الإستشارة - المستشار : د. رجب أبو مليح محمد
- القسم : العادات
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
366 - رقم الاستشارة : 2552
31/08/2025
ما حكم من ذهب إلى عراف فصدقه لكنه كان جاهلا بحرمانية ذلك وكفر من يفعل ذلك فى الدين، فهل يعتبر كافرا إذا كان جاهلا؟
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وتسلم تسليما، وبعد:
فلا يجوز شرعًا الذهاب إلى من يدعون معرفة الغيب من العرافين الدجالين الكذابين، لقول النبي ﷺ "من أتى عرافًا فسأله عن شيء فصدقه بما قال لم تقبل له صلاة أربعين يومًا".
وليس معنى ذلك أن تسقط عنه الصلاة فالصلاة واجبة عليه لكن لا ثواب لها، فإن قطع الصلاة تضاعف الإثم عليه، إثم الذهاب إلى العراف وتصديقه، وإثم ترك الصلاة.
وقد أخرج أبو داود وأحمد: أن رسول الله ﷺ قال: «من أتى كاهنًا أو عرافًا، فصدقه بما يقول؛ فقد كفر بما أنزل على محمد» أي: القرآن، والراجح أن هذا كفر أصغر لا يخرج من الملة، إلا إذا صدق المسلم العراف في أمر من أمور الغيب، فيكون كافرًا كفرًا عقديًّا أكبر لأن الغيب لا يعلمه إلى الله.
وعلى السائل التوبة إلى الله بشروطها وأركانها، وهي الإقلاع عن الذنب والندم عليه والعزم الأكيد على عدم العودة.
الوقوع في أكبر الكبائر
وكثير من الناس للأسف الشديد بسبب العرافين يقعون في أكبر الكبائر وهو قطيعة الرحم، فقد تذهب المرأة أو الرجل إلى هذا الدجال فيخبرها أن الذي حسدها أو سحرها فلان أو فلانة من الجيران أو الأقارب، أو الأرحام فتصدقه وتتهم الناس بغير حق وتقطع رحمها أو تسيء إلى جيرانها وأقاربها بهذا الظن، وقد أمرنا الله باجتناب الظن، فقال سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُوا وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ﴾ [الحجرات: 12]، ويقول سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الحَقِّ شَيْئًا﴾ [النجم: 28].
وحتى لو صدق العراف في بعض الأخبار فليس هذا دليل على صدقه، فقد يحدث الشيء مصادفة، أو يستعين بالعصاة من الجن فيعرف منه بعض الأخبار الصادقة فيخلطها بغيرها من الأكاذيب.
روى البخاري بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله ﷺ "إذا قضى الله الأمر في السماء، ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانًا لقوله كالسلسلة على صفوان -قال علي: وقال غيره: صفوان ينفذهم ذلك- فإذا فزع عن قلوبهم، قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا للذي قال: الحق، وهو العلي الكبير، فيسمعها مسترقو السمع -ومسترقو السمع هكذا واحد فوق آخر؛ ووصف سفيان بيده، وفرج بين أصابع يده اليمنى، نصبها بعضها فوق بعض- فربما أدرك الشهاب المستمع قبل أن يرمي بها إلى صاحبه فيحرقه، وربما لم يدركه حتى يرمي بها إلى الذي يليه، إلى الذي هو أسفل منه، حتى يلقوها إلى الأرض فتلقى على فم الساحر، فيكذب معها مئة كذبة، فيصدق؛ فيقولون: ألم يخبرنا يوم كذا وكذا يكون كذا وكذا، فوجدناه حقًّا؟ للكلمة التي سمعت من السماء".
والله تعالى أعلى وأعلم.