الإستشارة - المستشار : د. أميمة السيد
- القسم : الأطفال
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
53 - رقم الاستشارة : 2803
27/09/2025
أنا متجوزة من فترة راجل تاني بعد ما انفصلت عن جوزي الأول، واللي حصل إنه أخد بناتي الاتنين (٥ و٩ سنين) يعيشوا معاه فترة. اللي صدمني مؤخرًا إني اكتشفت إنه عامل ليهم قناة على التيك توك وبيصور معاهم فيديوهات عشان يتربح منها!
أنا قلبي بيتقبض لما بشوف الفيديوهات، خايفة جدًا على بناتي من إن حد يستغلهم أو يتعرضوا لتعليقات وحشة أو تنمر، وكمان حاسة إن ده بيأثر على براءتهم وطفولتهم. أنا مش ضد إنهم يفرحوا ويلعبوا، بس اللي بيعمله أبوهم ده مش للمتعة، ده للفلوس والمتابعين.
بصراحة مش عارفة أتصرف إزاي يا دكتور أميمة! هل أواجهه بشكل مباشر؟ ولا ألجأ للقانون؟ ولا أتعامل إزاي من غير ما يتأذوا بناتي أكتر؟ أنا محتاجة نصيحتك، خايفة جدًا على مستقبلهم النفسي والتربوي.
عزيزتي الأم، حفظكِ الله ورزقكِ السكينة في قلبكِ وراحة البال،
بداية أقول لك: إن خوفك على بناتكِ طبيعي ومشروع، بل هو دليل على الوعي الأمومي، الذي يُعدّ إحدى ركائز النضج التربوي؛ فالأم الواعية هي التي تستشعر الأخطار مبكرًا وتسعى لحماية أبنائها من الاستغلال أو التعرّض لمؤثرات سلبية.
زوايتان للموضوع
دعيني أُفصِّل لك الأمر من زاويتين:
أولًا: من الناحية النفسية التربوية:
ما يفعله الأب مع البنات من تصويرهن على منصة عامة للتربح يدخل ضمن ما يسميه علماء النفس التربوي التشييء النفسي للطفل (Child Objectification)، أي تحويل الطفل إلى أداة للعرض أو للكسب، وهذا يُضعف من شعوره بذاته الحقيقية ويؤثر على تكوين هويته.
البنات في عمر (٥ و٩ سنوات) ما زلن في مرحلة تشكيل الهوية ومرحلة التعلم الاجتماعي، وأي تعرض غير مضبوط لمنصات مثل "تيك توك" يفتح الباب أمام التنمر الإلكتروني أو الاستثارة المبكرة.
هذا قد يؤدي على المدى الطويل إلى اضطراب في مفهوم الذات (Self-Concept Distortion) أو البحث عن القبول الخارجي، بدلًا من الثقة الداخلية.
ثانيًا: من الناحية الأسرية والدينية:
لا شك أن الأب يحب بناته، وربما لم ينتبه لخطورة ما يفعل، لكن الحب وحده لا يكفي إذا غاب الوعي التربوي.
إسلامنا الحنيف حث على صون الأبناء وحمايتهم، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾.. أي احفظوهم من كل ما يضرهم في الدنيا والآخرة.
وقال النبي ﷺ: «كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته»، فالمسؤولية هنا تشمل حماية الطفل من الاستغلال أو تعريضه لمخاطر الشهرة والفتنة.
خطوات عملية للحفاظ على البنتين
ولذلك فإن عليك كأم أن تأخذي خطوات عملية للحفاظ على ابنتيك كالتالي:
1- الحوار الهادئ مع الأب: حاولي أولًا أن تُفاتحيه بلطف وهدوء، موضحةً له مخاوفكِ على البنات، مع التركيز على المصلحة النفسية والتربوية لا على اللوم الشخصي.
2- التوعية بالمخاطر: قدّمي له أدلة أو دراسات مختصرة (من مقالات موثوقة، وحوادث واقعية معروفة) -وما أكثرها- عن تأثير المنصات على الأطفال في هذا العمر.
3- الاتفاق على ضوابط: إن أصر على إبقائهن في القناة، فاطلبي وضع ضوابط صارمة، مثل عدم إظهار وجوه البنات بوضوح أو إغلاق خاصية التعليقات أو حصر الفيديوهات في دائرة خاصة، أو تقديم محتوى هادف بملابس محتشمة وظهور ملتزم.
4- الاحتكام للقانون عند الضرورة: إن لم يستجب الأب واستمر الخطر؛ فالقانون في مثل هذه الحالات يُعدّ وسيلة لحماية الصغار لا لإيذاء الكبار، لكن ليكن ذلك بعد استنفاد طرق التفاهم.
5- تعزيز الثقة بالنفس للبنتين: اهتمي بأن تُرسخي في بناتكِ معنى العزة والكرامة، وعلميهن أن قيمتهن في ذواتهن لا في عدد المشاهدات، وهذا ما يسمى في علم النفس التربوي بناء المناعة النفسية (Psychological Resilience).
وأخيرًا، أنتِ لستِ ضد فرحة البنات أو ترفيههن، بل أنتِ ضد تحويل الطفولة إلى وسيلة للتربح. فارفعي صوتك بالحق ولكن بحكمة، وتذكّري أن الله سيحاسب كل والد على رعيته، كما قال تعالى: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾.
* همسة أخيرة:
اطمئني، ما دمتِ تتحركين بحب ووعي، فإنكِ تؤدين واجبكِ كأم مؤتمنة، وستجدين في بناتكِ بإذن الله ثمار هذا الحرص وصدق النية.
روابط ذات صلة:
ابني يستغل حفيدتي الطفلة للتربح من التيك توك!!