الإستشارة - المستشار : د. أميمة السيد
- القسم : المراهقون
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
91 - رقم الاستشارة : 2900
07/10/2025
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته دكتورة، أنا جار لعائلة محترمة جدًّا، معروفة بحسن الخلق والالتزام الديني، وقد رأيت أمرًا حيّرني ولا أعلم كيف أتصرف حياله.
أثناء مروري من فناء المنزل المشترك بيننا، رأيت ابنهم البالغ من العمر نحو ثلاثة عشر عامًا وهو يدخن خلسة خلف جدار صغير بعيدًا عن أعين أهله، ثم أخفى السيجارة سريعًا عندما شعر بوجودي.
لم أُظهر له أنني رأيت شيئًا، لكني شعرت بالحيرة: هل أخبر والديه بما رأيت؟ أم أكتفي بالنصح المباشر له إن سنحت الفرصة؟
فأنا أخشى إن صارحت والده أن يسبب الأمر له إحراجًا أو عقابًا قاسيًا، وأخشى إن سكتُّ أن يستمر الصبي في هذا السلوك دون توجيه.
أرجو منكم النصح، ما هو التصرف التربوي الصحيح في مثل هذه المواقف؟ وكيف أوازن بين النصح، وحفظ ماء وجه الأهل والولد؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
بدايةً أحيي فيك هذا الضمير الحي والغيرة الصادقة التي جعلتك تفكر بروية قبل أن تتصرف؛ فمثل هذا الموقف الحساس يحتاج إلى حكمة بالغة واتزان في تقدير العواقب.
نزعة الفضول
إن ما شاهدته من الصبي لا يعني بالضرورة أنه مدمن أو منحرف السلوك، بل قد يكون سلوكًا تجريبيًّا (Experimental Behavior) في مرحلة المراهقة المبكرة، حيث تزداد نزعة الفضول وحب التجربة والرغبة في إثبات الذات أمام النفس أو الأقران.
وتشير دراسات علم النفس التربوي إلى أن المراهق في عمر الثالثة عشرة يمر بما يسمى مرحلة التمرد الهادئ (Silent Rebellion)، إذ يحاول ممارسة بعض الأفعال في الخفاء ليختبر حدود المسموح والممنوع، دون أن يدرك أبعاد ما يفعل أو تبعاته الصحية والأخلاقية.
وهنا يبرز دور الراشد الحكيم الذي يلتقط الموقف دون تضخيم ولا تجاهل، ويحوله إلى فرصة تربوية لا إلى صدمة أسرية.
خطوات متأنية
أنصحك أن تتبع الخطوات الآتية بتأنٍ:
- لا تُخبر والديه مباشرة دون تمهيد، فذلك قد يسبب توترًا أو عقوبة انفعالية من الوالدين بدافع الخوف والحرج، خاصة وهما معروفان بالالتزام؛ ما قد يُدخل الصبي في دائرة الكذب أو العناد لاحقًا.
- إن كنت قريبًا منه أو بينكما ود، فحاول أن تفتح معه حديثًا غير مباشر في وقت مناسب، بأسلوب صديق لا رقيب، وابدأ بموقف عام مثل: "أتعلم يا بني أن التدخين يظنه البعض شجاعة وهو في الحقيقة عبودية لعادة تضعف الجسد والعقل؟". ثم لاحظ ردة فعله دون أن تُظهر له أنك رأيت شيئًا.
- إن وجدت أنه أنكر أو بدا عليه القلق، فطمئنه بأنك تنصحه لا تفضحه، وذكّره بقول النبي ﷺ: «كل أمتي معافى إلا المجاهرين»، وأنك لا تغضب من كونه يحاول الإنكار، فستر الخطأ أول طريق التوبة.
أما إن اطمئن وصارحك، فحدثه عن مخاطر التدخين والأمانة التى حملها الله إياه متمثلة في صحته وجسده وماله، ثم أمانة التربية لوالديه.
بعدها يمكنك أن تُرسل للأب رسالة لطيفة أو لقاء عابر، تتحدث فيه عن أهمية الحوار المفتوح مع الأبناء في سن المراهقة، دون الإشارة إلى الواقعة تحديدًا، لتُلفت نظره بطريقة غير مباشرة.
هذا الأسلوب يحقق ما يسمى في علم النفس التربوي بـ التقويم الوقائي (Preventive Guidance)، أي إصلاح السلوك دون إحداث صدمة نفسية أو شعور بالوصم الاجتماعي.
وتذكر أن الصبي ابن بيئة صالحة، وغالبًا ما سيعود إلى الفطرة إذا وُجِّه بحكمة ورحمة.
* همسة أخيرة:
كن لذلك الغلام أخًا ناصحًا، لا شاهدًا مبلّغًا؛ فرُب كلمة صادقة خفية أنقذت قلبًا صغيرًا من طريق خطأ طويل.
روابط ذات صلة:
أشك أن ابنتي مدخنة.. كيف أتصرف؟!
سجائر بين أغراض مراهق.. كيف أنقذ ابني من التدخين؟!
التدخين بين الحكم بالكراهة قديما والتحريم حديثا!
حكم إجبار من يدخن في بيتي على ترك التدخين!
كيف أقاوم رغبتي في التدخين بعد تركه في رمضان؟
أبي يدخّن ويترك الصلاة.. كيف أكون له ابنًا بارًا يأخذ بيده إلى الله؟