الإستشارة - المستشار : د. أميمة السيد
- القسم : الأطفال
- التقييم :
- عدد المشاهدات :
44 - رقم الاستشارة : 2978
15/10/2025
أنا أم لولد عنده سنة ونص، والدكتور قال لي بعد الكشف إن عنده مشكلة بسيطة في عينه ولازم يلبس نظارة طبية، بس المشكلة إنه مش بيقبلها خالص، أول ما ألبسهاله يشدها من على وشه ويقعد يعيط جامد جدًا.
جربت ألهيه وأضحكه، وأحاول ألبسهاله وهو بيلعب، بس برضه بعد ثواني بيشيلها، وحسيت إنه بقى بيكرهها.
بصراحة أنا متوترة جدًا وخايفة على نظره، والدكتور أكد لي أن النظارة مهمة علشان عينه تتظبط بدري.
مش عارفة أعمل إيه علشان يتقبلها، خصوصًا إنه لسه صغير ومش فاهم يعني إيه نظارة ولا فايدة لبسها.
هل في طريقة معينة أتدرّب بيها أو أهيئه نفسيًّا عشان يلبسها من غير مقاومة؟
يا عزيزتي الأم، أولًا أحب أن أطمئنك بأن قلقك طبيعي جدًّا، بل هو دليل على وعيك ومسؤوليتك تجاه ابنك؛ فالأم هي شريكة الطبيب في علاج ابنها.
عدم إدارك الطفل الأسباب المنطقية لأي سلوك
ابنك الآن في مرحلة عمرية حساسة جدًّا من مراحل النمو النفسي الحسي الحركي (Sensorimotor Stage) وفق نظرية "جان بياجيه"، وهي مرحلة لا يستطيع فيها الطفل إدراك الأسباب المنطقية وراء أي سلوك يُطلب منه، بل يتفاعل فقط مع ما يشعر به من راحة أو ضيق. لذلك رفضه للنظارة لا يعني عنادًا، بل هو رد فعل طبيعي للإحساس بالجسم الغريب على وجهه.
خطوات لمساعدة طفلك
ولكي تساعديه على التقبل التدريجي، اتبعي هذه الخطوات العملية:
أولًا: التهيئة النفسية الإيجابية..
- ابدئي بتهيئته نفسيًّا قبل أن تلبسيه النظارة. اجعلي الأمر يبدو كأنه "لعبة جديدة" أو "شيء جميل" وليس أداة علاج.
- احكي له قبل النوم أو أثناء اللعب قصة قصيرة عن "ولد جميل اسمه فلان" كان يلبس نظارة وبيشوف بيها أحسن وبقى سعيد، مع تعبيرات وجه مليئة بالفرح. فالعقل الطفولي يتعلم من الخيال والمشاعر قبل التعليمات.
ثانيًا: القدوة والمحاكاة..
في هذا العمر يتعلم الطفل أساسًا من التقليد (Imitation Learning)، لذا ارتدي أنتِ أو والده نظارة أمامه، وابتسما له وقولا: "شوف بابا وماما شكلهم حلو بالنظارة!" ثم دعيه يلمسها بيده، وبعدها قولي له برفق: "يلا حبيبي زيّنا!" بهذا الشكل سيشعر بالانتماء لا بالإجبار.
ثالثًا: التدرج الزمني..
فلا تفرضي النظارة عليه طوال الوقت منذ البداية. ابدئي بدقائق قليلة جدًّا — مثل دقيقتين أو ثلاث — ثم زيدي الوقت تدريجيًّا كل يوم، حتى يعتاد على الإحساس بها.
كلما التزم بارتدائها، قدّمي له تعزيزًا إيجابيًا (Positive Reinforcement)، مثل حضنٍ دافئ أو تصفيقٍ أو قبلة مع جملة: "برافو! شاطر لبس نظارته الجميلة!".
رابعًا: استخدمي الربط الإيجابي..
اجعلي النظارة مرتبطة بأوقات سعيدة: أثناء مشاهدة الكرتون، أو وقت اللعب المفضل. فبهذه الطريقة يربط ذهنه بين النظارة والمتعة، لا بين النظارة والانزعاج.
خامسًا: الصبر وعدم الإلحاح..
في هذه المرحلة لا تُجدي المحاولات القهرية؛ لأن الطفل يشعر بالمقاومة فورًا ويزداد رفضه. اصبري عليه، ولا تجعلي ارتداء النظارة ساحة صراع يومي، بل لعبة لطيفة يتكرر اقتراحها حتى يتقبلها بسلام.
سادسًا: الدعم المعنوي لك كأم..
تذكّري أنك تحتاجين إلى الهدوء الانفعالي (Emotional Regulation) لتكسبي معركتك بلطف لا بعصبية. فكلما شعر ابنك بأنك هادئة وواثقة، ازداد إحساسه بالأمان وتعلّم بسرعة.
وأخيرًا، اطمئني غاليتي وتذكّري قول الله تعالى: ﴿وَقُل رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾. فطلب العلم في تربية الأبناء عبادة، والله لا يضيع سعي الأم الصابرة الحريصة على سلامة طفلها.
* همسة أخيرة:
أبشري حبيبتي، ابنك — بإذن الله — سيتعوّد تدريجيًّا، فقط امنحيه وقتًا، وامزجي الصبر باللعب، والهدوء بالحب، فهكذا تُبنى التربية المتزنة، وهكذا تنجحين في توجيه السلوك من خلال الفهم لا القهر.
روابط ذات صلة: