بين رغبتي في الزواج وخوفي على طفلتي.. ماذا أقرر؟!!

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. أميمة السيد
  • القسم : الأطفال
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 51
  • رقم الاستشارة : 2970
14/10/2025

أنا امرأة مطلقة وعندي بنت عندها سبع سنين، ومن يوم طلاقي ووالدها لا يسأل عنها ولا يشارك في أي مسؤولية تجاهها، لا ماديًّا ولا عاطفيًّا، وكل العبء واقع عليّ وحدي.

من فترة قريبة، صارحني قريب لي برغبته في الزواج مني، وهو رجل محترم مطلق ولديه بنت في عمر مقارب لابنتي. يقول إنه يريد أن يجمعنا بيت واحد ونبدأ حياة جديدة.

أنا بصراحة محتارة جدًّا، فقلبي ميّال إليه وأشعر أنه صادق، لكن في نفس الوقت قلقة على بنتي من فكرة وجود رجل جديد في حياتنا، وخايفة من الغيرة بين الطفلتين أو من أي تصرف يؤذيها نفسيًّا.

هل من الحكمة أن أوافق وأبدأ حياة جديدة حفاظاً على نفسي وبنتي؟ أم أرفض حفاظًا على استقرارها النفسي؟

الإجابة 14/10/2025

أختي الكريمة،

 

ما تشعرين به من تردّد وحيرة مفهوم تمامًا، فهو نتاج صراعٍ بين حاجتك الإنسانية للاستقرار والدفء العاطفي، وبين خوفك الغريزي كأمّ على أمن طفلتك النفسي والاجتماعي. وهذا التنازع بين "الأنثى والأم" من أكثر المواقف حساسية وتعقيدًا في حياة المرأة.

 

دعينا نبدأ بالتفكيك النفسي والتربوي للموقف.

 

البعد النفسي والتربوي للأم

 

من الطبيعي بعد خمس سنوات من الانفصال أن تشعري بحاجة لإعادة بناء حياتك. فالعزلة الطويلة تُرهق الجهاز النفسي وتؤثر في Self-esteem تقدير الذات وفي إحساس المرأة بفاعليتها الاجتماعية.

 

الزواج في ذاته ليس عيبًا ولا أنانية، بل قد يكون مصدرًا للأمان النفسي والعاطفي لك ولابنتك معًا، إذا تمّ ضمن بيئة صحية آمنة.

 

قال الله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾، فالمودة والرحمة هما الأصل، وهما ما يحتاجه قلبك وقلب صغيرتك.

 

البعد النفسي للطفلة

 

ابنتك ذات السبع سنوات تمر بمرحلة Middle childhood، وهي فترة تتشكل فيها ملامح الأمان الداخلي والشعور بالانتماء.

 

أي تغيير في البنية الأسرية — كالزواج أو الانتقال لمكان جديد — يجب أن يتم تدريجيًّا مع إعداد نفسي مسبق؛ لأن المفاجآت في هذا العمر قد تولد Anxiety القلق وBehavioral regression ارتدادًا سلوكيًّا.

 

لذلك، قبل أي قرار، أجيبي نفسك بصدق:

 

- هل الرجل قادر فعلاً على احتواء طفلتك نفسيًّا كما يحتضنك أنتِ؟

 

- هل يعي معنى (التربية المشتركة لأبناء من زواج سابق) ومسؤوليات؟

 

- هل هذا الرجل لديه الوعي التربوي الكافي ليكون نموذجًا حنونًا لبنتك وأمينًا عليها، دون أن يتعدى على دور والدها الغائب؟

 

- هل سيوافق بصدر رحب على مشاركتك مسؤولياتها المادية والإنفاق أو تتشاركا معًا ماديًّا في تربية البنتين؟

 

- وهل تستطيعين أنتِ أن توازني بين احتياجك للارتباط وبين احتياج طفلتك للأمان؟

 

من المهم أن تعلمي أن الزواج في حد ذاته ليس خطرًا، بل الذي قد يهدد استقرار الأسرة هو الاختيار غير الواعي أو التسرع دون دراسة متأنية للجوانب النفسية والتربوية.

 

والطفل حين يشعر أن الأم بدأت تنشغل بعلاقة جديدة دون أن تطمئنه، قد تتولد عنده مشاعر الغيرة أو الخوف من الفقد. لذلك لا بد من أن تكون العلاقة الجديدة واضحة المعالم ومبنية على أساس الاحترام والمسؤولية وليس العاطفة فقط.

 

الجانب الأسري والاجتماعي

 

زواجك من رجل لديه ابنة في عمر قريب من ابنتك قد يكون في ظاهره فرصة لتكوين أسرة متجانسة، لكنه في باطنه يحتاج إلى حكمة بالغة وإدارة تربوية واعية.

 

فكل طفلة منهما ستحتاج إلى مساحة خاصة من الاهتمام، وقد تنشأ بينهما قطعًا غيرة طبيعية؛ لذا من المهم أن تُبنَى العلاقة منذ البداية على العدل والإنصاف.

 

والإسلام يا عزيزتي لم ينهَ المرأة المطلقة عن الزواج، بل حضّ عليه إن كان زواجًا صالحًا يضمن لها العفاف والاستقرار. قال رسول الله ﷺ: "الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة".

 

فإن كان هذا الرجل صالحًا ذا دين وخلق، وقادرًا على احتوائك واحتواء ابنتك، فليس في الزواج منه بأس، بل قد يكون رحمة لكما معًا، بشرط أن تدرسي أولا شخصيته جيدًا، وتتأكدي من نضجه التربوي والأخلاقي، ومن قدرته على تقبّل طفلتك كجزء من حياته.

 

أما إن شعرتِ أنه يبحث عن شريكة فقط دون مسؤولية حقيقية تجاه ابنتك، فالتريّث أولى؛ لأن مصلحة الطفلة النفسية تأتي في المقام الأول.

 

خطوات لاتخاذ القرار

 

وإليك حبيبتي خطوات عملية إن شاء الله تساعدك في اتخاذ القرار:

 

1- استخيري الله بصدق، فالاستخارة تريح القلب وتوجهك للقرار الأنسب، فابدئي بها.

 

2- راقبي سلوكه مع ابنته، فهذا انعكاس مباشر لما سيكون عليه مع ابنتك.

 

3- اجعلي فترة التعارف قبل الزواج تحت إشراف العائلة، ليتعرف على طفلتك تدريجيًّا دون ضغط.

 

4- احكي لابنتك بلطف عن فكرة الزواج، ولا تفرضي عليها القبول، بل استمعي لمشاعرها، وطمئنيها أنكِ لن تتخلي عنها أبدًا.

 

5- استعيني بتوجيه تربوي من متخصص، لو شعرتِ بأي اضطراب أو رفض نفسي من ابنتك بعد الزواج.

 

* همسة أخيرة:

 

الزواج ليس هروبًا من الوحدة، ولا حلاً سحريًّا لكل ألم، لكنه باب من أبواب الرحمة إن دخلناه بعقل راشد وقلب مطمئن.

 

ضعي دومًا في ذهنك أن الأم الواعية تستطيع أن تبني بيتًا جديدًا دون أن تهدم بيت الطفلة في قلبها.

 

روابط ذات صلة:

الأرملة وفرصة الزواج الثاني

أرملة خمسينية.. تريد الزواج ويمنعها أبناؤها وكلام الناس

بين وفاء الأرملة ورغبتها بالزواج.. مفاهيم مغلوطة

الرابط المختصر :