ابنة أخي وأمها من أبطال التيك توك.. كيف أتصرف؟!!

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. أميمة السيد
  • القسم : المراهقون
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 65
  • رقم الاستشارة : 2729
18/09/2025

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

أنا رجل من أسرة ريفية محافظة، واكتشفت مؤخرًا أن ابنة أخي عمرها ١٤ سنة، ومع أمها، عاملة قناة على "التيك توك"، ويغنوا فيها ويهزروا، وفيه تصرفات غير لائقة بالنسبة لعاداتنا وتقاليدنا.

المشكلة أن أخي ــ وهو والد البنت ــ لا يعرف شيئًا عن هذا الموضوع.

أنا محتار جدًّا: هل أخبر أخي؟ أم أنصحه بطريقة غير مباشرة؟ أم أتحدث مع الأم أو البنت أولاً؟ أخشى أن يسبب هذا الأمر فتنة ومشاكل كبيرة داخل العائلة، وفي نفس الوقت أشعر بالمسؤولية لأن البنت صغيرة وممكن تنجرف لأشياء أكبر.

بماذا تنصحيني يا دكتورة، كيف أتصرف بحكمة في هذا الموقف؟

الإجابة 18/09/2025

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

أولًا: أُقدّر غيرتك وخوفك على ابنة أخيك، وهذا دليل على صدق النية وحرصك على الأسرة؛ فالغيرة المحمودة على الأعراض من شيم الرجال.. لكن من المهم أن تكون غيرتك مقرونة بالحكمة، حتى لا ينقلب الموقف إلى خصومة داخل العائلة.

 

الهوية مقابل تشتت الدور

 

ثانيًا: ما اكتشفته ليس مجرد "لعب ولهو"، بل قد يفتح على الفتاة وأمها أبوابًا خطيرة، خاصة أن عمر الفتاة (١٤ سنة) هو عمر المراهقة المبكرة، حيث تتسم الشخصية بخصائص النماء النفسي والاجتماعي المرتبطة بمرحلة Identity vs. Role Confusion الهوية مقابل تشتت الدور كما وصفها "إريكسون" في علم النفس التربوي الأسري.

 

في هذه المرحلة تبحث الفتاة عن هويتها ووسائل لفت الانتباه، وقد تنجذب إلى منصات مثل "تيك توك" لما توفره من سرعة الشهرة والتفاعل.

 

الآثار السلبية

 

ثالثًا: هنا لا بد أن نفرق بين النية الطيبة للأم في مشاركة ابنتها، وبين الآثار التربوية والأخلاقية السلبية التي قد تترتب على ذلك. فالمحتوى وإن بدا "مزاحًا وغناءً"، إلا أن الانفتاح أمام جمهور مجهول يُعرّض الفتاة للاستغلال والتنمر والإعجاب غير المنضبط، وكذلك الأم نفسها، مهما كان سنها.

 

نصائح عملية

 

رابعًا: من الناحية العملية أنصحك بالخطوات التالية:

 

1- التدرج في النصح (Gradual Counseling):

 

فلا تبدأ مباشرة بإخبار أخيك؛ لأن ذلك قد يفجر الموقف ويؤدي إلى صراع أسري. الأفضل أن تبحث عن طريقة هادئة، كأن تنصح الأم أولًا بكلمة طيبة بعيدًا عن الاتهام.

 

2- استخدام أسلوب Indirect Guidance التوجيه غير المباشر:

 

يمكنك مثلاً الحديث مع الأم عن مخاطر الإنترنت بشكل عام، أو إرسال مقطع تثقيفي، فتشعر بالخطر دون أن تعتبرك متجسسًا عليها (رغم أنها تظهر على الملأ من خلال هذا التطبيق).

 

3- ولا بد من تعزيز الرقابة الأسرية:

 

لا بد أن يكون للأب دور، لكن إدخاله يحتاج إلى حكمة وتوقيت مناسب، ربما بعد أن تمهد الأمر للأم.

 

4- ومن المهم التوازن بين الستر والوقاية:

 

الشرع الحنيف علّمنا أن "من ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة"، والستر لا يعني السكوت عن الخطأ، بل معالجة الخطأ في أضيق دائرة ممكنة.. فعلى الرغم من أن تطبيق التيك توك يتابعه كثير من الشرائح بأعداد كبيرة، فإنكم بطبيعتكم الريفية يمكن أن يتم تحجيم الفعل واستثمار هذه الفيديوهات في الأشياء المفيدة، كتحويلها لقنوات طبخ وعمل الأكلات وترتيب المنزل وغيرها.

 

5- كما يمكنكم تقديم بدائل أخرى غير الاستمرار في هذه القناة:

 

الفتاة بحاجة إلى بديل يُشبع حاجتها لإبراز ذاتها، كتعلم مهارة، أو مشاركة في نشاط مدرسي، أو قناة تعليمية نافعة، حتى لا تُحرم من الإبداع، ولكن تُوجَّه الوجهة الصحيحة.

 

أما إن كان ذلك بغرض التكسب المادى فيمكن أيضا اقتراح مشروعات مشروعة ومربحة وتساعدهما في ذلك.

 

خامسًا: استحضر قول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾؛ فالمسؤولية مشتركة بين أفراد العائلة، لكن القوامة المباشرة هي للأب، ولا بد أن يُخبر بطريقة لا تهدم الثقة داخل بيته.

 

سادسًا: تذكّر أن الهدف ليس فضحًا ولا عقابًا، وإنما وقاية وتربية، وهذه هي روح الدعم الأسري الذي يحفظ الأبناء من الانحراف.

 

* همسة أخيرة للعم الفاضل:

 

واجبك النصح بحكمة، والستر على الفتاة والأم، والتدرج في إصلاح الأمر، مع السعي لفتح باب حوار هادئ داخل الأسرة.

 

واعلم أن الكلمة الطيبة قد تغيّر مسارًا للأفضل، وأن الشدة غير المحسوبة قد تجرح وتدمر.

 

روابط ذات صلة:

«تيك توك» يغتال أطفالك

«تيك توك» يربي أبناءنا!

الرابط المختصر :