الإستشارة - المستشار : د. أميمة السيد
- القسم : الأطفال
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
56 - رقم الاستشارة : 2785
24/09/2025
السلام عليكم يا دكتورة، أنا أم لولد عنده ٨ سنين. ابني من يومه ما بيعرفش ينام غير على بطنه! كل ما أعدله على جنبه أو على ظهره لازم يرجع تاني يقلب وينام على بطنه، وكأنه مرتاحش غير كده.
أنا بصراحة بقيت خايفة، سمعت إن النومة دي بتأثر على التنفس، وكمان في حديث بيقول إنها نومة أهل النار، فهل الكلام ده صحيح؟ وهل معنى كده إن في تعب أو مشكلة عنده؟ وده بيدل نفسيا أو جسديا على إيه لطفل في السن ده عنده إصرار ينام على بطنه؟
وبرضه عايزة أعرف، ممكن الوضع ده يتغير لما يكبر لوحده، ولا لازم أتدخل وأعوده ينام بطريقة تانية؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
أختي الفاضلة..
أحييك على وعيك وحرصك على تفاصيل سلوك ابنك؛ فالملاحظة الدقيقة عند الأبوين هي أول طريق الفهم التربوي، لعلاج أي عارض.
بالنسبة إلى نوم ابنك على بطنه، أود أن أوضح لك الأمور من جوانبها:
الجانب الطبي والتربوي
إن النوم على البطن في سن الرضاعة قد يشكّل خطرًا على التنفس، ولهذا يُنصح بعدم اعتياده عند الأطفال الصغار جدًّا، لكن في عمر ثماني سنوات تكون قدرات الجهاز التنفسي والعضلات قد نمت وتطورت، وهو ما يُعرف بـالنمو الفسيولوجي (Physiological Development)، فيقل خطر هذه الوضعية على التنفس، خاصة إذا لم يكن الطفل يعاني من أمراض صدرية أو مشكلات تنفسية.
الجانب النفسي والسلوكي
قد يفضّل بعض الأطفال النوم على البطن لأنه يمنحهم شعورًا بالاحتواء والراحة الجسدية، وهذا يرتبط بما نسميه في علم النفس التربوي الحاجة إلى الأمان (Need for Security)، وأحيانًا يكون عادة مكتسبة منذ الصغر. ولا يدل هذا السلوك غالبًا على اضطراب نفسي أو جسدي، بل على نمط تفضيلي في السلوك.
* أما عن قولك إن هذه "نومة أهل النار"، فقد ورد حديث عن النبي ﷺ أنه مرّ برجل مضطجع على بطنه فقال: "إن هذه ضجعة لا يحبها الله" (رواه أحمد وأبو داود). والمقصود في التوجيه النبوي هو الكراهة والإرشاد إلى الأفضل، لا التحريم القاطع، وقد كان رسول الله ﷺ ينام أحيانًا على شقه الأيمن ويحث على ذلك، لما فيه من اعتدال وصحة.
فالأمر إذن لا يستدعي أن نحكم على الابن حكمًا قاسيًا، بل يُرشد برفق إلى الوضعية الأفضل.
كيفية التعامل التربوي مع الوضع
- لا تضغطي عليه بشدة أو تثيري خوفه بالدين، بل وجّهيه بلطف، فالتربية بالترهيب المفرط قد تُحدث قلقًا معرفيًّا (Cognitive Anxiety) لديه.
- يمكنك أن تشرحي له بهدوء أن النوم على الجنب الأيمن فيه بركة واقتداء بالنبي ﷺ أولاً، ثم علميًّا فإن الرئة من الجانب الأيمن تنقسم إلى ٣ فصوص، أما الجانب الأيسر فيحتوي على فصين، وبالتالى فالنوم على الجانب الأيمن يقلل ضغط الرئة على القلب، كما أن النوم على البطن يضر بالعمود الفقري.. ولهذا لا بد من الحفاظ على جسدنا وصحتنا فهي أمانة.
- وحاولي أن توفّري له بيئة نوم مريحة (مرتبة ثابتة، وسادة مناسبة) تساعده على التغيير التدريجي.
- وأخيرًا اطمئني، فكثير من الأطفال يغيّرون وضعيات نومهم تلقائيًّا مع التقدم في العمر، وهو ما نسميه في التربية التكيف النمائي (Developmental Adaptation).
* همسة أخيرة:
اطمئني حبيبتي أن ابنك لا يعاني من مرض ولا من خلل، وما تلاحظينه عادة قديمة استمر عليها، وستتبدل مع الوقت بإذن الله. المهم أن يبقى مطمئنًا، وأن تُقدمي له التوجيه برفق ورحمة.
واستحضري هنا قول الله تعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾؛ فالرفق هو أساس التربية، والهداية تكون بالقدوة واللين، لا بالعنف ولا بالتخويف. بارك الله لك فيه.
روابط ذات صلة: