Consultation Image

الإستشارة
  • المستشار : د. عادل عبد الله هندي
  • القسم : مناهج الدعوة ووسائلها
  • التقييم :
  • عدد المشاهدات : eye 41
  • رقم الاستشارة : 2137
19/07/2025

أقيم في دولة اليابان، وهي دولة تتميز بأنها دولة حرة آمنة، يسهل فيها أن تنشر الفكرة الصحيحة بين الناس بسهولة، خاصة أن هذا الجو من الحرية يمنح غير المسلمين فرصة لعرض أديانهم وتشريعاتهم، فكيف أقوم بدعوة هؤلاء غير المسلمين إلى الإسلام؟

وما هي الأساليب المتاحة في بلد كاليابـان؟ أرجو أن تنصحوني بذلك، فإني وليت أن أكون خادمًا لهذا الدين على الوجه الذي يرضي ربي سبحانه وتعالى حيث كنت.

الإجابة 19/07/2025

يا صاحب القلب الطيب، والنية الطاهرة، لقد وقفت على كلماتك بقلبي قبل عيني، وشعرتُ بحُرقةٍ في سطورك تدل على حبٍّ لله، وغيرةٍ على دينه، وحرصٍ على هداية خلقه، وما هذا إلا توفيق من الله لك، فإن الله إذا أحب عبدًا جعله سببًا لهداية غيره. وقد أحسنتَ إذ أدركت أن مقامك في اليابان ليس مجرد إقامة، بل هو ابتلاء وتشريف، فهو ميدان دعوة، وموقع ربّما كتب الله لك فيه أجر أمة.

 

أولاً: فضل الدعوة إلى الله في أرض غير المسلمين

 

اعلم أخي المبارك، أن الدعوة إلى الله في مثل هذه البلاد، هي من أشرف مقامات الدين، وأكثرها أجرًا، قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [فصلت: 33] وقال النبي ﷺ: «لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خيرٌ لك من حمر النَّعم»، فكيف إذا كان من قومٍ لم تبلغه الرسالة بشكل صحيح؟ وهذا ما جعل الصحابة رضي الله عنهم ينتشرون في الأرض، لا ليُكثروا المال، بل ليكثروا الهُدى.

 

ثانيًا: طبيعة الشعب الياباني وسماته التي تُعينك في الدعوة

 

الشعب الياباني يتميز عمومًا بـ:

 

* الاحترام الشديد للغير.

 

* حب النظام والانضباط.

 

* الجدية في التعلم.

 

* الرفق والتواضع.

 

* الانبهار بالقيم النبيلة والعلاقات النظيفة.

 

وهذه الصفات تفتح لك -أيها المبارك- أبوابًا كثيرة للدعوة، فكلما رآك صادقًا، رحيمًا، منظّمًا، متواضعًا، فقد بدأت الدعوة بالفعل... حتى قبل أن تتكلم.

 

ثالثًا: كيف تدعوهم؟ الوسائل والأساليب

 

1) الدعوة بالقدوة والسلوك: كثير من اليابانيين اعتنقوا الإسلام بسبب تعامل المسلمين معهم، لا بسبب الخطب والكتب.

 

- ابتسم، وسلّم بلطف.

 

- كن صادقًا في عملك.

 

- لا تؤذِ أحدًا ولو بإشارة.

 

- ساعد من يحتاج ولو بابتسامة.. قال الله تعالى: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ [البقرة: 83].

 

2) الدعوة بالحوار الهادئ والطرح العقلي، فالشعب الياباني يميل إلى العقلانية والبراغماتية، فاحرص على مخاطبة العقل والمنطق، وابدأ بالقيم المشتركة. قال الله تعالى: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [يوسف: 108]، ولا تلجأ إلى المجادلة العقيمة أو المبالغة في الخطاب العاطفي دون حجة عقلية.

 

3) الدعوة من خلال التعليم والنشاط الثقافي: شارك في ورش العمل الثقافية، قدّم دورات في اللغة العربية أو الخط العربي أو الأخلاق في الإسلام، وزّع كتيبات صغيرة مكتوبة بلغة بسيطة، واستعن بمؤسسات دعوية موثوقة، مثل: المركز الإسلامي في طوكيو، الجمعية الإسلامية اليابانية، ومكتبة الكتب الإسلامية المترجمة في اليابان، مسجد أوتسكا بطوكيو.

 

4) الدعوة عبر العلاقات الشخصية: أقم علاقات ودية وصادقة مع زملائك في العمل أو الجامعة، ولا تفتح الموضوع في البداية بالدين، بل بالصداقة والأخلاق، ثم أدخل المعاني العقائدية رويدًا رويدًا، عبر قصة، أو موقف، أو سؤال.

 

رابعًا: أهم القضايا التي تؤثر في اليابانيين عند عرض الإسلام

 

* النظام الأخلاقي في الإسلام: (الصدق، الأمانة، بر الوالدين، العدل، النظافة...).

 

* الفلسفة الإسلامية حول الحياة والموت: (ما بعد الموت، الغاية من الخلق...).

 

* العبادات التي تربط الروح بالخالق، (الصلاة، الصيام، دعاء القلب، التسبيح والخلوة...).

 

* سيرة النبي محمد ﷺ، وهي مفتاح عظيم لفهم الإسلام. وصدق الله إذ يقول في شأنه وشأن رسالته ﷺ: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107].

 

خامسًا: توصيات ختامية عملية

 

1. اجعل نيتك دائمًا لله، لا للجدال ولا للنقاش فقط.

 

2. تعلّم اللغة اليابانية قدر استطاعتك؛ فهي مفتاح القلوب.

 

3. احرص على العمل مع مؤسسات دعوية رسمية ومنظمة.

 

4. وزّع نسخًا من القرآن الكريم المترجم بلغة مبسطة.

 

5. استخدم وسائل التواصل لنشر الخير باليابانية أو بالإنجليزية المبسطة.

 

6. اصبر ولا تتعجل، فالهداية بيد الله، والقلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن.

 

وأسأل الله أن يثبتك على طريق الحق، وأن يجعلك من ورثة الأنبياء في اليابان، وأن يرزقك قلبًا مشـرقًا، ولسانًا صادقًا، وخلقًا داعيًا، وأن يفتح بك بلادًا وقلوبًا، وأن يجري الخير على يديك حيث كنت.

الرابط المختصر :