كيف أتعامل مع معلمة تتعمد إهانة ابني؟!

Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. أميمة السيد
  • القسم : الأطفال
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 8
  • رقم الاستشارة : 3126
29/10/2025

السلام عليكم دكتورتنا الكريمة،

أنا أمٌّ لطفل عمره عشر سنوات، في الصف الرابع الابتدائي، ومنذ قرابة عامين وأنا أعيش قلقًا دائمًا بسبب معلمته في المدرسة. فهي للأسف تتعمّد إهانته أمام زملائه لأي سبب بسيط، وتضحكهم عليه، وأحيانًا تعاقبه على أمور تافهة لا تستحق العقاب أصلًا.

تحدثتُ معها أكثر من مرة بهدوءٍ وبأسلوبٍ محترم، لكنّها دائمًا تبرّر تصرفاتها بأنه كثير الحركة أو قليل التركيز، رغم أنني سمعت من أكثر من زميلٍ له في الفصل أنه لا يخطئ كما تدّعي، وأنها تتعمّد تضييقه.

أنا خائفة جدًّا على نفسيته، فقد بدأ يفقد حماسه للدراسة، وصار يكره المدرسة ويشعر بالخجل من زملائه.

أريد أن أعرف كيف أتعامل مع الأمر بحكمة، وكيف أساعده على تجاوز ما يمرّ به دون أن تتأثر ثقته بنفسه أو صورته أمام نفسه والآخرين؟

الإجابة 29/10/2025

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،

 

أيتها الأم الفاضلة، ما تشعرين به من قلق على نفسية ابنك هو قلق مشروع ومحمود؛ لأنك لم تنظري إلى المشكلة من زاوية السلوك فقط، بل من زاوية الأثر النفسي والتربوي العميق (Psychological Impact)  الذي قد تخلّفه المعاملة القاسية والإهانة المتكررة من المربي داخل البيئة التعليمية.

 

اكتساب التقدير والقبول

 

إن الطفل في هذا العمر ــ عشر سنوات ــ يكون في مرحلة حرجة من مراحل النمو الاجتماعي والانفعالي، يسعى فيها لاكتساب التقدير من الكبار، والقبول من أقرانه، وتكوين مفهوم إيجابي عن الذات (Positive Self-Concept).

 

لذا فإن تعرّضه المتكرر للإهانة أمام زملائه يهدّد بشكل مباشر ثقته بنفسه، ويزرع داخله شعورًا بالدونية والرفض؛ ما ينعكس على تحصيله الدراسي وسلوكياته في البيت والمدرسة.

 

عقاب نفسي سلبي

 

والمؤسف أن بعض المعلمين ــ عن جهل أو اندفاع ــ يستخدمون أسلوب التوبيخ والسخرية معتقدين أنه وسيلة للضبط، بينما هو في الحقيقة عقاب نفسي سلبي (Negative Psychological Punishment)  يطفئ الحافز الداخلي للتعلّم ويؤدي إلى ارتباط شرطي سلبي بين المدرسة والخوف أو الألم النفسي.

 

وموقفك الواعي في مناقشة المعلمة بهدوء دليل نضجٍ تربوي منكِ، غير أن استمرار السلوك رغم التنبيه يستدعي منك توازنًا دقيقًا بين حماية ابنك، وبين تعليمه كيفية الصمود والتعبير عن ذاته بكرامة واحترام.

 

نصائح لك

 

وإليكِ ما أنصحك به خطوة بخطوة:

 

1- ابدئي بدعم ابنك نفسيًّا في البيت:

 

أظهري له أنك تؤمنين بقدراته، وتحدثي معه عن المواقف دون لوم أو تضخيم، وأكّدي له أن ما يحدث ليس خطأه، وأن الخطأ من الكبار لا يقلل من قيمته. قولي له كلمات ترمم ثقته، مثل: "أنا فخورة بيك"، "أنت قوي ومؤدب"، "ربنا شايفك وعارف نيتك الطيبة".

 

2- علّميه مهارة التعبير عن الذات باحترام :

 

درّبيه أن يقول للمعلمة بهدوء عند الظلم: "حضرتك، أنا آسف لو أخطأت، لكني لم أقصد، وأحب أوضح اللي حصل". هذه الجمل تُشعره بأنه قادر على الدفاع عن نفسه دون عدوانية.

 

3- تواصلي رسميًّا مع إدارة المدرسة:

 

اطلبي لقاءً مشتركًا يحضره أحد المشرفين أو الأخصائية الاجتماعية، وقدّمي الموقف كطلب تعاون لحماية بيئة ابنك التعليمية، لا كاتهام مباشر. فالهدف إصلاح البيئة لا الصدام.

 

4- احرصي على تعزيز العلاقات الإيجابية مع زملائه:

 

شجّعيه على دعوة أصدقائه المقرّبين إلى المنزل، ليعيد بناء صورته بينهم بعيدًا عن نظرات السخرية داخل الصف، وليستعيد القبول الاجتماعي (Social Acceptance) الذي يحتاجه في هذا العمر.

 

5- ومن المهم جدًّا أن تراقبي مؤشرات صحته النفسية:

 

انتبهي لأي أعراض انسحاب اجتماعي، أو رفض مدرسي، أو اضطراب نوم، فهذه مؤشرات تستدعي تدخّل أخصائي نفسي لمساعدته على تجاوز الأثر النفسي.

 

وتذكّري قول الله تعالى: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾، فالكلمة الطيبة ترفع الروح، والكلمة القاسية تجرحها، والمعلم الذي لا يحسن الكلمة يفقد رسالته قبل أن يفقد تلاميذه.

 

* همسة أخيرة:

 

اجعلي بيتك ملجأ الأمان النفسي لطفلك، حيث يجد فيه التقدير والقبول دون مشروطية، وامنحيه يقينًا أن الله لا يضيع المظلوم، وأن الكلمة الطيبة تبني، كما أن الإهانة تَهدِم. وبهذا الدعم المتدرّج سيتجاوز بإذن الله هذه التجربة، ويخرج منها أقوى وأكثر وعيًا بذاته وبالآخرين.

 

روابط ذات صلة:

مفهوم العقاب في الرؤية التربوية الإسلامية

لهذا ستتوقف فوراً عن عقاب ابنك بالضرب

ضوابط التعنيف بين المعلم والتلميذ

الرابط المختصر :