاول أن تستحضر هذا المعنى قبل الشروع في التلاوة، واجعل قلبك في حالة من الترقب والاستعداد لسماع كلمات الله مباشرة.

 

2- قراءة القرآن وكأنه رسالة شخصية لك

 

كل آية تقرؤها، ضع نفسك داخلها، وكأنها خطاب مباشر لك من الله. إن كان فيها وعد، فافرح، وإن كان فيها تحذير، فاحذر، وإن كان فيها دعوة للتوبة، فاستجب. قال ابن مسعود رضي الله عنه: «إذا سمعتَ الله يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾، فأعرها سمعك، فإنه خير تُؤمَر به، أو شر تُنهَى عنه» [رواه البيهقي في شعب الإيمان].

 

3- التدبر وعدم العجلة في التلاوة

 

القراءة المتأنية تساعد في فهم المعاني والتفاعل معها. قال الحسن البصري رحمه الله: «أُنزل القرآن ليُتدبَّر ويُعمل به، فاتخذوا تلاوته عملًا». اقرأ بتأنٍّ، وردد الآيات التي تؤثر فيك، وقف عند كل موضع تفكر فيه، وكرر الآيات التي تهزُّ قلبك.

 

4- استشعار مشاهد القيامة والقصص القرآني

 

القرآن مليء بالمشاهد العظيمة التي تصف أحداث اليوم الآخر، وأحوال الأمم السابقة. حاول أن تتخيل هذه المشاهد وكأنك تراها أمامك، وتأمل قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا﴾ [الأنفال: 2].

 

5- الدعاء بأن يفتح الله قلبك للقرآن

 

القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن، وهو سبحانه الذي يفتح القلوب لكلامه. فادعُ الله بإخلاص، وقل كما كان النبي ﷺ يقول: «اللهم اجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي» [رواه أحمد].

 

6- التطبيق العملي للآيات في حياتك

 

القرآن ليس مجرد كلمات تُقرأ؛ بل هو منهج حياة. فاجعل كل آية تتدبرها دافعًا للعمل، فإذا قرأت آيات الرحمة، فكن رحيمًا، وإذا قرأت آيات الإنفاق، فأنفق، وإذا قرأت عن الصبر، فكن صابرًا، وهكذا.

 

ختامًا -أخي العزيز- إن الطريق إلى قلب حي مع القرآن ليس صعبًا، ولكنه يحتاج إلى مجاهدة النفس والتدرج في التدبر والتأمل. وكلما ازداد تعلُّقك بالقرآن، ازداد تأثيره في قلبك. أسأل الله أن يرزقك لذة التلاوة، وأن يفتح لك أبواب الفهم والتدبر، ويجعلك من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته.

الرابط المختصر :